تركيا تقر بتحويل سفاراتها لــ"أوكار تجسس" على المعارضة
البعثات الدبلوماسية التركية تنتهك القوانين المحلية للدول المضيفة ومبادئ القانون الدولي بجمع المعلومات والقيام بعمليات استخباراتية
بات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أول مسؤول رفيع المستوى يقر بتحويل بلاده سفاراتها وقنصلياتها بدول العالم لمراكز تجسس على معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان.
موقع نورديك مونيتور السويدي أعاد التذكير بتصريح أدلى به جاويش أوغلو للصحفيين الأتراك في 16 فبراير/شباط الماضي عقب مؤتمر ميونيخ الأمني، حيث قال حينها: "أنشطة التجسس.. الجميع يفعل ما يحلو له (في البلدان الأخرى).. جمع المعلومات الاستخباراتية هو واجب الدبلوماسيين".
وبهذه التصريحات يكون وزير الخارجية التركي قد اعترف رسمياً بأن البعثات الدبلوماسية والقنصلية التركية في جميع أنحاء العالم تقوم بعمليات تجسس "ممنهجة" على منتقدي أردوغان وجمع معلومات عن الأتراك الموجودين خارج بلدهم.
وتسلط تصريحات جاويش أوغلو الضوء أيضاً على حقيقة تلقي الدبلوماسيين المعينين في السفارات التركية تعليمات رسمية من حكومة أردوغان بالقيام بعمليات تجسس.
وبحسب الموقع السويدي، فإن حكومة أردوغان أرسلت عقب محاولة الانقلاب المزعوم عام 2016 ضباط استخبارات جددا إلى البعثات الدبلوماسية بالخارج، كما عينت وزارة الداخلية التركية مستشارين لها بالسفارات التركية في 71 دولة منذ فبراير/شباط 2018.
وتمثلت المهمة الرسمية لهؤلاء "المستشارين"، الذين تم تحديدهم كضباط استخبارات معتمدين من قبل وزير الخارجية التركي كدبلوماسيين، في تنسيق التعاون في مجال إنفاذ القانون بين تركيا والدول المضيفة، لكن تصريحات جاويش أوغلو تؤكد أن مهمتهم الحقيقية هي التجسس على منتقدي أردوغان.
وتنتهك البعثات الدبلوماسية التركية بصورة لا تدع مجالا للشك القوانين المحلية للدول المضيفة ومبادئ القانون الدولي بجمع المعلومات والقيام بعمليات استخباراتية شاملة.
وفي أعقاب الانقلاب المزعوم في 15 يوليو/تموز 2016، بدأت بعض الدول الغربية التحقيق في أنشطة التجسس ضد الأتراك والمنظمات التركية في الخارج من قبل موظفي وزارة خارجية أردوغان وممثلين عن السلطات المختصة والأئمة وضباط المخابرات المعتمدين كدبلوماسيين.
وقد بدأ المدعي العام السويسري، عام 2018، تحقيقاً جنائياً في قيام دبلوماسيين أتراك بالتجسس على الجالية التركية في بلاده.
حينها، أكدت وزارة الخارجية السويسرية أن الاتهامات الواردة في الدعوى الجنائية لا تأتي ضمن المهام الدبلوماسية، وبالتالي لا يمكن للأشخاص المعنيين الاستفادة من الحصانة، ما دفع اثنين منهم إلى مغادرتها سريعا.
وبالإضافة إلى الممثلين الدبلوماسيين، تنخرط مساجد ومؤسسات دينية ذات صلة بتركيا هي الأخرى في عمليات التجسس التي تقوم بها حكومة أردوغان في أوروبا.
ولعل هذا ما يفسّر تعرض منظمات تركية في العديد من الدول الأوروبية لتفتيش من قبل الشرطة بسبب شكوك بشأن تجسسها على أشخاص يشتبه في أنهم أعضاء في حركة عبدالله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء الانقلاب المزعوم قبل 4 سنوات.
وكان موقع نورديك مونيتور قد كشف، في وقت سابق، عن مراسلات رسمية من وزارة الخارجية التركية أثبتت طرق جمع الدبلوماسيين معلومات عن أنشطة منتقدي أردوغان، وتحوي هذه المراسلات وصفا لأنشطة منظمات وسردا لأسمائها كما لو كانوا جزءا من منظمة إرهابية.
وتأتي هذه المراسلات في جزأين؛ الأول يحتوي على معلومات حول كبار منتقدي نظام أردوغان، بينما يتضمن الثاني تفاصيل هيكل الحركة في كل بلد وقائمة كاملة بالأشخاص الذين يُعتقد أنهم ينتمون إلى الحركة؛ حيث أكدت الوثيقة عملية التجسس الواسعة التي قامت بها البعثات الدبلوماسية التركية.
هذه الملفات التي يجري إعدادها في السفارات التركية كانت سببا في العديد من الملاحقات الجنائية بتهمة الإرهاب، ففي تركيا، تم وضع أكثر من نصف مليون شخص ينتمون إلى حركة غولن قيد الاحتجاز خلال عامين ونصف العام فقط بتهم مماثلة.
وفي بعض الحالات، تم وصف منظمات خارج تركيا، تعمل بتصريح من الدول المضيفة، بأنها "كيانات إرهابية" من قبل البعثات الدبلوماسية التركية، في تناقض واضح مع منظور السلطات المحلية.
aXA6IDMuMTQ1LjkyLjk4IA==
جزيرة ام اند امز