رحلة الهدف 1.5 درجة مئوية.. COP28 ينتصر لكوكب الأرض (تحليل)
في النهاية انتصر مؤتمر الأطراف للمناخ COP28 الذي أسدل الستار عليه بالبيان التاريخي "اتفاق الإمارات" الذي حافظ فيه على الهدف المناخي العالمي الأسمى المعروف بـ"هدف 1.5 درجة مئوية".
وأقر ممثلو 197 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي في مؤتمر الأطراف COP28 بمدينة إكسبو دبي، اليوم الأربعاء، "اتفاق الإمارات" التاريخي للمناخ الذي يضع العالم على مسار العمل المناخي الصحيح للحفاظ على البشرية وكوكب الأرض.
وصدق مؤتمر الأطراف COP28 في الإمارات على اتفاق دولي تاريخي غير مسبوق للتصدي لتداعيات التغير المناخي، الذي يشكل نقطة تحول استثنائية في مسيرة العمل المناخي الدولي.
- الأضخم والأعلى طموحا.. قراءة في أهم قرارات COP28
- هدف عالمي جديد للتكيف.. حاجة ملحة للبناء على إنجازات COP28
وعقد مؤتمر الأطراف جلسة مهمة لعرض صيغة النص النهائية التي تم التوصل إليها، ووصفت بالتاريخية فيما تعهد 198 طرفا بالإجماع على الحد من الانبعاثات الكربونية مما ساهم في الوصول لمستهدفات COP28 وتجاوز الطموحات المحددة.
وحقق COP28 نتيجةً تحترم العلم وتحافظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية استجابةً للحصيلة العالمية.. فيما شهد مؤتمر الأطراف جهودا تفاوضية ودبلوماسية قامت بها رئاسة المؤتمر على مدار العام للتواصل مع كافة الأطراف تمهيداً للمؤتمر.
رحلة الهدف 1.5 درجة مئوية
وضع العالم نصب أعينه وعلى راس أجندته للعمل المناخي لإنقاذ كوكب الأرض والحفاظ على إمكانية العيش هدفا تدور حوله كل الجهود أطلقوا عليه الهدف "1.5 درجة مئوية"، تمكنه من مكافحة الفوضى المناخية الناجمة عن تغير المناخ التي تهدد مستقبل الكوكب بأكمله.
فبعد أن ارتفعت درجة حرارة الأرض الآن بمقدار 1.1 درجة مئوية من مستويات ما قبل الصناعة، وفقا لدراسات علمية، كان لا بد من كبح ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية.
وهنا جاءت صناعة الهدف وانطلاقه في اتفاق باريس عام 2015 الذي ألزم الدول بالعمل على بقاء متوسط الزيادة في درجة حرارة الكوكب تحت درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، واستهداف قصر الزيادة على 1.5 درجة مئوية.
ولكن بعض الأبحاث المناخية تقول إنه حتى إذا خفض العالم الانبعاثات بدرجة كبيرة خلال العقد المقبل، فقد يرتفع متوسط درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية بحلول 2040 وربما 1.6 درجة بحلول 2060 قبل أن يستقر.
وأشارت إلى أن الموجات الحارة تزيد بوتيرة أكبر من أي ظروف مناخية قاسية أخرى نتيجة تغير المناخ، وأن الموجات شديدة الحرارة التي كانت تحدث مرتين في القرن فحسب قد تحدث تقريبا مرة كل ست سنوات مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية وهو معدل تخطاه العالم خلال عقدين.
ماذا لو لم يتحقق الهدف؟
وفقا لـ “للتقرير الأول من التقييم السادس” الصادر عن فريق الأمم المتحدة الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ في أغسطس/آب 2021، ارتفعت درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه تاريخيا، إلا أن الموجات شديدة الحرارة التي كانت تحدث مرتين في القرن فحسب، زادت خمس أضعاف، وأصبحت تحدث مرة كل 10 سنوات.
ولكن ماذا توقع العلماء لو فشل العالم في الوصول لهدف الحفاظ على ارتفاع 1.5 درجة مئوية؟
- تكرار وتيرة الموجات شديدة الحرارة بشكل أسرع، قد تصل لـ 14 ضعف، أي 28 مرة في القرن بدلًا من مرتين، وستكون أشد حدة.
- الوصول إلى درجتين مئويتين يعني فقدان 99٪ من الشعاب المرجانية، التي تدعم سلاسل الأغذية البحرية بأكملها في المحيطات.
- ذوبان الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية للأبد.
- ارتفاع مستوى سطح البحر 5 أمتار (حوالي 16 قدما)، وهو ما يكفي لإغراق أجزاء كبيرة من أغلب المدن الساحلية في جميع أنحاء العالم.
- كل عُشر درجة نتجاوزها فوق 1.5 درجة مئوية تجعل الأضرار المناخية أكبر بكثير، ويصعب احتواء الأزمة.
- عندما تتجاوز عتبة درجة ونصف، سوف يصبح من الصعب على البشر احتواء الأزمة أو التكيف مع أثارها.
ما المطلوب لتحقيق الهدف؟
أكد تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن العالم لا يزال قادرا حتى اللحظة على توفير المعرفة والأدوات اللازمة للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، بما في ذلك معالجة الجوانب التكنولوجية بالإضافة إلى الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية.
وينبغي للبشر في سبيل الوصول لهذا الهدف الاخذ في الاعتبار مجموعة من الخطوات المهمة ابرزها:
- تخلي الاقتصاد العالمي عن النفط والغاز والفحم.
