أقمار مكعبة تراقب استجابة الأشجار للتغير المناخي.. ماذا اكتشفت؟
استعانت مجموعة بحثية بأقمار صناعية صغيرة جدًا من أجل الكشف عن تأثيرات التغير المناخي على الأشجار؛ فماذا وجدوا؟
تمامًا كمكعب الروبيك، تظهر أقمار صناعية عند مدار أرضي منخفض، تعمل ليلًا ونهارًا على التقاط صور بأعلى جودة للنباتات، الأمر الذي جذب الدكتور «مايكل ألونزو» ومجموعته البحثية في الولايات المتحدة الأمريكية، لاستخدام هذه الصور في مراقبة التأثيرات المناخية على الأشجار في العاصمة الأمريكية واشنطن؛ خاصة أنّ أشجار واشنطن تنمو مبكرًا مقارنة بالمناطق المحيطة، وكان هناك اعتقاد سائد بأنّ هذا يرجع إلى ظاهرة «الجزر الحرارية الحضرية»، وتوّصلوا إلى أنّ هذا غير صحيح، ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية «ساينس أوف ذا توتال إنفيرونمنت» (Science of The Total Environment) في يونيو/حزيران 2023.
بحجم صندوق أحذية
في السابق، كان العلماء يعتمدون على أقمار صناعية عادية؛ للحصول على صور من أجل تحليلها والخروج بنتائج تفسر التغيرات الحاصلة في النباتات ونموها، لكن الصور التي كانت تصل عبر تلك الأقمار الصناعية العادية، ذات جودة متوسطة، ومع ظهور نوع من الأقمار الصناعية اسمها (Cubesat)، حجمها صغير يقترب من صندوق الأحذية، بطول 10 سم، وعرض 10 سم، وارتفاع 10 سم، وهي منطلقة في الفضاء عند مدارات أرضية منخفضة، يمكنها التقاط صور أكثر دقة للأشجار.
- هل تُساعدنا الفطريات في الوصول إلى صافي الصفر؟
- هدف خفض الانبعاثات.. ربما يحتاج العالم لتعديلات على موائد الطعام
الجزر الحرارية الحضرية
وهي ظاهرة تُشير إلى وجود منطقة حضرية أو مدينة صناعية، أكثر دفئًا، مقارنة بالمناطق الريفية من حولها؛ نتيجة الأنشطة البشرية فيها. وفي بعض الأحيان، يُستخدم مصطلح الجزر الحرارية الحضرية للتعبير عن أي منطقة أكثر دفئًا من المناطق حولها. وغالبًا ما تحصل هذه الظاهرة بسبب امتصاص الأسطح للحرارة، ثم بعد ذلك تطلقها، ما يتسبب في رفع درجة حرارة المدينة بمقدار درجتين أو 3 درجات أكثر دفئًا من المناطق غير الحضرية. ويرجع ذلك غالبًا إلى أنّ الأسطح ومواد البناء الموجودة في المدن، مثل الأسفلت والخرسانات، تمتص الحرارة، على عكس القرى والأرياف، والتي عادةً ما تستخدم مواد أخرى. وكان هناك اعتقاد سائد بأنّ هذه الظاهرة تحصل في العاصمة واشنطن، ما جعل نمو الأشجار فيها مبكرًا ولفترة طويلة نسبيًا، مقارنة بالمناطق المحيطة.
هل هي الجزر الحرارية؟
شكك الدكتور مايكل وفريقه في فكرة أنّ ارتفاع حرارة واشنطن، بسبب ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية، ما شجعه على تحليل البيانات من جديد باستخدام أدوات مختلفة، وأهمها كانت صورًا من الأقمار الصناعية (Cubesat)؛ إذ استعان الباحثون بصور لأكثر من 10 آلاف شجرة، وتتضمن 29 نوعًا من الأشجار عريضة الأوراق، وراحوا يحللون هذه الصور، ويلاحظون نموها في مواسم النمو بين عامي 2018 - 2020. وجمعوا مئات الصور التي التُقطت بمعدل كل يوم تقريبًا، وراقبوا توقيت نموها وظهور الخضرة في الربيع، ثم فقدان الأوراق في الخريف لكل شجرة على حدا. وحللوا مقدار طول موسم النمو، وقارنوه بموسم النمو في الحالات الطبيعية.
من جانب آخر، استعانوا ببعض العوامل الأخرى مثل درجات الحرارة وأنواع الأشجار، وخلصوا إلى أنّ ظاهرة الجزر الحضرية، قد تكون أحد العوامل في موسم النمو الطويل لأشجار واشنطن، لكنها ليست السبب الرئيسي كما يظن أغلب العلماء. ووجدوا أيضًا أنّ نوع الأشجار يلعب دورًا كبيرًا في كيفية استجابة الأشجار للحرارة.
يرى مؤلفو الدراسة أنّ ما ينطبق على أشجار واشنطن، يمكن تطبيقه على الأشجار في المناطق الأخرى. وتُساعد هذه الدراسة على فهم الفروق بين أنواع الأشجار في المناطق الريفية والحضرية، وما يترتب عليها من اختلافات في الاستجابة للتغيرات الحاصلة حولها.
aXA6IDMuMTQ3Ljc1LjQ2IA== جزيرة ام اند امز