احتفالية في بيت السناري بمئوية ميلاد الشيخ إمام
بالاشتراك مع جمعية محبي الشيخ إمام تنظم مكتبة الإسكندرية أمسية فنية احتفالا بمئوية ميلاد الشيخ إمام تستعيد فيها تراثه الغنائي.
ينظم بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب في القاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية؛ بالاشتراك مع جمعية محبي الشيخ إمام، أمسية فنية احتفالاً بمئوية ميلاد الشيخ إمام "مغني الشعب"، الخميس 19 يوليو/تموز الجاري في تمام الساعة السابعة مساءً، في ظل أجواء من العرفان والتقدير للشيخ إمام داخل مصر وخارجها.
وتنطلق أولى فقرات الحفل مع الفنانة الكبيرة عزه بلبع، أو "صوت الحرية" كما يطلق عليها، رفيقة درب الثنائي الشهير الشيخ إمام عيسى وأحمد فؤاد نجم، ويحيي الحفل فرقة "الأوله بلدي" التي أسست لتُحيي تُراث الفنان الراحل الشيخ إمام عيسى في البلدان العربية والأجنبية، من خلال أغنياته التي عبرت عن حبه الشديد لمصر، وترجمت أوجاع الناس وشكواهم في تلك المرحلة المهمة من تاريخ مصر، في صورة قصائد كتبها الشعراء أحمد فؤاد نجم، فؤاد قاعود، سيد حجاب، نجيب سرور وغيرهم، ويختتم الحفل الفنان والمغني أشرف نجاتي، وهو من المهتمين بإعادة إحياء تراث الشيخ أمام، ويتخلل ذلك عرض تاريخي مصور يجسد حياة وأفكار وأعمال الشيخ إمام.
السيرة الحياتية والفنية للشيخ إمام
يعد الشيخ إمام ظاهرة فنية وثقافية نادرة في التاريخ العربي، ولم يسبق لموسيقي أو مغني أن كرّس حياته وفنه للدفاع عن القضايا وعمّا يؤمن به إلى الحد الذي فعله الشيخ الظاهرة.
اسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى، وولد عام 1918 في قرية "أبو النمرس" بمحافظة الجيزة، لأسرة فقيرة وكان أول من يعيش لها من الذكور، أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد وفقد بصره بسبب الجهل الحالك واستعمال الوصفات البلدية في علاج عينيه، واتجه في طفولته لتعلم القرآن الكريم، ثم احترف الإنشاد الديني، وغنى عدداً من الأغنيات السياسية، أشهرها "مصر يامه يا بهية"، "يا مصر قومي وشدي الحيل"، "يا فلسطينية والبندقاني رماكم"، "جيفارا مات"، "فاليري جيسكار ديستان"، "رجعوا التلامذة"، "حاحا"، "تل الزعتر"، و"يا حبايبنا".
يقول رئيس جمعية "محبي الشيخ إمام"، سيد عنبة، إن هذا الفنان الضرير أدى دوره نحو وطنه بما يفوق كثيراً من المبصرين، وإنه جسد صلابة وعناد الشعب المصري في مواجهة عثرات الزمان، ولم يمنعه فقد البصر من أن يكون مواطناً فعالاً في الحياة، وأن يتخذ لنفسه أسلوبه الخاص في التلحين والغناء، منطلقاً من أرضيته الدينية الخصبة، حتى أصبح رائداً لما يمكن أن نسميه موسيقى الرأي وغناء الرأي.
بدأ الشيخ إمام حياته قارئاً، وتعلم المقامات الموسيقية على يد أستاذه الشيخ درويش الحريري، الذي احتضنه ورعاه مدة تقترب من 20 عاماً، ثم تعلم وأجاد العزف على العود، وأبدع من الألحان، عدداً وقيمةً، ما يضعه في مصاف كبار الملحنين، كما أنه أضاف إلى فن التلحين الكاريكاتيري، والتلحين التراثي إضافات واضحة، ناهيك عن أنه تميز بقدرة هائلة على مسرحة الكلمات وأدائها بشكل يجعلها مجسدة للمعنى تماماً.
من المحطات المهمة في حياة إمام لقاؤه بالشاعر أحمد فؤاد نجم بالمصادفة عام 1962، وبدأت بينهما حالة من الوفاق والوئام وتكوين ثنائي شعري وغنائي استطاعا به التعبير عن نبض الشارع المصري خلال فترة الستينيات والسبعينيات، كما كانت هزيمة حرب يونيو/حزيران 1967 تحولاً مهما في مسيرة الشيخ إمام ونجم الفنية واستطاعا بأغانيهما الساخرة مثل "الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا"، و"يعيش أهل بلدى"، و"حاحا"، وأغنية "صباح الخير" التعبير عن الروح الانهزامية التي سادت أوساط المثقفين والنخبة المصرية والعربية في تلك الفترة.
نتيجة لتلك الحالة الثورية في أغانيهما عانى الشيخ إمام ونجم سنوات طويلة سنوات من الملاحقة الأمنية والسجن، وظلا يتنقلان من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر، ثم سرعان ما اختفت هذه النغمة الساخرة الانهزامية بعد حرب أكتوبر /تشرين الأول 1973 وحلت مكانها نغمة أخرى مليئة بالصحوة والاعتزاز بمصر مثل "مصر يا أمة يا بهية".
نال الشيخ إمام تكريماً خاصاً في قلوب ملايين من العشاق الحالمين في مصر والوطن العربي طوال فترة الستينيات حتى التسعينيات، وأقام حفلات للمصريين والعرب في فرنسا، بالإضافة إلى جولاته في العديد من الدول العربية مثل تونس، وفي بداية الثمانينيات اكتفى بإقامة بعض الحفلات داخل مصر، وفي التسعينيات انعزل إمام في حجرته المتواضعة في حي الغورية الشعبي، حتى توفي في هدوء في 7 يونيو 1995، تاركاً خلفه ملايين من المحبين الحالمين بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
aXA6IDE4LjIyMi4xODIuMjQ5IA== جزيرة ام اند امز