الأزمة الاقتصادية الناتجة عن كورونا وإن كانت أزمة محلية أثرت على اقتصاد كل دولة إلا أنها في ذات الوقت كارثة اقتصادية عالمية
هل يمكن للتشريعات القانونية أن تنقذ الاقتصاد نتيجة أزمة كورونا؟، والإجابة بكل بساطة تعتمد على نوعيه هذا الاقتصاد ومرونته في التعديل أو التغيير.
فكما هو معلوم أن القانون يؤدي عدة أدوار في المجتمع ومن أهمها أن يدور أينما دارت مصلحة المجتمع، والدول عندما تسن قوانينها فإنها تسنها للمصلحة العامة حتى لو جاء على الحسابات الخاصة والضيقة لبعض الأفراد.
ومنذ القدِم وكثير من الدول تغير قوانينها وفق ما يستجد لديها من تطورات وأحداث، وأحياناً قد يوجد قانوناً ولكن لا يكون صالحاً لكل الأوقات إما لانتهاء الغرض الذي شرع له أو لعدم جدواه لانقضاء الفترة التي شرع له.
فأثناء أزمة كورونا تناقلت وسائل الإعلام عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيلجأ إلى قانون صدر في سنة 1950 بشأن الإنتاج الدفاعي والذي صدر في حينه لإنتاج المعدات العسكرية في زمن الحرب، والرئيس الأمريكي صرح أنه لم يشأ الالتجاء إلى هذا الخيار لو أن الشركات قامت طواعية بصناعة المستلزمات الطبية الكافية لمواجهة (كوڤيد-19).
مما لا شك فيه أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن كورونا وإن كانت أزمة محلية أثرت على اقتصاد كل دولة إلا أنها في ذات الوقت كارثة اقتصادية عالمية
ومن هنا يتبين أن القوانين ممكن تطويعها لخدمة المرحلة والظروف المستحدثة، فرغم أن القانون الأمريكي الصادر في سنة 1950 كان بشأن توفير المعدات الحربية إلاّ أن مع مرور الزمن تم تحويره واستخدامه لمواجهة الأوبئة التي تصيب الإنسان.
ومما لا شك فيه أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن كورونا وإن كانت أزمة محلية أثرت على اقتصاد كل دولة إلا أنها في ذات الوقت كارثة اقتصادية عالمية، وإذا تدخل القانون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فهو سينقسم إلى قسمين، قسم داخلي خاص لكل دولة و قسم عالمي.
وفي رأيي أن التدخل القانوني على مستوى كل دولة من الضرورة القصوى بحيث يكبح جماح الأضرار الاقتصادية الذي خلفه كورونا و ذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وأيضاً كإجراء احترازي لاستقرار الأوضاع و عدم التخبط و الفوضى في المجتمعات، و هي تأخذ عدة أشكال لا يمكن حصرها نتيجة تنوع النشاطات التجارية و تنوع الأضرار.
ولأن الأضرار الاقتصادية الناتجة عن كورونا في كثير من مفاصلها متشعبة و متشابكة مع بقية اقتصادات العالم فإن الأمر قد يكون بحاجة إلى تشريعات تجارية عالمية تقودها المنظمات المسؤولة عن تلك النشاطات التجارية، و التي في اعتقادي أن عامل الزمن سيلعب دوراً مهماً في نجاح مهمتهم من عدمه، حيث أن البطء قد يضعف من دور التشريعات القانونية من إن تساهم بالإنقاذ بالشكل المطلوب.
ومن التحديات التي سيواجهها المشرعون سواءً على مستوى الدول أو الشركات الكبرى هو الحصول على العقول القانونية المبدعة التي تستوعب خاصية كل دولة وكل شركة و لديها الإلمام بالعمليات الاقتصادية و اتساع الأفق و استشراف المستقبل لأن هذه العقول رغم وجودها إلاّ أنها نادرة.
وعلى من يصيغون العقود والقوانين فيما أثر به كورونا على الاقتصاد عليهم الابتعاد عن الاستعراضية أو كتابتها كوصفة مُسَكنة لا تصمد أمام أول معضلة أو المتغيرات المستقبلية القريبة و أن لا تكون محدودة لا تغطي كل جوانب المشكلة الاقتصادية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة