أزمة المركزي الليبي.. «الشكري» يعتذر حقنا للدماء وحشود عسكرية حول البنك
في تطور سريع لأزمة مصرف ليبيا المركزي، أعلن محمد الشكري المعين من قبل المجلس الرئاسي كمحافظ للمصرف، اعتذاره، صباح الجمعة، عن قبول تكليف الرئاسي بالمنصب، بُغية "الحفاظ على المؤسسة النقدية".
وأوضح الشكري في بيان له وصل "العين الإخبارية" نسخة منه، أنه تلقى اتصالات كثيرة لتمكينه بطرق "لا تتوافق مع مبادئه وعقيدته"، إلا أنه رفضها وقرر الاعتذار عن عدم قبول التكليف، قائلا: "إن تاريخه المهني والوظيفي وأخلاقه لا تسمح له بالمطلق ان يكون جزءًا مما وصفه بـ"العبث" وأن قطرة دم واحدة لأعز عليه من كل مغانم الدنيا ووظائف الدولة الليبية" حسب تعبيره، في إشارة واضحة إلى احتمالية الصدام العسكري الذي حذرت منه البعثة الأممية للعدم في ليبيا، والسفارة الأمريكية بطرابلس.
تحذيرات أممية
وفي الأثناء، تزداد المخاوف من انزلاق العاصمة الليبية طرابلس نحو حرب كبرى، بين المليشيات المسلحة الموالية للأطراف السياسية المختلفة، في أعقاب قرار المجلس الرئاسي الليبي بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير.
وأعربت البعثة الأممية للدعم في ليبيا وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية -كل منهما من جانبه- عن قلقه من وجود تقارير تفيد بتحشيدات عسكرية مسلحة داخل العاصمة، كما حذّرتا من أن "حل الأزمة بالقوة أمر غير مقبول وسيكون له عواقب وخيمة على استقرار ليبيا وموقفها في النظام المالي الدولي".
وفي بيان لها في وقت متأخر من ليل الخميس، حذّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من استخدام القوة لحل الأزمة سيزيد من تفاقهما، مشيرة إلى وجود تقارير تفيد بحشد القوات في طرابلس.
كما دعت البعثة بشكل فوري إلى التهدئة وخفض التوتر وضبط النفس، مؤكّدة أنّه "لا مناص عن الحوار كحل وحيد لجميع القضايا الخلافية".
وأفادت البعثة بأنها تجري اتصالات مكثفة مع جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة بشأن المصرف المركزي.
وقالت: "إن استعراض القوة العسكرية والمواجهات المسلحة في الأحياء المأهولة بالسكان أمر غير مقبول ويهدد حياة وأمن وسكينة المدنيين".
وأضافت، "أن هذه التحركات لا يمكن أن تنتج حلا مقبولا أو عمليا للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده، بل ترى فيها سببا إضافيا يفاقم الأزمة ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي".
قلق أمريكي
من جانبها أكّدت الولايات المتحدة انضمامها إلى البعثة الأممية في التعبير عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بوقوع اشتباكات محتملة في طرابلس.
وحثت الولايات المتحدة، عبر سفارتها في ليبيا، جميع الأطراف على التهدئة وتجنب العنف.
السفارة الأمريكية وعبر منصة (إكس) قالت: "إن محاولة حل الأزمة المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي بالقوة أمر غير مقبول وسيكون له عواقب وخيمة على سلامة هذه المؤسسة الحيوية واستقرار البلاد، فضلاً عن التأثيرات الخطيرة المحتملة على موقف ليبيا في النظام المالي الدولي".
وأضافت: "أنه مع تكثيف الجهود التي تيسرها الأمم المتحدة لإيجاد حل من خلال المفاوضات، فإننا ندعو جميع الجهات الفاعلة إلى الانخراط في حوار جاد بين جميع أصحاب المصلحة حول التوزيع العادل للثروة".
تحشيدات مسلحة
ورصدت مقاطع فيديو على منصتي "فيس بوك" و"إكس" وجود تحركات لسيارات مسلحة داخل طرابلس، وهو ما أشارت إليه البعثة الأممية حول "وجود تقارير تفيد بحشد القوات".
وفي خضم هذه التحذيرات، أفادت وسائل إعلامية محلية ليبية، بأن عددا من شركات الطيران بدأت في نقل طائراتها من مطار معيتيقة في طرابلس إلى مطار مصراتة تحسبا لوقوع أي اشتباكات.
وهذا ما أكّده مدير مطار معيتيقة لطفي الطبيب في تصريح نشرته، اليوم الجمعة، قناة ليبية محلية، ورغم نفيه تلقي أي أوامر لإخلاء لمطار معيتيقة، أشار الطبيب، إلى أن عددا من شركات الطيران قررت نقل طائراتها من المطار إلى مصراتة.
جذور الأزمة
وجاءت أزمة المركزي الحالية، إثر قرار للمجلس الرئاسي يقضي بإقالة المحافظ الحالي الصديق الكبير وتشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف، وهو أمر قوبل برفض شديد من قبل مجلسي النواب والأعلى للدولة، حيث رأيا فيه عدم قانونيته، لتجاوز الاختصاص وفقا لبيانات سابقة صادرة عن الطرفين، في حين يقول المجلس الرئاسي، إن قراره يستند إلى صلاحيات منحت له في اتفاق جنيف عام 2020.
وصّوت مجلس النواب الليبي على إلغاء قرار صدر في عام 2018 بتعيين محمد الشكري محافظا بديلا للمحافظ الصديق الكبير، والإبقاء على الأخير في منصبه.