-التحول إلى الطاقة النظيفة ومنها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة غير الكربونية.
- وضع حد لإزالة الغابات بعدم التوسع في إنتاج لحوم البقر عبر تخصيص تلك المساحات لرعاية الماشية، أو لزراعة فول الصويا وزيت النخيل.
- خفض الطلب على الوقود بتحولات جذرية في قطاع النقل العالمي والتوسع في استخدام السيارات الكهربائية
- إعادة تصميم المدن والضواحي بطرق تناسب تلبية احتياجات السكان من خلال النقل الجماعي وركوب الدراجات والمشي وما إلى ذلك.
- إزالة الكربون من قطاع الكهرباء، ومنع استخدام الغاز في محطات التوليد، واستبداله بالطاقة الشمسية وغيرها من الطاقة النظيفة
- زيادة الغطاء النباتي العالمي لزيادة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عن طريق عملية التمثيل الضوئي الشهيرة، ومن ثم تخزين الكربون في الأشجار والتربة.
- التوعية باتجاه السلوكيات الصديقة للبيئة والموفرة للطاقة وتغيير العادات الغذائية للناس باستهلاك كميات أقل من اللحوم.
كيف انتصر "الطموح" في COP28؟
منذ انطلاقه في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني وحتى صدور "اتفاق الإمارات" التاريخي ركز جدول أعمال رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 على تطبيق نهج متكامل يشمل جميع الحلول القادرة على تحقيق تقدم إيجابي من مختلف القطاعات، ويحتوي جميع الأفكار التي تم طرحها بصورة واقعية، بما يعزز أجواء الثقة والأمل عبر العمل المناخي من خلال تمكين جميع الأطراف المعنية ووضوح الخطوات المطلوبة، ومعالجة جميع ركائز العمل المناخي دون ترك أحد خلف الركب.
وعمل فريق رئاسة COP28 على بناء تفاهمات عالمية من أجل تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وبالفعل نجح COP28 في تطوير منظومة مؤتمرات الأطراف وإدراج بنود شاملة تتعلق بالوقود التقليدي لأول مرة في نص الاتفاق النهائي مما يفيد كلاً من البلدان الصغيرة النامية والدول ذات الاقتصادات الكبيرة ويساهم في تحقيق تقدم جوهري نحو تنفيذ الأهداف المناخية العالمية وتوفير الاستثمارات اللازمة لتحقيقها.
وشكل COP28 بارقة أمل وثقة في الجهود الدولية المبذولة لتمكين العمل المناخي العالمي بما يسهم في الحد من تداعيات تغير المناخ وحفظ حقوق الأجيال القادمة في مختلف دول العالم بمستقبل آمن ومستدام باتفاق عادل ومنصف يحمي البشرية جمعاء ويضمن استمرارية نمو وتطور وازدهار الدول.
البناء على إنجازات COP28
أثنى جون كيري، المبعوث الخاص للمناخ للولايات المتحدة الأمريكية، على دور دولة الإمارات في مؤتمر الأطراف للمناخ COP28.
وفي كلمته، في الجلسة الختامية لـCOP28 قال كيري، إنه بينما لن يرى أحد هنا أن وجهات نظره تنعكس بشكل كامل في وثيقة توافق عليها العديد من الدول، والحقيقة هي أن هذه الوثيقة تبعث برسائل قوية للغاية إلى العالم، أولاً، تسلط الوثيقة الضوء على أنه يتعين علينا الالتزام بجعل 1.5 درجة في المتناول كهدف رئيسي، ولذلك يجب علينا القيام بتلك الأشياء الضرورية للحصول على 1.5 درجة والقيام بكل ما في وسعنا لتحقيق هذا الهدف.
وذكر أنه "على وجه الخصوص، ينص على أن مساهماتنا المقبلة المحددة وطنيًا سوف تتماشى مع الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة".
وتابع: "أعتقد أن الجميع يجب أن يتفقوا، أن هذه هي الدعوة الأقوى والأكثر وضوحًا لهدف 1.5 مما سمعناه من قبل، وهو ما يعكس بوضوح ما يقوله العلم".
وأضاف "للحفاظ على 1.5 درجة في متناول اليد، يتعين علينا أن نصل بشكل عاجل إلى ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة وأن نخفضها بنسبة لا تقل عن 43% بحلول عام 2030، وبنسبة 60% بحلول عام 2035. وهذا هو الهدف الذي يمكن أن يبقينا على المسار الصحيح.
وأكد أن هذا الاتجاه يؤدي إلى مضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة، ومواجهة طاقة الفحم بلا هوادة، ووقف وعكس اتجاه إزالة الغابات وتدهورها بحلول عام 2030.
كما أكد أن الحد بشكل كبير من الانبعاثات غير ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 كلها أمور أساسية لجهودنا، للسنوات السبع المقبلة وما بعدها.
وأضاف أنه لأول مرة في تاريخ نظامنا، يدعو القرار الذي أيدته جميع دول العالم إلى التحول عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، وذلك للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.
وقال: من الواضح أن العديد والعديد من الناس هنا كانوا يرغبون في استخدام لغة واضحة حول الحاجة إلى البدء في الوصول إلى الذروة وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري في هذا العقد الحرج.
كما أشار إلى أن الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف COP28 نجحت في تقديم إطار عمل للهدف العالمي المتعلق بالتكيف الذي سيوفر زخمًا حاسمًا لتسريع الإجراءات وزيادة القدرة على الصمود.