مقعد أفريقي دائم في مجلس الأمن.. دعوات لتصحيح «ظلم تاريخي»
لا يكاد يخلو منتدى عن أفريقيا من إقرار بـ«ظلم تاريخي» تعرضت له القارة السمراء ودعوات لرفعه.
لكن تلك الدعوات غالبا ما تذهب أدراج الرياح في ختام المنتدى أو المؤتمر، وتتحول إلى مجرد توصية في البيان الختامي بمنح أفريقيا مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي.
ورغم تهافت القوى الدولية على حجز نفوذ لها في أفريقيا فإن تلك القوى لم تتخذ إجراءات من شأنها تحقيق حلم «القارة السمراء».
آخر تلك الدعوات أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الخميس، في افتتاح قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك) 2024 في قاعة بكين، مؤكدا ضرورة «تصحيح ما لحق بالقارة السمراء من ظلم تاريخي».
وقال غوتيريش "من المخزي ألا يكون للقارة الأفريقية مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي".
وانطلقت اليوم في بكين قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، وزعماء وممثلي 50 دولة أفريقية وتستمر للغد.
«عدالة التمثيل الدولي»
وطالما ظل إصلاح منظومة الأمم المتحدة بتوسيع عضوية مجلس الأمن الدولي أملا لشعوب العالم الثالث، فأفريقيا صاحبة المقاعد الثلاثة ضمن 10 مقاعد غير دائمة العضوية في المجلس، لا تملك أي مقعد دائم فيه.
وفي هذا الإطار سعت أفريقيا منذ عقود إلى تحقيق «عدالة النظام الدولي»، وأطلق زعماؤها في عام 1999 «إعلان سرت» لإصلاح الأمم المتحدة، وفي عام 2005 اعتمد الاتحاد الأفريقي إجماع إيزولويني (في سوازيلاند)، وفيه تبنت دول القارة موقفا مشتركا يُطالب بمنحها مقعدين دائمين يتمتعان بجميع حقوق وامتيازات العضوية الدائمة، بما في ذلك حق النقض (الفيتو)، فضلاً عن خمسة مقاعد غير دائمة في المجلس.
مبررات أفريقيا
وتنطلق المطالب الأفريقية من عدة أسباب موضوعية، منها:
• القارة تمتلك 28% من عضوية الأمم المتحدة، إذ يبلغ عدد دول القارة 54 دولة من إجمالي 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، وهي ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان (أكثر من مليار نسمة).
• قضايا القارة السمراء تهيمن على مداولات مجلس الأمن، خصوصا الاضطرابات الأمنية والصراعات المسلحة فيها، لذا يلزم سماع آراء أصحاب الأزمات أنفسهم.
• أفريقيا هي الأكثر تضررا من الأزمات الدولية المستجدة، مثل التغير المناخي والإرهاب واللاجئين وانعدام الأمن الغذائي.
لا معارضة دولية.. ولا إرادة
ولا تعارض أي من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن علنا الموقف الأفريقي، فالولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، تنادي بتمثيل أفريقيا بعضوية دائمة في المجلس.
فالدعوات التي انطلقت من بكين اليوم هي ذاتها التي صدح بها القادة والزعماء في منتديات مماثلة، وهي:
• القمة الأفريقية الأمريكية في واشنطن في ديسمبر/كانون الأول من عام 2022.
• القمة الروسية الأفريقية في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية في يوليو/تموز من عام 2023.
• قمة الاستثمار البريطانية-الأفريقية في لندن في أبريل/نيسان الماضي.
• مؤتمر القمة الأفريقي الفرنسي في مونبلييه في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021.
تحديات أمام العضوية الدائمة
ويظل تحقيق هدف التمثيل الدائم للقارة السمراء في مجلس الأمن يواجه عدة تحديات، منها:
• عدم توحد دول القارة نفسها خلف موقف مشترك بشأن تسمية ممثليها في مجلس الأمن، إذ ترى دول عدة أحقيتها في الحصول على هذا المقعد.
• العرقلة المحتملة من الدول دائمة العضوية لحصول غيرها على تلك العضوية، على الرغم من تبنيها جميعا مطالب القارة السمراء، فحصول أية دولة أفريقية على «الفيتو» سيعرقل الكثير من قرارات الدول الخمس الكبرى.
• صعوبة تعديل ميثاق الأمم المتحدة، كون هذا التعديل يتطلب موافقة كل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العامة.