«إيكونوميست» تتوقع نجاح مساعي السيطرة على انبعاثات الميثان في COP28
تعد مسألة القضاء على انبعاثات غاز الميثان واحدة من أهم الإنجازات المتوقعة لمؤتمر المناخ المقبل COP28، وفق ما أكده العديد من الخبراء.
سلطت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، في أحدث تحليل لها، الضوء على التوقعات الإيجابية العديدة بشأن إحراز تقدم ملموس في قضية انبعاثات الميثان خلال مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف الثامن والعشرين بشأن تغير المناخ COP28، والمقرر عقده في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
سيوفر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28 منصة لصناعة النفط والغاز لزيادة طموحها في تقليل الانبعاثات التشغيلية، المسؤولة عما يقرب من 15 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.
على هذا النحو، سيكون مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) بمثابة فرصة تاريخية من أجل المساهمة في جهود التخفيف من آثار تغير المناخ العالمي عبر السيطرة على انبعاثات الميثان.
- قمة العقد الحاسم.. «COP28» نافذة استثنائية لتجاوز 3 تحديات كبرى
- استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050.. 25 برنامجا و6 قطاعات
انبعاثات الميثان
غاز الميثان هو أحد الغازات الدفيئة القوية، وعلى الرغم من أنه أقصر عمرا في الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكربون ولكنه يسبب ما لا يقل عن ربع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.
رغم أن الميثان غاز مسبب للانحباس الحراري قصير الأجل (20 عاما) إلا أن قدرته تتجاوز ثمانين ضعف قدرة ثاني أكسيد الكربون على إحداث الانحباس الحراري.
كما أنه ثاني أكبر مساهم في تغير المناخ، فهو مسؤول عن حوالي نصف درجة الاحترار الحالي.
نظرا لهذا، فإن التخفيضات الكبيرة في انبعاثات غاز الميثان تشكل أهمية بالغة لإبقاء أهداف المناخ العالمية في متناول اليد وتجنب التأثيرات المناخية على المدى القريب.
تأتي انبعاثات الميثان في المقام الأول من ثلاثة قطاعات: الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم)، والزراعة، والنفايات، كما يُعد غاز الميثان المكون الرئيسي للغاز الطبيعي.
لذا ستكون معالجة الانبعاثات الصادرة عن صناعة الطاقة ذات تأثير كبير في مواجهة تغير المناخ.
وتمثل الانبعاثات الناجمة عن حرق وتنفيس وتسرب غاز الميثان أو ثاني أكسيد الكربون في سلسلة إمداد النفط والغاز العالمية 2.7 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الانبعاثات سنوياً، أي أكثر من ضعف انبعاثات الطيران.
تمثل التخفيضات في النطاق الأول والثاني من انبعاثات صناعة النفط والغاز فرصة على المدى القريب لاتخاذ إجراءات بناءة وقابلة للقياس والتحقق منها.
قال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية "يُعد الحد من انبعاثات غاز الميثان من قطاع الطاقة أحد أفضل الفرص وأقلها تكلفة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري على المدى القريب".
تعهد الميثان
في 2021 بقمة غلاسكو للمناخ انطلق التعهد العالمي لغاز الميثان، وهو التزام تاريخي من قبل أكثر من 150 دولة للحد من انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30٪ على الأقل بحلول عام 2030، أقل من مستويات عام 2020.
سيسهم هذا التعهد في القضاء على ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 0.2 درجة مئوية بحلول عام 2050.
من خلال المقارنة بين البلدان التي أيدت التعهد العالمي لغاز الميثان وتلك التي لم تفعل ذلك، يتضح أن 46% من فرص خفض الانبعاثات موجودة في البلدان التي لم تصادق على برنامج الرصد العالمي.
تبلغ كثافة الانبعاثات في البلدان غير الأعضاء في برنامج الرصد العالمي 1.8 مرة مقارنة بالبلدان التي تمارس برنامج الرصد العالمي.
لذلك، فإن التعامل مع البلدان غير الأعضاء في برنامج الرصد العالمي هو أحد الأهداف بالغة الأهمية لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، من أجل الوصول إلى صافي الانبعاثات صِفر بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن نرى في دبي التزامات جديدة من الدول الرئيسة، وقد شهدنا بالفعل أحد هذه التطورات، بإصدار الصين خطة عمل الميثان التي طال انتظارها، ثم عززت تلك الالتزامات في المناقشات الثنائية بشأن المناخ مع الولايات المتحدة.
كما وافق الاتحاد الأوروبي للتو على فرض قيود صارمة على انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك الواردات.
يتوقع مراقبون أن ينجح COP28 في تحقيق صفقة ذات مصداقية تشمل العديد من شركات النفط الكبرى، لخفض انبعاثات غاز الميثان.
وقال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف (COP28)، إن قطاعات كبيرة من صناعة النفط العالمية ستتعهد بالقضاء على انبعاثات غاز الميثان وحرق الغاز بحلول نهاية العقد.
وذكر سلطان الجابر في معرض أديبك للنفط والغاز في أبوظبي، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن أكثر من 20 شركة منتجة للنفط والغاز، من القطاعين الخاص والحكومي، تعهدت بالالتزام إلى جانب تحديد أهداف للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.
