كورونا يكشف فشل أردوغان.. سياساته دمرت اقتصاد تركيا
الرئيس التركي لم يتوقف عن مضاعفة أخطاء الماضي خلال أزمة تفشي وباء كورونا ما يؤكد أن تركيا ستواجه أزمات مالية وصعوبات كارثية بعدها
تسبب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وضع بلاده في موقف الدول الأكثر ضعفاً في جميع الأسواق الناشئة، وذلك من خلال سنوات حكمه الطويلة التي اتسمت بسوء الإدارة السياسية والاقتصادية.
وأكد تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن إصرار أردوغان على مضاعفة أخطائه السابقة، سوف يجلب مزيدا من الدمار الاقتصادي لتركيا، مع عواقب مالية وجيوسياسية تستمر إلى ما بعد انتهاء وباء انتشار فيروس كورونا.
وأضاف التقرير أنه خلال أزمة غير مسبوقة تدعو للتضامن والثقة داخل الدول وفيما بينها، لم يتوقف الرئيس التركي عن مضاعفة أخطاء الماضي، ما يؤكد أن تركيا ستواجه أزمات مالية وصعوبات كارثية، وسيلقي كل منها بظلاله على الشركاء التجاريين للبلاد القريبين والبعيدين.
وأشار التقرير إلى أن أردوغان حاول التستر على انتشار الفيروس في بلاده، ومع إعلان البلاد في 11 مارس/آذار الماضي اكتشاف إصابات مؤكدة بالفيروس في البلاد، كتب إرجين كوسيليدريم من كلية الطب بجامعة بيتسبرغ تحذيرا في نفس اليوم تحت عنوان "التستر على انتشار فيروسي كورونا في تركيا كارثة بانتظار الوقوع".
وفي 28 مارس/آذار الماضي، أشارت تقديرات المحلل المالي إنان دوجان، الذي تنبأ نموذجه بدقة بمسار عدد الوفيات في الولايات المتحدة، أن "1 من بين كل 150 شخصا في تركيا مصاب بفيروس كورونا".
وتوقع دوجان، أن يتجاوز عدد القتلى 5 آلاف بحلول منتصف أبريل/نيسان الجاري.
وأوضح التقرير أنه برغم الإصلاحات التي أدخلها أردوغان على النظام الصحي فإن تركيا لا تزال متخلفة عن جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في نسبة الأطباء لعدد الأفراد.. فإيطاليا، على سبيل المثال، لديها أكثر من ضعف الأطباء وثلاثة أضعاف الممرضات للفرد الواحد في تركيا.
مما يزيد الأمور سوءا، هو قيام الحكومة التركية في يوليو/تموز 2016 بإقالة أكثر من 150 ألف موظف مدني وإدراجهم في القائمة السوداء، بما في ذلك نحو 15 ألفا من أخصائيي الرعاية الصحية، بينهم مصطفى أولاسلي، أحد كبار خبراء الفيروسات في البلاد، وذلك لاتهامهم بصلتهم بجماعة جولن.
وفي 23 مارس/آذار الماضي،أعلن زعيم المعارضة الرئيسي في تركيا، كمال كيليجدار أوغلو، عن حزمة مقترحات، داعياً إلى إعادة الأطباء والممرضين الذين طردوا من وزارة الصحة إلى العمل، وإعادة فتح المستشفيات العسكرية التي أغلقها أردوغان في أغسطس/ آب 2016، وجعلها تحت سيطرته.
وقبل وقت طويل من ظهور جائحة الفيروس التاجي، كانت تركيا وأقرانها في الأسواق الناشئة تجد بالفعل أن أسواق رأس المال الدولية أقل رغبة في تمويل عجز حساباتهم الجارية.
وفي أغسطس/ آب 2018، ارتفع سعر مقايضة مخاطر الائتمان في تركيا، إلى أعلى مستوى له منذ عام 2009. وتجاوزت تكلفة حماية مقايضة مخاطر الائتمان لمدة عام التكلفة السنوية للتأمين لمدة خمس سنوات، وهي علامة نادرة على ضائقة اقتصادية شديدة.
وفي مايو/ أيار 2019، ارتفع سعر عقود مقايضة مخاطر الائتمان في تركيا مرة أخرى، حيث بدأت أسواق رأس المال في التسعير بشكل افتراضي.
وتم تصنيف ديون تركيا في المرتبة الرابعة من حيث المخاطر في العالم بعد فنزويلا والأرجنتين وأوكرانيا.
وحاليا أدى الهبوط في أسعار العملات والعائدات الأجنبية، الناجم عن جائحة الفيروس التاجي، إلى تعميق الأزمة في جميع الاقتصادات الناشئة، التي تتدافع الآن لتجنب التخلف عن السداد.
والمثير للدهشة أن وزير المالية والخزينة التركي، بيرات ألبيرق - المتزوج من ابنة أردوغان ويشترك في نهج والد زوجته الاقتصادي غير التقليدي - يبدو مفعما بالأمل.
لم تكن أنقرة مستعدة للتباطؤ الاقتصادي الحتمي. فانخفضت قيمة الليرة بما يزيد على 14 % مقابل الدولار الأمريكي هذا العام حتى الآن، ما يضع مزيدا من الضغوط على الشركات غير المالية التركية التي تعاني من تفاقم الديون وبلغت التزاماتها من النقد الأجنبي نحو 300 مليار دولار (ثلث القروض قصيرة الأجل).
وأشار التقرير إلى دراسة أجرتها مؤسسة مورجان ستانلي مؤخراً تقول إن النسبة المئوية لاحتياطيات النقد الأجنبي لاحتياجات التمويل الخارجي هي الأقل في تركيا، متخلفة عن جنوب أفريقيا والأرجنتين وباكستان، ما جعل أنقرة "تعتمد بشكل كبير على المزيد من الاقتراض الأجنبي في أسواق معادية".
خزائن تركيا الفارغة هي أحد الأسباب التي جعلت أردوغان يكشف النقاب عن خطة تحفيز ضعيفة بقيمة 15 مليار دولار في 18 مارس/ آذار الماضي.
وتبلغ حزمة أنقرة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعلها ضئيلة للغاية بالنسبة للحزم الأخرى من الناتج المحلي الإجمالي للدول المصدرة، بما في ذلك الولايات المتحدة. التي بلغت فيها حزمة التحفيز نسبة 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وألمانيا التي بلغت فيها حزمة التحفيز نسبة 4.9%، والبرازيل التي بلغت نسبتها 3.5%.
ومع تفشي الوباء، اختفى الرئيس التركي من الشاشات، تاركا وزير الصحة للتواصل مع الجمهور، وذلك لتمهيد الطريق للوزير لتحمل اللوم في نهاية المطاف. لكنه برغم ذلك أبدى قلقا كبيرا تجاه الأداء القوي لرئيسي بلديتي أنقرة وإسطنبول، اللتين تسيطر عليهما المعارضة، وانتقدهما أردوغان لإدارتهما حملات غير مصرح بها لجمع التبرعات وحجب الحسابات البلدية المخصصة لمساعدة السكان المتضررين في تلك المدن.
aXA6IDE4LjIyNS43Mi4xNjEg جزيرة ام اند امز