بعد تخفيض سن التطعيم.. هل ينقذ الأطفال العالم من جائحة كورونا؟
جنحت بعض الدول إلى تقليص سن التطعيم ضد كورونا إلى 12 عاما أو دون ذلك، أملا في السيطرة على تفشي الفيروس، فهل يصبح الأطفال طوق النجاة؟
منذ الأيام الأولى للوباء، كان المختصون يشعرون ببعض الراحة من حقيقة أن "كوفيد-19" أقل عرضة للتسبب في مرض خطير لدى الأطفال، لذا لم يتم إدراج هذه الفئة ضمن التجارب السريرية للقاحات، وبالتالي لم يكونوا في طليعة من حصلوا على التطعيم.
لكن خلال الأشهر الماضية تغير الوضع كثيرا، إذ سجلت الجهات الصحية بالعديد من الدول زيادة ملحوظة في عدد الإصابات بالفيروس بين الأطفال، مع رصد "مرض شديد" في بعض الحالات.
الآن، يراهن بعض الخبراء على قدرة الأطفال على المساعدة في كبح جماح الفيروس التاجي، من خلال تطعيم السواد الأعظم منهم، مع الاستمرار في تطبيق الإجراءات الوقائية المشددة.
لن يؤدي توافر اللقاح إلى توقف تفشي هذا المرض عند الأطفال، لكنه أيضا يساعد في الحد من انتشار الفيروس للجميع، ويمنح العديد من العائلات فكرة أفضل عن كيفية التخطيط للمستقبل.
أهمية حصول الأطفال على لقاح كورونا
بعد فترة وجيزة من إتاحة لقاحات كورونا لكبار السن والبالغين، أجازت الشركات المنتجة حصول من هم دون 18 عاما على التطعيم، ليبدأ سن تلقي المصل من 16 عاما.
ومع تدهور الأوضاع وزيادة عدد موجات التفشي وتحور الفيروس لسلالات أشرس، سمحت العديد من الدول بتطعيم الأطفال ابتداء من 12 عاما، مع إطلاق تجارب سريرية على أمصال تصلح للأعمار الأقل حتى عامين.
في الإمارات، قررت الحكومة تخفيض سن التطعيم لتصبح الفئات العمرية المستهدفة من 3 إلى 17 سنة، أي من هم في سن التعليم، كإجراء وقائي لتحصين شرائح المجتمع كافة، وفي خطوة تضع الدولة في المقدمة باعتبارها أول بلد تبدأ في تحصين هذه الفئات.
تطعيم الأطفال ضد الفيروس التاجي يلعب دورا محوريا في السيطرة على موجات الوباء التي تندلع كل عدة أشهر، بل وقد تكون واحدة من أهم طرق إنقاذ العالم من "كوفيد-19"، ومن الأسباب التي تجعل تلقيحهم ضروريا ما يلي:
1- الوقاية من كورونا طويل الأمد
صحيح أن العالم لم يسجل في الأشهر الأولى لتفشي الفيروس حالات إصابة خطيرة بين الصغار، لكن بعض الأطفال أصبحوا يمرضون بشدة وبات شبح "كورونا طويل الأمد" يهددهم، إذ قد يتسبب "كوفيد-19" في مجموعة من الأعراض المنهكة في بعض الأحيان، والتي يمكن أن تستمر لأشهر.
ونقل موقع nature عن آدم راتنر، أخصائي الأمراض المعدية للأطفال بجامعة نيويورك، قوله: "لقد قضيت الوباء في رعاية الأطفال في مستشفى للأطفال وكان الكثير منهم مرضى للغاية".
2- وقاية للأطفال من الفيروسات المزدوجة
صحيح أن المختصين لا يعرفون الكثير عن كيفية تأثير COVID-19 على الأطفال حتى الآن، خاصة ما يتعلق بإصابتهم بحالات سوء التغذية أو أمراض مثل السل، لكن التطعيم يحميهم من اتحاد أكثر من مرض عليهم، خاصة الفيروسات كالإنفلونزا ونزلات البرد.
ويشعر بعض أطباء الأطفال بالقلق بشأن ما سيحدث للأطفال المصابين بفيروس SARS-CoV-2 وغيره من الفيروسات الشائعة، مثل الفيروس المخلوي التنفسي المسبب لنزلات البرد لكن يمكن أن يسبب في بعض الأحيان المزيد.
ونقل موقع nature عن دانيلو بونسينسو، طبيب الأطفال في مستشفى جامعة جيميلي في روما، قوله: "أبقت عمليات الإغلاق الصارمة مرض التنفس الشديد عند الصغار في مأزق ببعض المناطق، ومع تخفيف تدابير التباعد الاجتماعي بدأت تظهر علامات على أن عدوى الفيروس المخلوي التنفسي لدى الأطفال آخذة في الارتفاع".
وأضاف: "نحن لا نعرف حتى الآن ما سيكون عبء العدوى المشتركة عند الأطفال عندما يكون لدينا تداول هائل للفيروسات الروتينية مع كورونا".
3- الأطفال يحملون الفيروس دون أعراض
منذ الأشهر الأولى للجائحة، أدرك العلماء والأطباء حقيقة حمل الأطفال لفيروس كورونا دون ظهور أعراض عليهم، ما يسمح بنقل "كوفيد-19" للبالغين في صمت، خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وقالت كاثرين بينيت، عالمة الأوبئة بجامعة ديكين في ملبورن الأسترالية: "تشير البيانات إلى أن الأطفال يمكن أن يلعبوا دورًا مهمًا في انتقال فيروس كورونا، والآن تتزايد المخاوف بشأن انتقال العدوى من الصغار والمراهقين مع ظهور أنواع جديدة من فيروس كورونا".
وأضافت: "من الممكن أن تقوم المتغيرات الأكثر قابلية للانتقال بتطوير طريقة للدفع بكل ما هو موجود في الاستجابة المناعية للشباب، ما يجعلها أكثر مقاومة للعدوى، ويجعل تلقي التطعيم أكثر أهمية".
4- العودة للمدارس باطمئنان
دافع آخر يجعل الإسراع في تطعيم الأطفال خطوة مهمة هو قرب بدء العام الدراسي الجديد بأغلب دول العالم، ما يعني فتح الباب على مصرعيه لتناقل الفيروس إذا لم تفرض إجراءات احترازية مشددة مع توسيع دائرة الحصول على اللقاح لتضمن فئة الطلاب.
ويعد تطعيم هذه الفئة خطوة حكيمة باعتبارها إجراء وقائي يركز على فئة عريضة داخل أي مجتمع، ويساعدها على اكتساب المناعة اللازمة، ليس فقط لحمايتها ولكن كونها تحمي غيرها من الفئات.