نادٍ للشطرنج يغير حياة "مدن الصفيح" في نيجيريا
عادة تُخاض عشرات المباريات في هذه اللعبة التي لا تكون بمتناول الطبقات الفقيرة في أكثر بلدان أفريقيا تعدادا للسكان
يحاول أطفال لا تتعدى سن بعضهم السنوات الـ3 التركيز على النقلة المقبلة أمام رقع شطرنج في لاجوس، ضمن مشروع يريد القائمون من خلاله بعث الأمل لدى سكان المدينة النيجيرية المترامية الأطراف.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، أطلق تونده أوناكويا، وهو لاعب مخضرم، مشروع "تشيس إن سلامز" (شطرنج في مدن الصفيح) في إيكورودو الواقعة في ضاحية لاجوس التي يشعر سكانها على الدوام بأنهم مهمشون عن أي نشاط.
وعادةً تخاض عشرات المباريات في هذه اللعبة التي لا تكون بمتناول الطبقات الفقيرة في أكثر بلدان أفريقيا تعداداً للسكان.
ويهدف هذا النادي إلى توفير فسحة لتعلم لعبة الشطرنج لشباب إيكورودو الذين لا يرتاد الكثير منهم المدرسة بل يعملون لمساعدة عائلاتهم.
ويفسر أوناكويا (24 عاماً) لتلاميذه الصغار: "نكسب أحياناً ونخسر أحياناً أخرى، ردة فعلكم هي التي تجعل منكم أبطالاً، لا تكتئبوا في حال خسرتم، ركزوا وابذلوا قصارى جهدكم".
أغانٍ وتوقيت
أقيم النادي تحت خيمة في باحة، وقد نجح خلال سنة في استقطاب لاعبين متحمسين.
وإلى جانب رجال مسنين يتابعون مباراة لكرة القدم عبر التلفزيون، يعمد نحو 10 متطوعين إلى توزيع المشاركين على مجموعات، ويغني الأصغر من بينهم أغاني أطفال حول لعبة الشطرنج لتعلم قواعدها، فيما يستعد الأكبر سنا منهم لخوض المباريات.
ويستخدم الأطفال تطبيقات هاتفية من أجل توقيت نقلاتهم ويدونون النتائج في دفاتر صغيرة ليتمكنوا من تحليلها لاحقا.
وتضم نيجيريا مجموعة صغيرة من الشغوفين بممارسة هذه اللعبة التي تعتمد على الاستراتيجية.
ويحتل هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا المرتبة الـ88 بين 186 بلدا في تصنيف أفضل اللاعبين الذي يضعه الاتحاد العالمي للشطرنج، إلا أنه لا يعد أي معلم كبير.
وتحظى ألعاب أخرى تعتمد الرقعة بشعبية أكبر في نيجيريا مثل "سكرابل" التي فاز من خلالها نيجيريون بمسابقات كثيرة، ويحتل 29 نيجيريا مواقع بين أفضل 100 لاعب "سكرابل" في العالم متقدمين على كل الدول الأخرى.
غذاء للدماغ
ويرى أوناكويا أن السبب في قلة شعبية الشطرنج عائد إلى أن الناس ينظرون إليه على أنه لعبة صعبة موجهة لأشخاص من طبقة اجتماعية مختلفة عن طبقتهم.
إلا أن هذا الأستاذ الذي تعلم الشطرنج في المدرسة أوضح أنه يؤمن بهذه اللعبة، لأنها تحسن القدرات الذهنية والحس الخلاق والتركيز، واصفا إياها بأنها "غذاء للدماغ".
وأصبح مستشاراً لمدارس خاصة أرادت إضافة اللعبة إلى برنامجها فأنشأ العام الماضي نادي إيكورودو ليطال خصوصا أطفالا ينتمون إلى أوساط فقيرة.
وأكد أوناكويا: "إيكودورو مكان صعب.. فيه الكثير من المشاكل والفقر.. لكنني اعتبرت أنه من المفيد مساعدة الأطفال هنا، لأن الكثير منهم موهوبون جداً، وهذا الأمر قد يبرز قدراتهم ويعزز ثقتهم بأنفسهم".
باب للفرص
وحقق النادي نجاحات عدة، فقد انضمت أودونايو أولوكويا (10 سنوات) إلى النادي في يناير/كانون الثاني، وبعد 4 أشهر حلت أولى في البطولة الوطنية للشطرنج في فئتها العمرية.
وتغيرت حياة جاميو نينيلوو (14 عاما) بانضمامه إلى النادي في فبراير/شباط، إذ كان المراهق النحيل يعمل في تصليح السيارات في إيكورودو ولا يرتاد المدرسة، فكان عليه أن يحصّل المال لمساعدة عائلته بعدما طحنت رجل والدته في حادث خلال عملها في مكب للنفايات.
وأصبح جاميو نينيلوو أفضل لاعب في النادي، وبعد فوزه بدورة في أبريل/نيسان اتصل متبرع أعجب بموهبته بالنادي واقترح تمويل دراسته.
ويروي المراهق: "ممارسة الشطرنج ستساعدني لكي أصبح مهندساً ميكانيكياً لأنها سمحت لي بالعودة إلى المدرسة".
وسمح المشروع بلفت الانتباه إلى أطفال آخرين مهمشين بفضل أشرطة فيديو بثت عبر "أنستقرام" تبرز مواهب يحجبها البؤس اليومي، فقد اقترح مهندس معماري نيجيري معروف رعاية طفل في الـ11 رآه يعد مجسمات كرتونية.
وقال تونده أوناكويا: "في البداية كان الهدف تعليم الأطفال لعبة تغير نظرتهم للعالم وتعزز ثقتهم بالنفس، لكنه أصبح أكثر من ذلك، فقد باتت بابا مفتوحا على فرص أخرى".
aXA6IDQ0LjIyMi44Mi4xMzMg جزيرة ام اند امز