دروس صحية من أزمة كورونا.. ماذا تعلم العالم من الفيروس؟
هناك دروس ثمينة يجب تعلمها من نهج الصين وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، يمكن أن تساعد في احتواء فيروس كورونا المستجد بشكل مبكر.
على الرغم من وجود العديد من الجوانب غير المعروفة واللايقين من النتائج المنتظرة وتطور المعرفة عن الجائحة والفيروس باستمرار، فإن هناك بعض المؤشرات عن الإجراءات التي يمكن أن تكون أكثر فعالية لمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد وقد تشكل الطريق الواجب اتباعه.
ما الإجراءات الصحية الأكثر نفعاً على وجه الأرض لمواجهة كورونا وهل فعاليتها يمكن أن ترسم طريق احتواء الفيروس؟
يقدم عمل بحثي صدر عن جامعة هارفارد الأمريكية ونشر في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو بعض العناصر التي يمكن أن تجيب عن هذا السؤال، استناداً إلى رد إيطاليا على الجائحة.
دروس من التجربة الإيطالية
يقول معدو الدراسة البحثية جراي بي بيسانو ورافئيلا سودان ومايكل زانيني: "هناك دروس ثمينة يجب تعلمها من نهج الصين وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، يمكن أن تساعد في احتواء الفيروس بشكل مبكر، ولكن يمكن أيضاً التعلم من الأخطاء التي ارتكبت في البداية في إيطاليا".
ومن الدروس التي خرج بها هذا الفريق في جامعة هارفارد من التجربة الإيطالية أن الوقت الأكثر فعالية لاتخاذ إجراءات قوية هو الوقت المبكر للغاية، حين يبدو التهديد صغيراً، وحتى قبل أن توجد أي حالة إصابة.
كما ينصحون بالعمل بشكل منهجي وتفادي الحلول الجزئية "التي تحوي على مخاطر"، وكذلك تشجيع القدرة على التعلم سريعاً من النجاحات والإخفاقات والرغبة في تغيير طريقة العمل عند إيجاد نهج صحي صحيح.
ويشيرون إلى ضرورة الإسراع في نشر المعرفة التي تنتج من الخيارات المختلفة للسياسة الصحية (في إيطاليا وأماكن أخرى)، "واعتبارها مثل تجارب وتبني عقلية تساعد على التعلم من التجارب الماضية والحالية للتعامل مع (كوفيد 19) بطريقة فعالة وسريعة". ويقولون: "من المهم للغاية تفهم أن كلمة "لا" لا تفيد".
ويرى خبراء هارفارد أن الفوز بالمعركة ضد كورونا يتطلب عدم إضاعة الوقت، نظراً للانتشار السريع للفيروس، وأن الأمر يتطلب تحركاً على "الطريقة الحربية"، سواء فيما يتعلق بتحريك الموارد البشرية والمالية وكذلك في التنسيق الشديد بين الأجهزة الصحية (مراكز الأبحاث والمستشفيات والأطباء وغيرها)، وهيئات مختلفة بالقطاعين العام والخاص والمجتمع المدني بصفة عامة.
دروس من تجربة الدول الآسيوية
نوع مستجد من فيروس كورونا وجائحة جديدة، والكثير من الأمور المجهولة. هكذا تلخص الطبيبة اديليدا ساروكهان المتخصصة في المناعة، والمحررة العلمية بالمعهد العالمي للصحة في برشلونة بإسبانيا، الوضع الحالي الناتج عن انتشار (كوفيد 19) على مستوى العالم.
وتشير إلى أن الوباء الذي صار جائحة عالمية تطور بشكل سريع للغاية وبالتالي فإن المعرفة التي لدينا عن هذا الفيروس الجديد تتزايد، مروراً بعدم معرفة شيء عنه في مطلع 2020، إلى أن المجتمع العلمي نجح في عزله والتعرف عليه وإجراء تجارب لتشخيصه.
وتقول الطبيبة، التي تجمع معلومات من مصادر علمية في كل العالم عن الجائحة: "لا يزال هناك أشياء كثيرة غير معروفة عن الجائحة سيتم معرفتها مع استمرار تطورها ومعرفة العلماء أكثر عن سلوك الفيروس".
وتضيف أن هناك دروساً عديدة وتوصيات "لا تزال نافعة حتى الآن"، وتستند إلى المعلومات المفيدة عن الإجراءات المتخذة في بلدان شتى لإيقاف الفيروس مثل الصين، التي ظهر بها الوباء في ديسمبر/كانون الأول 2019 وهناك معلومات كبيرة جمعت على مدار الوقت عن فيروس كورونا.
وتشير إلى أن هناك "تحليلاً لمنظمة الصحة العالمية عن الصين يقدم معلومات ثمينة عن ديناميكية انتقال (سارس-كوف 2)، وهو الاسم العلمي لفيروس كورونا المستجد الذي يسبب مرض (كوفيد-19)".
ويشير هذا التحليل مثلاً إلى أن الأشخاص المصابين يمكنهم نقل العدوى منذ بداية المرض، وحتى بعد أيام وأسابيع من تعافيهم، وأن انتقال العدوى عامة يبدو أنه يحدث "بشكل خاص في الإطار المنزلي".
ووفقاً لمعلومات جمعتها الطبيبة، فإن الإجراءات التي اتخذتها الصين (الحجر الطبي والتباعد الاجتماعي وعزل المرضى) كان لها أثر واقعي في كبح انتشار الجائحة.
وتقول الخبيرة "تحليل آخر يشير إلى أن النطاق الصحي في ووهان (بؤرة ظهور الفيروس) أخّر على الأقل انتشار الفيروس إلى مدن أخرى في الصين ثلاثة أيام".
كما تشير إلى أن سنغافورة وهونج كونج، وكلتاهما من الدول صاحبة الخبرة في مكافحة وباء سارس، في طريقهما للسيطرة على الوضع، وكذلك كوريا الجنوبية وأن الدرس المهم أن "الإجراءات المبكرة للحكومة وإجراءات التباعد الاجتماعي المتخذة على المستوى الفردي محورية لإبطاء الجائحة".
واعتبرت أن "الإجراءات الصحية المتخذة من قبل كوريا الجنوبية لاحتواء ووقف انتشار فيروس كورونا، يمكن أن تمثل نموذجاً يحتذى به"، في ضوء الأدلة العلمية التي تظهر بشأن فيروس كورونا.
وتقول إن استراتيجية هذه الدولة تقوم على إجراء مسحات على نطاق واسع لتشخيص أكبر عدد من الأشخاص المصابين وعزلهم، وكذلك في استخدام القدرة التكنولوجية لمتابعة الأشخاص المصابين (باستخدام الهاتف الجوال) وتحديد المخالطين لحالات الإصابة.
وأشارت إلى أن هذا ساعد على "وضعهم في الحجر الصحي وتفادي تزايد الإصابات".
وأخيراً "تم احترام إجراءات التباعد الاجتماعي من قبل المواطنين. وهذا كله قائم على إعلام جيد وشفافية في التحرك من جانب السلطات".