ويقول جوناثان بانكس، باحث في مؤسسة catf الدولية، إن القمة توفر فرصة لبدء الإجراءات التي يمكن أن تساعد في دفع الصناعة نحو أن تصبح جزءا من الحل.
وأضاف "في هذا السياق يمكن أن تكون انبعاثات قطاع النفط والغاز في دائرة الضوء، حيث تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على إشراك شركات النفط والغاز الدولية والوطنية لاتخاذ موقف قوي بشأن خفض انبعاثات غاز الميثان، والقضاء على حرق الغاز، والانتقال على المدى الطويل نحو نظام طاقة خالية من الكربون".
حشد التمويل
شهدت الفترة التي سبقت انعقاد (COP28) تركيزا حادا على العمل والتمويل، لتحويل الطموح إلى واقع فيما يتعلق بتخفيف غاز الميثان.
لتحقيق هذه الغاية من المتوقع أن يعلن عن حشد مليارات الدولارات خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ لدعم جهود تخفيف غاز الميثان في قطاعات النفايات والزراعة والطاقة.
قبل يومين، قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إن التحدي المتمثل في جمع ما لا يقل عن 200 مليون دولار أمريكي لمعالجة انبعاثات غاز الميثان المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري سيتم تجاوزه في محادثات المناخ COP28 في دبي.
وفي أبريل/نيسان، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن دولاً أخرى للانضمام إلى الولايات المتحدة في "سباق تمويل غاز الميثان" بهدف جمع 200 مليون دولار لمساعدة البلدان النامية، وسيتم تجاوز هذا الهدف بفضل مساهمات الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى.
سيعطي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون أيضاً الأولوية لتطوير المشاركة الملتزمة من خلال التأكيد على الفرص الاقتصادية الإيجابية المرتبطة باحتجاز غاز الميثان والعائد على الاستثمار في مشاريع مكافحة غاز الميثان.
كما سيدرس إنشاء صندوق لتنمية المشاريع، حيث يعمل على تحديد الاستثمارات وتحديد أولوياتها والتخلص من مخاطرها، أو تقديم المساعدة الفنية لإنشاء مشاريع من الدرجة الاستثمارية للمشغلين في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.
وسيسعى أيضا لإطلاق العنان لرأس المال وتنويعه لتوسيع نطاق نشر الحلول التي أثبتت جدواها في مكافحة غاز الميثان، مع عرض حالات النجاح الأخيرة والاحتفال بها أيضا.
التكنولوجيا والأرباح التجارية
سيحشد COP28، بجانب التمويل، التكنولوجيا والممارسات التجارية لخفض انبعاثات غاز الميثان إلى ما يقرب من الصفر على مستوى الصناعة، وإنهاء ممارسة إحراق الغاز المسبب لتغير المناخ.
ويناقش المؤتمر أيضا تجارب احتجاز غاز الميثان الناجحة، التي تمنع تسربه أو انطلاقه إلى الغلاف الجوي، ومن ثم بيعه بطريقة مجدية اقتصادياً.
بالتالي فإن خفض غاز الميثان لا يشكل حلاً مناخياً وحده، بل إنه يشكل فرصة تجارية تعود بفوائد اقتصادية على أمن الطاقة والتخفيف من آثار تغير المناخ.
تتمثل الحوافز الاقتصادية الواضحة في التقاط الغاز وتقديمه إلى السوق كغاز طبيعي، وتوليد الإيرادات، وتحقيق عوائد جذابة.
وغالبًا ما يكون استرداد الأرباح سريعا، حيث يمكن بيع غاز الميثان الذي لم يتم تنفيسه أو حرقه في أثناء استخراج الغاز.
وتتمتع أربع عشرة دولة بفرصة إيرادات تزيد على مليار دولار سنويا من بيع الميثان، بينها روسيا والولايات المتحدة وإيران والعراق وفنزويلا وليبيا، ونيجيريا، والجزائر.
ويعلق الدكتور ويليام جيليت، مدير الطاقة في EASAC، بشأن النجاح المتوقع لقمة دبي في خفض انبعاثات الميثان قائلاً: "النجاح الكبير لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين سيكون بموافقة الأطراف المتعاقدة على تعزيز كبير لبرنامج الرصد العالمي من خلال اتخاذ تدابير إلزامية للحد من انبعاثات غاز الميثان والتزامات جوهرية أكبر بكثير لخفض انبعاثات غاز الميثان في قطاع الطاقة بحلول عام 2030".
ويضيف: "على سبيل المثال من خلال مضاعفة حجم الانبعاثات، والالتزام بتعهدات التخفيض الحالية بنسبة 30 في المائة، بما يتماشى مع لائحة الاتحاد الأوروبي المقترحة، كما ينبغي دعم ذلك من خلال مراقبة قوية من الأقمار الصناعية والقياسات الأرضية التي يسهلها المرصد الدولي لانبعاثات الميثان".
aXA6IDE4LjIyNC4zMS45MCA=
جزيرة ام اند امز