خبراء: الفشل مصير كيان التبادل التجاري المقترح بين أوروبا وإيران
خبراء في التجارة الدولية يجمعون على أن كيان التبادل التجاري المقترح بين أوروبا وإيران لن ينجح في تحقيق أغراضه.
أجمع خبراء في التجارة الدولية وأكاديميون وسياسيون على أن كيان التبادل التجاري المقترح بين أوروبا وإيران لن ينجح في تحقيق أغراضه، مشددين على أنه مجرد خطوة رمزية مصيرها الفشل.
وقال الخبراء: "لن تجد محاولات الاتحاد الأوروبي وإيران لمواصلة التجارة بينهما مع تفادي العقوبات الأمريكية آذانا مصغية من الشركات الأوروبية، كما لن تترك الولايات المتحدة للطرفين سبيلا للالتفاف حول عقوباتها".
كانت فيديريكا موغيريني الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، قالت إن وزراء خارجية الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي وهي الدول المتبقية الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران والمعروفة باسم خطة العمل المشتركة (JCPOA)، قد وافقوا خلال اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء كيان ذي أغراض خاصة (SPV)، من شأنه أن يسهل التجارة بين الشركات الأوروبية وإيران وسط العقوبات الأمريكية ضد طهران.
وأوضحت أن الكيان غرضه تمكين الشركات الأوروبية من مواصلة المعاملات المشروعة مع إيران وفقا لتشريعات الاتحاد الأوروبي، وقالت إن الخبراء سيبحثون التفاصيل الفنية للكيان في الاجتماعات المقبلة.
بهنام بن تاليبلو الباحث المتخصص في الشأن الإيراني لدى مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات"، وهي مركز أبحاث أمريكي، قال إنه بالنظر إلى قوة الدولار وهيمنة الولايات المتحدة في النظام المالي العالمي، فإنه من المستبعد جداً أن يعمل هذا الكيان بالطريقة التي يتصورها الاتحاد الأوروبي.
ويفترض أن يعمل الكيان الجديد ليكون بمثابة "غرفة مقاصة" لأنواع الصفقات مع إيران من أجل تجنيب إشراك البنوك المركزية والتجارية التي تخشى العقوبات الأمريكية على عملياتها.
ويستهدف الاتحاد الأوروبي من الكيان معالجة المدفوعات للشركات التي تتعامل مع إيران، بينما يسمح للشركات الأوروبية بشراء النفط من إيران، دون خوف من أن تتعرض للعقوبات الأمريكية، ومن المفترض أن تتم الصفقات بعملة غير العملة الأمريكية بسبب العقوبات الأمريكية على المعاملات بالدولار.
وقال روبرت باب، مدير مركز بحث التهديدات الأمنية بجامعة شيكاغو الأمريكية، إنه من المحتمل أن تنتفض الولايات المتحدة ضد تحرك الاتحاد الأوروبي لما يتضمنه من أضرار، وأضاف إن فرض عقوبات على الأوروبيين لإرغامهم على إبقاء العقوبات المشددة على إيران خيار مطروح.
وقال روجر ماثيوس، كبير مديري مكتب "دتشيرت" الأمريكي للاستشارات القانونية التجارية، إن شركات الاتحاد الأوروبي التي ستتعامل مع إيران من خلال الكيان الجديد يُمكن أن تظل معرضة لعقوبات ثانوية من الولايات المتحدة.
وأضاف لموقع سي ان بي سي: "حتى لو لم تكن معرضة لتلك العقوبات فإن الولايات المتحدة يمكن أن تعدل نطاق عقوباتها لتشملهم، ويمكن أن تعاقب الكيان الجديد نفسه".
وقال إنه في الوقت الحاضر، من غير المحتمل أن تثق الشركات الأوروبية في أن يوفر لها هذا الكيان أي حماية معتبرة من العقوبات الأمريكية.
أما ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في إدارة الرئيس باراك أوباما ومؤلف كتاب "فن العقوبات"، فقد عبر عن شكوكه في قدرة الكيان الجديد على تجنيب الشركات الأوروبية عقوبات أمريكا.
