لا تكاد المواجهات بين تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، وسط مالي وفي منطقتها الحدودية مع بوركينا فاسو تهدأ إلّا وتندلع من جديد.
ولا يبدو أن تلك الاشتباكات، التي تهدف للسيطرة على المنطقة، ستنتهي في وقت قريب، لأن الأنباء الواردة من عين المكان تفيد بأن فرع تنظيم داعش لا يزال يتلقى أسلحة ومقاتلين جددا قادمين من بوركينا فاسو.
وتتحول الحرب بين التنظيمين الإرهابيين إلى صراع خاص بين ما يسمى "فرع القاعدة في المغرب الإسلامي" (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) و"تنظيم داعش في الصحراء الكبرى". وحسب سير العمليات، يبدو أن هدف تنظيم داعش واضح للغاية ويتمثل في إنهاك "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين". ويدرك تنظيم داعش جيداً أنه عندما طلب الظواهري، زعيم القاعدة، في عام 2017، من فروع التنظيم توحيد مجموعاتها في الصحراء والساحل لتشكيل ما يسمى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، كان يعلم بنوايا داعش للتوسع مستقبلاً على حساب القاعدة.
ومما لا شك فيه أن شيئاً ما تغير. وتتألف "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" من مجموعات: "أنصار الدين والمرابطون" و"إمارة الصحراء" التابعة لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" و"جبهة تحرير ماسينا". وكما هو معلوم، فإن لكل مجموعة منطقة عملياتها وكذلك مخاوفها. وفي حال أنصار الدين، تتخذ الجماعة من الدفاع عن الطوارق واستقلال شمال مالي منهجاً لها. وتدافع جبهة تحرير ماسينا عن منطقة ماسينا في وسط مالي وفي نفس الوقت تعتبر نفسها حامية لعرقية "البيول". وإذا أخذنا في الاعتبار أنه من بين القادة الأربعة الذين أسسوا الجماعة، لا يزال اثنان فقط على قيد الحياة، ولم يعد يصلهم أي دعم أو إسناد باستثناء المعنوي، وفي هذه الحالة ضد تنظيم داعش، ولكن أيضاً ضد الجيش الفرنسي في مالي وبوركينا. وأمام هذه الوضعية، لا ينبغي أن تفاجئنا أي عملية للتنظيم في الأشهر المقبلة. وتدرك جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أنها لا تستطيع الانتظار حتى تضعف تماماً لتكون في وضع يسمح لها بعقد اتفاق مع أي من أعدائها لأنه في هذه الحالة ستُهزم.
ويريد تنظيم داعش، بأي ثمن، السيطرة على الحدود الثلاثية لمالي والنيجر وبوركينا، وتظهر لنا الأرقام أنه ضاعف هجماته في المنطقة خلال عام 2020. وبسبب رفض السكان المحليين له، لم يكن تقدمه بالسرعة التي يريدها، على الرغم من أنه يتخذ من السكان مصدراً للتمويل في مجال تعدين الذهب الحرفي. وإذا ألقينا نظرة على خريطة مناجم الذهب في المنطقة، والتي تشهد هي الأخرى مواجهات بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش، فسنلاحظ أن العديد من الاشتباكات تتم بالقرب من مناطق التعدين من أجل بسط السيطرة عليها. هذا المعطى يجب أن تضعه السلطات المحلية والدولية في الحسبان، لأن اهتمام الإرهابيين بالذهب يمتد إلى الحدود مع بنين وتوغو.
وبالاتجاه إلى أقصى جنوب القارة السمراء، في نيجيريا، كان الأسبوع الماضي مأساوياً للغاية بالنسبة لـ 344 طالباً الذين تم اختطافهم من مدرسة في كانكارا. وفي الآونة الأخيرة، نلاحظ أن عمليات الخطف لم تعد تنفذها الجماعات الإرهابية بنفسها، بل أصبحت توكل المهمة للعصابات التي تنفذ الخطف، ثم يبيعون الرهائن لاحقاً للإرهابيين. ويبدو أن هذا ما حدث مع بوكو حرام، التي أعلن زعيمها، أبو بكر شيكاو، مسؤوليته عن عملية الاختطاف، بينما كان لا يزال يُجري محادثات مع الخاطفين. لقد علمتنا تجربة عمليات الاختطاف الأخيرة في النيجر ونيجيريا أهمية التحرك قبل نقل الرهائن إلى الوجهة النهائية. وبهذه المناسبة، نشيد بالتدخل السريع والإفراج عن 344 طالباً على الأقل. تهانينا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة