زحف إخواني على قصر قرطاج.. هل يعيد السبسي حسابات الترشح لرئاسة تونس؟
إخوان تونس يعيشون حلما واسعا حاليا للظفر بكرسي الحكم عبر دعمهم للرئيس السابق المنصف المرزوقي للترشح في الانتخابات الرئاسية خلفا للسبسي.
بإعلان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، قبل مدة، عدم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية 2019، انفتحت شهية تنظيم الإخوان الإرهابي لالتهام ما تبقى من السلطة، غير أن مؤشرات على الأرض تتحدث عن إمكانية مراجعة "السبسي" لقرار مغادرة قصر الحكم نهائياً.
وتعيش حركة النهضة الإخوانية حالياً حلما واسعاً للظفر بكرسي الحكم في قصر قرطاج، حيث بدت ملامح ذلك في تكثيف دعمها لكل من الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي ورئيس حكومتها السابق أيضاً حمادي الجبالي للترشح في الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها 17 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وتتزايد المحاولات الإخوانية لدعم المرزوقي والجبالي مع علم التنظيم الإرهابي بأن العقبة الوحيدة أمام طموحاته لفتح المجال التونسي للمليشيات الإرهابية في ليبيا، هو الرئيس السبسي، ما يُرجح كفة استدعاء شخصية مقربة منه فكرياً وأيديولوجياً ليكون مجرد "قطعة شطرنج" يحركها كما يشاء.
وما بين تيار إخواني يرتمي في أحضان تركيا وقطر وآخر حداثي يضع الأمن التونسي ومصلحة دول الجوار فوق كل اعتبار، يرى مراقبون أن الأزمة الليبية أصبحت متقاطعة مع أزمات الجماعات الإرهابية المنتشرة على الجبال المتاخمة للجزائر في تونس.
حشد إخواني للمرزوقي
خميس الرياحي القيادي في حزب المستقبل التونسي (يسار)، أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة الإخوانية تستعد بقوة للنزول بثقلها في الانتخابات الرئاسية، لإعادة تنصيب المرزوقي في قصر قرطاج من جديد.
وأشار "الرياحي" إلى أن إخوان تونس يرون في "المرزوقي" رقماً مطيعاً في مشاريعهم الإقليمية، خاصة إشهاره العداء بشكل واضح ودائم للجيش الوطني الليبي، إضافة إلى مساندته للمليشيات المسلحة.
وبحسب القيادي اليساري، فإن علاقة المرزوقي بالإخوان ليست مستجدة، وإنما انطلقت منذ سنة 2011، ضمن سياق تقاسم المصالح، الذي دفعه إلى استقبال شيوخ الفتنة في قصر قرطاج، مثل يوسف القرضاوي والداعية وجدي غنيم.
وبالفعل، بدأ الحشد التعبوي الإخواني للمرزوقي على شبكات التواصل الاجتماعي، ومساعدته بأموال ضخمة لتنظيم اجتماعاته الحزبية، إذ يبحث إخوان تونس ومن خلفهم أنقرة والدوحة عن رئيس جمهورية يتقاسم معهم مشروعهم الإرهابي، وتثبيت موقعهم المتهاوي بالشرق الأوسط، وفقاً لـ"الرياحي".
وأمام ذلك يرى مراقبون أن الباجي قائد السبسي يمثل ضمانة دبلوماسية وسياسية لبلاده أمام الضغوطات التي يواجهها بهدف تحويل تونس إلى منصة للإرهابيين.
تقارب مع الجيش الليبي
رغم أنه كان خارج التغطية الإعلامية، فإن لقاءً جمع نور الدين بن نتيشة المستشار الخاص الأول للباجي قائد السبسي بوزير الخارجية الليبي عبد الهادي الحويج، مساء الإثنين، يظل محتفظاً بدلالات في تغير البوصلة التونسية تجاه الأزمة الليبية.
لقاء (بن نتيشة- الحويج) أكدت مصادر مقربة من الرئاسة التونسية أنه تناول سبل التعاون الثنائي في القضاء على الإرهاب، مشيرة إلى أن الاجتماع هذا سيكون نقطة أولية لسلسة لقاءات أخرى.
ويتحدد الموقف التونسي في ليبيا وفق أولويات الحرب على الإرهاب، التي كبدتها خسائر بشرية منذ سنة 2011 راح ضحيتها مئات الأمنيين والعسكريين.
ورغم الضغوطات التي تقوم بها حركة النهضة الإخوانية على الرئيس السبسي فإن اجتماع مجلس الأمن القومي التونسي الذي انعقد بشكل عاجل، الإثنين، كان واضحا في بيانه، حيث لم يتضمن أي إشارة إلى الوقوف بجانب حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وهذا يُفهم منه تغيرا تدريجيا للموقف حيال الأزمة الليبية.
السبسي للرئاسية من جديد؟
حزب نداء تونس، وهو الحزب الذي أسسه الرئيس التونسي سنة 2012، يرى أن القائد السبسي هو مرشحهم الطبيعي للانتخابات الرئاسية.
وأوضح الناطق الرسمي باسم الحزب المنهجي الحرباوي أن الضرورة الوطنية تجعل من رئيس الجمهورية أمام حتمية القبول بالترشح مرة أخرى، خاصة بعد النجاحات التي حققها على رأس الجهاز الدبلوماسي التونسي والنجاح التنظيمي للقمة العربية المنعقدة في 31 مارس/آذار الماضي.
وهنا يؤكد عاطف محجوب، الناشط السياسي، في نداء تونس أن السبسي بإمكانه دعم شخصية سياسية أخرى أيضاً للحفاظ على التوجهات الخارجية لتونس وإغلاق الباب أمام الإخوان لتوظيف الدبلوماسية التونسية لمصالحهم الضيقة.
محجوب اختتم حديثه بالتأكيد على أن هناك مخاوف حقيقة اليوم على من سيخلف السبسي في ظرف إقليمي يشهد تغيرات عميقة وانتشارا للإرهاب في أكثر من منطقة ملتهبة في العالم.
وكانت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة التونسية كشفت أن الرئيس السبسي يدرس قراراً بمساندة الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، خاصة بعد زيارة وفد من الكونجرس الأمريكي للبلاد، الأسبوع الماضي.
وربطت المصادر بين لقاء جمع الرئيس التونسي مع مستشاره السابق محسن مرزوق، المعروف بقربه من المشير حفتر، والتوجه الجديد للسبسي تجاه الأوضاع في ليبيا.
وأكدت تونس أن الطائرة العسكرية القطرية، التي حطت في مطار جربة-جرجيس، الأربعاء 17 أبريل/نيسان الماضي، وتحمل 11 عسكريا وأفرادا من الجيش القطري لم تكن لأغراض عسكرية بل فنية فقط.
إلا أن مصادر مقربة من الخارجية التونسية أكدت أن ضغوطات قطرية تركية يقوم بها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، خدمة لأجندات الدوحة وأنقرة، مؤكدة طلب هذا الأخير اللقاء مع الرئيس التونسي في أكثر من مرة خلال الأيام الماضية لمناقشة الموضوع.
وترتبط المليشيات الإرهابية في ليبيا بشكل عضوي بتركيا وقطر، إذ يعود هذا الارتباط إلى سنة 2011، أي منذ الأحداث الدموية التي شهدتها البلاد، ولا تزال أنقرة والدوحة تسعيان بقوة لتحقيق حلم ترجيح كفة الأخطبوط الإرهابي الإخواني، وفقاً لتحليل كثير من المراقبين.
aXA6IDMuMTQyLjI1MC44NiA= جزيرة ام اند امز