تسريع تمعدن الكربون.. نهج جديد لإزالة CO2

بزغت فكرة تسريع تمعدن الكربون كحل فعال في مواجهة التغير المناخي وانبعاثات غاز الدفيئة، يتيح إزالة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في العقود المقبلة، بيد أن هذا الحل لا يزال ينتظر نشره على نطاق واسع.

وتمعدن الكربون، هو تفاعل يحدث بين ثاني أكسيد الكربون (CO2) وبعض المعادن، يحول الكربون إلى معادن في عملية تحدث بشكل طبيعي على مدى مئات أو آلاف السنين.

ولكن يمكن تسريع تمعدن الكربون بطرق عديدة لإزالة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في العقود المقبلة. 

هناك إجماع علمي على أنه إلى جانب التخفيضات الكبيرة للانبعاثات، فإن الوصول إلى هذه الأهداف سيتطلب منا أيضًا إزالة ثاني أكسيد الكربون الموجود بالفعل في الغلاف الجوي. على الرغم من أن التخفيضات العميقة للانبعاثات يجب أن تظل هي الأولوية القصوى، يجب أن تكمل نُهج CDR مثل تمعدن الكربون هذه الجهود.

• النظم الغذائية العربية.. تعزيز المرونة لمواجهة صدمات المناخ
• "الفناء" ثمن مواجهة تغير المناخ.. الانقراض السادس على الأبواب
  

يمثل التمعدن إمكانات كبيرة لإزالة الكربون، ولكنه يفتقر إلى التمويل الكافي للبحث والتوضيح الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى استخدامه على نطاق أوسع. وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسة والاختبار لفهم أفضل لكيفية وأين يمكن أن تكون أكثر فاعلية بالإضافة إلى الآثار البيئية والاجتماعية المحتملة؟

1) ما هو تمعدن الكربون؟

تمعدن الكربون يحدث عندما تتفاعل معادن معينة داخل الصخور مع ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لتكوين الكربونات والمعادن الصلبة التي تزيل ثاني أكسيد الكربون بشكل آمن وتحبسه.

يعمل هذا التفاعل الكيميائي بشكل أفضل مع الصخور المافيكة أو فائقة الماف، والتي تكون شديدة التفاعل مع ثاني أكسيد الكربون، لأنها تحتوي على معادن قلوية مثل المغنيسيوم أو السيليكات الحاملة للكالسيوم. من خلال عمليات الأحواض الطبيعية هذه، يزيل تمعدن الكربون بشكل دائم حوالي 0.3 مليار طن متري (غيغا طن) من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي كل عام، وهو ما يزيد قليلاً على الانبعاثات السنوية لبولندا.

هناك طرق لتسريع عملية التمعدن الطبيعية، مثل الخرسانة. يقدر العلماء أنه يمكن إزالة ما يصل إلى 1 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا من الغلاف الجوي على مستوى العالم بحلول عام 2035، و10 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2050، إذا استثمرنا أموالًا كافية في البحث والاختبار اليوم للتحضير لنشر على نطاق واسع في السنوات القادمة. كمرجع ، تبلغ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية الحالية حوالي 40 غيغا طن.

يمكن أن تستغرق عمليات التمعدن المتسارعة في أي مكان من ساعات إلى سنوات، اعتمادًا على عوامل تشمل التركيب المعدني ودرجة الحرارة والرطوبة ومصادر ثاني أكسيد الكربون والمواد الأولية القلوية المستخدمة في هذا النهج.

2) ما هي طرق تمعدن الكربون المختلفة؟

بشكل عام، يحدث تمعدن الكربون إما في باطن الأرض (المعروف باسم تمعدن الكربون في الموقع) وإما على سطح الأرض (المعروف باسم تمعدن الكربون خارج الموقع أو السطح).