وقال في تغريدة على تويتر إن العديد من الشركات الأوروبية لديها الكثير من الموظفين الأمريكيين أو تتبع لها شركات في الولايات المتحدة، وهو ما يعني أنها ستظل تواجه خطر التعرض لعقوبات أمريكية.
وأوضح :"العقوبات الأمريكية يمكن تطبيقها أيضا على السلع المتداولة تماما كما طبقت على الأموال المستخدمة في تجارة تلك السلع".
وتوقع نيفيو أن عدداً قليلاً من الشركات الأوروبية سوف يخاطر بتحمل القوبات الأمريكية، مثل بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل كبير على إيران في إيراداتها.
وحتى جاريت بلانك، العضو السابق في فريق أوباما الذي أبرم الصفقة النووية مع إيران، اتفق مع نيفيو في شكوكه حول الفشل المحتوم الذي ينتظر تطبيق هذه الآلية، وقال إنها مجرد خطوة رمزية من أوروبا.
من جهته، قال الدكتور رونالد هارتوينج، نائب رئيس حزب "البديل من أجل ألمانيا" وعضو البرلمان الألماني "البوندستاغ"، إن تلك الآلية لن تقنع الشركات الأوروبية بالاستمرار في ممارسة الأعمال بإيران.
وتابع في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية :"أفترض أن جميع الشركات الأوروبية ذات الأعمال التجارية المهمة مع الولايات المتحدة الأمريكية لن تعجب بهذا الكيان الجديد".
وأضاف البرلماني الألماني:" ستظل الشركات الأوروبية قلقة من فرض عقوبات مباشرة أو غير مباشرة عليها إذا قامت بأي بيزنس مع إيران لا تسمح به الولايات المتحدة".
وقال إنه لا يتوقع أن يكون لإنشاء هذا الكيان القانوني الجديد أي تأثير كبير على تجارة الشركات الأوروبية مع إيران.
كان مايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة قد عبر عن انزعاجه الكبير من خطط الكيان التي أعلنها الاتحاد الأوروبي، وقال إنها واحدة من أكثر التدابير التي تعرقل تحقيق السلام والأمن الإقليميين والعالميين.
كما شكك فلاديمير يرماكوف، مدير قسم مكافحة انتشار الأسلحة النووية ومراقبة الأسلحة في وزارة الخارجية الروسية، في قدرة الآلية على إحداث تأثير ملموس.
وقال في تصريحات نقلتها صحيفة فاينانشيال تايمز : "بالطبع ستستمر الولايات المتحدة في ممارسة ضغوط هائلة على الاتحاد الأوروبي، ومدفوعة برغبتها القوية في تنفيذ عقوباتها يمكنها بسهولة سحق أي آلية تمنع هذا".
هذا التوجه، أكدته التصريحات العنيفة من جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي، تجاه المقترح، حيث سخر من الاتحاد الأوروبي واصفا إياه بأنه "قوي الخطابة ضعيف الأفعال".
وقال بولتون إن بلاده لن تسمح لأوروبا أو أي شخص آخر بالالتفاف حول عقباتها، متوعدا إيران "بالجحيم إذا استمرّت في الكذب والغش والخداع".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في مايو الماضي قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وفرض عقوبات جديدة على طهران والدول التي ستتعامل معها.
وتم بالفعل فرض عقوبات أمريكية على عدد من الصناعات الإيرانية، بما في ذلك الطيران ، والمعادن ، والسيارات، وقدرتها على التجارة بالذهب والحصول على الدولار.
وينتظر أن تدخل الجولة الثانية من العقوبات حيز التنفيذ في 4 نوفمبر المقبل، وستتضمن قطاع النفط الإيراني الذي يمثل 70% من صادرات البلاد، وتستهدف العقوبات الجديدة الوصول بصادرات إيران النفطية إلى الصفر.
وكان محللون قد أكدوا أن الولايات المتحدة تتمتع بسلطة لا نظير لها على مصير صادرات النفط الإيرانية، وقد نجحت بالفعل في تعطيل حصة أكبر من المعروض الإيراني، وأشارت تقديرات حديثة إلى أن عجز إيران عن بيع نفطها قد يصل إلى مليون برميل يوميا وربما أكثر بحلول نهاية العام الجاري.