تغير المناخ والصحة العقلية للأطفال.. 2.2 مليار في خطر
ترك تغير المناخ بصمته على مختلف الدول مؤخرا، بعضها أغرقها بمياه الفيضانات والسيول، وأخرى أشعل الحرائق بغاباتها بعد موجات حر قياسية.
ووفقًا لأحدث تقييم للجنة الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن التأثيرات الآن واسعة الانتشار وسريعة ومكثفة بل إن العديد منها لا رجعة فيها، حيث تستمر التغييرات في المحيطات والصفائح الجليدية ومستويات سطح البحر لآلاف السنين.
العواقب الوخيمة للتغير المناخي لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل الصحة العقلية للأطفال والمراهقين.
في أغسطس، كشف صندوق الأمم المتحدة للطفولة أن نصف أطفال العالم البالغ عددهم 2.2 مليار طفل معرضون لخطر شديد للغاية من آثار تغير المناخ.
ونشرت أكثر من 230 مجلة رعاية صحية منذ ذلك الحين افتتاحية مشتركة تدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الضرر الكارثي للصحة الناجم عن تغير المناخ.
تؤثر الاضطرابات العقلية على أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم كل عام، وهي سبب رئيسي لعبء المرض العالمي.
ويتضاعف خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب والانتحار لدى الأشخاص المعرضين لظواهر الطقس المتطرفة، مثل الأعاصير وحرائق الغابات.
ووفقا للصندوق الدولي فإن 15-60% من الأطفال المعرضين لمثل هذه الأحداث يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب.
ولا يتلقى معظم الأطفال الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الذين يعيشون في البلدان ذات الدخل المرتفع، أي علاج.
عواقب تغير المناخ على الصحة العقلية للأطفال
يؤدي تغير المناخ إلى خلق مخاطر جديدة للأطفال والمراهقين، لأنه يؤدي إلى سلسلة من التغيرات التنموية غير الطبيعية التي تتفاعل بطرق معقدة، ما يقوض النضج النفسي الصحي لهم.
في ورقة بحثية، كشف مختصون أن تغير المناخ يؤثر بالفعل على النمو النفسي الصحي للأطفال في جميع أنحاء العالم، مع العلم أن هذه التأثيرات تبدأ قبل الولادة وتمتد عبر السنين وسوف تتسارع مع تفاقم الأزمة.
ووفقا لموقع medicalxpress، فإنه حتى قبل الولادة يمكن للضغوط البيئية الحادة مثل الأعاصير وحرائق الغابات والفيضانات وموجات الحرارة أن تصيب الأم بصدمة جسدية وعقلية، ما يضر بالجنين ويزيد من مخاطر تعرضه للأمراض طوال الحياة.
ترتبط الضغوطات شبه الحادة مثل موجات الحر الصيفية بزيادة خطر حدوث مضاعفات الولادة وأيضا الولادة المبكرة، وهي عوامل خطر راسخة للعديد من الاضطرابات النفسية الرئيسية.
من الولادة وحتى سن الخامسة، يكون الأطفال معرضين بشدة للإصابة بالأمراض المعدية والسموم البيئية والتعرض للحرارة والجفاف.
كما يمكن أن تؤخر مشاكل الصحة البدنية الوصول إلى المعالم التنموية في مجالات مثل الإدراك واللغة، وهذه تتفاعل مع ضعف الصحة العقلية وتزيدها.
في فترة الطفولة المتوسطة (من 6 إلى 12 عامًا)، يظل الأطفال عرضة للضغوط البيئية الحادة والمزمنة، ويصبحون أكثر قدرة على فهم تغير المناخ وتأثيراته المتوقعة، ما يزيد من قدرتهم على تجربة التوتر والقلق بشأن عواقب العيش على كوكب دافئ.
أما في فترة المراهقة، التي تتميز بالتغيرات الفسيولوجية والهرمونية والاجتماعية الرئيسية، فإن العديد من الشباب يشعرون بالإرهاق من التحديات المناخية التي تظهر.
يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة ومدة الضغوط المرتبطة بالطقس، مثل الجفاف وموجات الحرارة والأعاصير والفيضانات، ما يعرض المراهقين لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب ويضر بمرونة الصحة العقلية على المدى الطويل.
يمكن لموجات الحر وحدها أن تعطل النوم والتعلم وأداء الاختبار المعرفي ومعدلات التخرج من المدرسة الثانوية.
أيضا هذه العوامل قد تعرقل الانتقال الصحي إلى مرحلة البلوغ وتضر بالآفاق الاجتماعية والاقتصادية على المدى الطويل.
موقف الأطفال من تغير المناخ
كشفت دراسة ضخمة حول الموقف تجاه تغير المناخ أن الأطفال قلقون بشأن المستقبل ويشعرون بخيبة أمل نتيجة موقف الحكومات من أزمة المناخ.
سأل الاستطلاع الأكبر من نوعه نحو 10000 شاب في 10 دول عن شعورهم حيال تغير المناخ واستجابات الحكومات له.
ووفقًا للمسح الذي شمل أعمارا تتراوح بين 16 و25 عامًا، تسبب تغير المناخ بالضيق والغضب والمشاعر السلبية الأخرى لدى الأطفال والشباب في جميع أنحاء العالم.
خلال الاستطلاع الذي نشرت نتائجه في نسخة أولية 14 سبتمبر، أفاد نحو60٪ من المشاركين بأنهم شعروا "بقلق شديد" أو "قلقون للغاية" بشأن تغير المناخ، بينما قال 45٪ إن مشاعرهم تجاه تغير المناخ أثرت على حياتهم اليومية.
الشباب أيضا ربطوا في إجاباتهم العديد من المشاعر السلبية بتغير المناخ، وأكثرها شيوعًا كانت "حزينة" و"خائفة" و"قلق" و"غاضب" و"عاجز".
عندما سُئلوا عن كيفية استجابة الحكومات لتغير المناخ ، وافق 65٪ على القول بأن الحكومات تخذل الشباب، و64٪ اتفقوا على أنهم يكذبون بشأن تأثير الإجراءات المتخذة، و60٪ وافقوا على رفضهم لضيق الناس، بينما وافق 36٪ فقط على أن الحكومات تتصرف وفقًا للعلم.
ونقل موقع Nature عن الباحثين الذين أجروا الاستطلاع قولهم إن هذا "القلق البيئي له تأثير سلبي على حياة الأطفال اليومية، ويرجع جزئيًا إلى الشعور بأن الحكومات لا تفعل ما يكفي لتجنب كارثة مناخية".
aXA6IDE4LjIxNy4xNjEuMjcg جزيرة ام اند امز