أولًا: التمعدن في الموقع

هناك العديد من طرق التمعدن في الموقع. يتضمن أحدها إذابة ثاني أكسيد الكربون المركز في الماء -تقريبًا مثل تيار الصودا بالحجم الصناعي- ثم حقنه عبر الآبار في الصخور المافيكة أو فوق المافية، والتي تكون شديدة التفاعل مع ثاني أكسيد الكربون. هناك، تتشكل معادن الكربونات من التفاعل، مما يؤدي إلى عزل ثاني أكسيد الكربون. ثم تتم إعادة المياه المستنفدة لثاني أكسيد الكربون إلى سطح الأرض.

تتضمن الطريقة الأخرى حقن ثاني أكسيد الكربون (ثاني أكسيد الكربون المضغوط إلى كثافة مماثلة للماء) في صخور البازلت. تتطلب هذه الطريقة كمية أقل من الماء للحقن، على الرغم من زيادة الطاقة للضغط.

ثانيًا: التمعدن السطحي

يحدث التمعدن السطحي عندما تتفاعل المواد الأولية القلوية، مثل الصخور الملغومة، أو مخلفات المناجم أو النفايات الصناعية، مع ثاني أكسيد الكربون المحيط أو المركّز. عند سحقها، يكون للصخور القلوية مساحة سطح أكبر، ما يؤدي إلى تسريع عملية التمعدن.

يمكن أن يتم التمعدن السطحي في المواقع الصناعية أو المناجم التي تنتج مخلفات المناجم كمنتج ثانوي. إذا تم التقاط ثاني أكسيد الكربون في الموقع، فيمكن جعل هذه المواد الأولية القلوية تتفاعل مع حجم أكثر تركيزًا من ثاني أكسيد الكربون في نفس الموقع، ما يسمح بتفاعل أسرع من ثاني أكسيد الكربون المحيط.

يشمل التمعدن السطحي أيضًا التجوية المحسنة للصخور، حيث يتم طحن الصخور فوق المافية أو المافيك إلى مسحوق وتنتشر على طول السواحل أو الحقول الزراعية. تتفاعل المعادن القلوية الموجودة في مسحوق الصخور مع ثاني أكسيد الكربون المحيط ، وتحبسه في كربونات صلبة. على السواحل، على سبيل المثال، يذوب مسحوق الصخور في مياه البحر، ويحول ثاني أكسيد الكربون المذاب في المياه السطحية إلى بيكربونات وكربونات، مما يتسبب في امتصاص ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في المحيط. تعمل هذه العملية كمضاد للحموضة للمحيطات، مما يرفع درجة حموضة المياه، مما يقلل من تحمض المحيطات المحلية.

3) ما هي الفوائد المحتملة من تمعدن الكربون؟

يمكن استخدام التمعدن لإنتاج منتجات مفيدة. تقوم بعض الشركات بالفعل بتطوير كتل خرسانية عن طريق حقن ثاني أكسيد الكربون المحتجز في الخرسانة قبل أن تتصلب. ينتج عن هذا التفاعل كربونات الكالسيوم، التي لا تقوي الخرسانة فقط مما يسمح باستخدام أقل من الأسمنت، ولكنها أيضًا تحبس ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم. علاوة على ذلك، تحتوي بعض مخلفات المناجم على معادن نادرة وقيمة مثل النيكل أو الكوبالت (اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية) والتي يمكن استخلاصها من خلال تمعدن غير مباشر خارج الموقع.

يمكن أن يساعد التمعدن أيضًا في تقليل بعض المخاطر الصحية المرتبطة ببعض نفايات المناجم. فمخلفات الأسبستوس، على سبيل المثال، التي يتم تخزينها غالبًا في مناجم الأسبستوس المهجورة، تكون سامة عند استنشاقها بسبب شكلها البلوري الليفي. عندما يتفاعل الأسبستوس مع ثاني أكسيد الكربون، فإنه يشكل معادن كربونات المغنيسيوم، ويحتجز ثاني أكسيد الكربون ويغير شكل البلورة، ما يقضي على المخاطر الصحية.