إيران.. أزمة فادحة تواجه البنوك بعد تهاوي الريال
البنوك والمصارف المحلية في إيران تواجه أزمة فادحة؛ بسبب تهاوي قيمة العملة المحلية وسحب ودائع.
أزمات متتالية تعصف بالاقتصاد الإيراني، أحدثها أزمة فادحة تواجه البنوك المحلية؛ بسبب تهاوي قيمة العملة المحلية "الريال" للحد الأدنى أمام الدولار الأمريكي، ما أدى إلى انخفاض مزرٍ في قيمة مدخرات المودعين لدى البنوك، ولجوء آخرين منهم إلى سحب أموالهم خشية فقدانها تماما وسط حالة مد وجزر تعتري الاقتصاد المحلي للمرة الأولى منذ 4 عقود.
هوت العملة الإيرانية في السوق الموازية يوم الأربعاء، مقابل نظيرتها الأمريكية إلى مستويات قياسية تاريخية، إذ حام سعر الريال حول 180 ألف ريال للدولار الواحد، بعد فترة وجيزة من تخطي العملة الخضراء حاجز 170 ألف ريال إيراني.
ويرى خبراء اقتصاديون إيرانيون أن ثمة أسبابا إضافية تدفع المودعين للتحوط بشأن مدخراتهم، وتتمثل في أن مؤسسات عسكرية وأمنية، وكذلك أخرى خاضعة للمرشد الإيراني علي خامنئي، لديها صلاحيات واسعة للتزود نقدا من المصارف المحلية دون إعطاء ضمانات كافية.
وتُظهر أرقام غير رسمية تسارع وتيرة سحب وخروج ودائع نقدية لرجال أعمال ومؤسسات اقتصادية ذات صبغة عسكرية تبلغ مليارات الدولارات من البلاد مؤخرا، في ظل تراجع معدلات الإنتاج وعزوف المستهلكين عن البيع والشراء في أغلب الأسواق، إلى جانب تنفيذ أولى حزم عقوبات أمريكية ضد قطاعات تجارية واسعة في أغسطس/ آب الماضي.
ويعتقد "حسن منصور" أستاذ الاقتصاد الإيراني بالجامعة الأمريكية في باريس، أن اتجاه المودعين لسحب مدخراتهم يأتي إثر مخاوف من تبخرها، قبل أن يدلل على صحة وجهة نظره بهبوط قيمة وديعة مقدارها على سبيل المثال مليون تومان إيراني إلى نحو 700 ألف تومان في وقت قصير، بنسبة خسارة توازي الثلث تقريبا، وفق قوله.
واعتبر "منصور" في حوار مع صحيفة "كيهان" الناطقة بالفارسية، أن أبرز مشكلة يواجهها الاقتصاد الإيراني بالوقت الراهن هي هروب الاستثمارات الأجنبية، وأيضا صعوبة وجود استثمارات محلية جذابة قد تحول دون خروج تلك الودائع النقدية؛ فيما تحجم المصارف المحلية عن تقديم فوائد عالية القيمة لعملائها، وفق قوله.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الإيراني أن قواعد الأنظمة المصرفية في بلاده عاجزة عن حماية المدخرات الشخصية، بحيث إذا أشهر أحد البنوك إفلاسه فإن المودعين يفقدون أموالهم، وذلك خلافا للقوانين المعمول بها دوليا، لافتا إلى أن الشريحة الغالبة لأصحاب الحسابات البنكية في إيران هي أسر تودع ثرواتها للحصول على فوائد شهرية بهدف تدبير نفقاتها المعيشية.
وأوردت تقارير برلمانية رسمية في إيران مسوحا مفصلة حول خروج ودائع نقدية من البلاد تصل إلى 58 مليار دولار منذ فبراير/ شباط الماضي، غير أن أستاذ الاقتصاد الإيراني المقيم في باريس يؤكد أن النسبة الحقيقية تتجاوز تلك الأرقام المعلنة.
وتعيش إيران أزمة حادة، وفق منصور، بسبب انخفاض معدلات الإنتاج المحلي، لافتا إلى ضعف سيطرة البنك المركزي الإيراني على تلك الأوضاع؛ بسبب اضطراب سوق النقد الأجنبي وغياب الإرادة السياسية؛ فيما من المتوقع أن تصل الأمور إلى نقطة انفجار وتتحول إلى تهديد أمني للنظام؛ بسبب تردي الحالة الاقتصادية، على حد قوله.
وفي الوقت الذي برر عبدالناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني، مؤخرا تراجع قيمة عملة بلاده إلى حالة عدم التوازن بين القطاع المصرفي والفائض المالي في الاقتصاد المحلي، تشير تقارير اقتصادية مستقلة إلى أن المشاكل الهيكلية سببها الفساد الحكومي والعجز الإداري، وفق الصحيفة اللندنية.