حروب الغاز.. إلى متى تصمد أوروبا أمام العقوبات الروسية المضادة؟
"بولندا - بلغاريا - فلندا" جميعها دول أوروبية طالتها العقوبات الروسية، وما تزال "القارة العجوز" تحاول الفطام من النفط الروسي فهل تنجح؟
وأعلنت شركة "غازوم" الفنلندية الحكومية، الجمعة، أن إمدادات الغاز الطبيعي الروسي ستُقطع عن فنلندا صباح السبت، بعد أن رفضت الشركة أن تدفع لمجموعة "غازبروم" الروسية العملاقة بالروبل.
وقال رئيس مجلس إدارة "غازوم" ميكا فيلايانين في بيان "من المؤسف للغاية أن إمدادات الغاز الطبيعي بموجب عقدنا للتوريد ستتوقف الآن. إلا أننا كنا نستعدّ متيقظين لهذا الوضع" و"لن تكون هناك اضطرابات في شبكة توزيع الغاز".
وأفادت الشركة بأن عقد التوريد سيتوقف السبت عند الساعة السابعة صباحًا (04,00 ت غ).
في أبريل/نيسان، طلبت شركة "غازبروم إكسبورت" تسديد المدفوعات المستقبلية في عقد التوريد بالروبل بدلاً من اليورو، لكن شركة "غازوم" رفضت الطلب وأعلنت الثلاثاء أنها ستحيل القضية إلى القضاء.
ولدى سؤاله عن الأمر، طلب المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة من الصحافيين التحدث إلى مجموعة غازبروم للحصول على "تفاصيل" لكنه قال "من الواضح أن أحدًا لن يسلّم أي شيء مجانًا".
يمثل الغاز الطبيعي نحو 8% من الطاقة المستهلكة في فنلندا، ويُستورد معظمه من روسيا.
3 سيناريوهات أوروبية للفطام من الغاز الروسي
بعد قرابة 3 أشهر منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولات الاتحاد الأوروبي لحظر النفط الروسي والتي لم تدخل حيز التنفيذ بالكامل حتى الآن، في ظل رفض بعض الدول للقرار مثل المجر، وكذلك ألمانيا التي لم تجد بديلا جيدا حتى الآن، وضعت أوروبا 3 سيناريوهات للتحرر من هيمنة الغاز الروسي على "القارة العجوز".
وتتلخص سيناريوهات أوروبا الثلاث في الآتي، توفير سفينة من الغاز الأمريكي المسال لتعويض فنلندا عن الغاز الروسي المنقطع بواقع اتفاق لمدة عشر سنوات مع شركة Excelerate Energy الأمريكية.
والسيناريو الثاني هو توصل البرلمان والمجلس الأوروبيان الممثلان للدول الأعضاء في الاتحاد إلى اتفاق الخميس بشأن لائحة تنص على أن تملأ الأخيرة احتياطياتها من الغاز إلى "80% على الأقل" من طاقتها بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب ما أعلنت المؤسستان.
وفق الاتفاق، ستتم زيادة مستوى الملء الأدنى الإلزامي لمنشآت تخزين الغاز تحت الأرض إلى 90% لمواسم الشتاء المقبلة من أجل ضمان تزوّد كاف للاتحاد الأوروبي الذي أبرز غزو أوكرانيا اعتماده على الغاز الروسي.
بالنسبة لعام 2022، سيبلغ الحد الأدنى المأمول 80% لكن "الاتحاد سيسعى جماعياً لتحقيق ملء 85% من سعة تخزين الغاز تحت الأرض".
وأوضح المجلس أيضا أنه "يمكن للدول الأعضاء تحقيق هدف 90% جزئيًا من خلال حساب مخزونات الغاز الطبيعي المسال أو محروقات بديلة".
ولا يزال الاتفاق الذي يستند إلى اقتراح قدمته المفوضية الأوروبية في 23 مارس/آذار بحاجة إلى موافقة البرلمان والمجلس رسمياً لدخوله حيز التنفيذ.
والسيناريو الأوروبي الثالث للفطام من الغاز الروسي، هو تدشين منصة أوروبية للمشتريات المشتركة للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال والهيدروجين، ما يجعل ممكنا التفاوض على أسعار أفضل والوفاء بالتزامات التخزين المأمولة، وقد عقد اجتماع أول بهذا الصدد في أبريل/نيسان.
لماذا الفشل يهدد التحرر الأوروبي من الغاز الروسي؟
أظهرت المؤشرات الأولية بفشل الاتحاد الأوروبي في التحرر من الغاز الروسي، فمحاولة وضع حد أدنى إلزامي لتخزين الغاز لن يمكن تحقيقه في ظل وجود تسع من دول الاتحاد الأوروبي ليس لديها مرافق لتخزين الغاز (قبرص وإستونيا وفنلندا واليونان وإيرلندا وليتوانيا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا)، وسيتعين عليها ضمان تخزين ما لا يقل عن 15% من متوسط استهلاكها خلال السنوات الخمس الماضية في دولة عضو أخرى.
في المقابل، تمثل مرافق التخزين في خمسة بلدان (ألمانيا وإيطاليا وهولندا وفرنسا والنمسا) ثلثي إجمالي سعة التخزين في الاتحاد الأوروبي.
ولا تزال روما تحت حصار الغاز الروسي رغم محاولات التحرر، والدليل على ذلك إعلان رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الخميس أن إيطاليا "ستنهي اعتمادها على الغاز الروسي خلال النصف الثاني من عام 2024"، بمعنى أنها ستخضع لمشتريات الغاز الروسي لمدة عامين مقبلين.
والمؤشر الثاني على فشل الاتحاد الأوروبي في حظر النفط الروسي خصوصا الغاز، هو رضوخ 20 شركة أوروبية لاشتراطات موسكو بسداد مدفوعات الغاز بالروبل، وعليه فتحت الشركات حسابات في بنك "غاز بروم" لتتمكن من شراء الغاز الروسي، بالإضافة إلى 14 شركة أخرى طلبت قائمة بالمستندات المطلوبة لفتح حسابات بحسب بلومبرج.
الغاز الروسي يغطي 40% من احتياجات أوروبا
عام 2021، استورد الاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، ما يمثل 45% من وارداته من الغاز ونحو 40% من استهلاكه.
وقد بدأت بروكسل بتنويع مورديها والتوجه خصوصا إلى الولايات المتحدة والجزائر والشرق الأوسط.
وتريد المفوضية خفض مشترياتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام وبالكامل قبل عام 2030. وقدمت خطة بقيمة 210 مليارات يورو الأربعاء لتسريع استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتوفير الطاقة.
وكان الأوروبيون قد أعلنوا وقف واردات الفحم الروسي اعتبارا من آب/أغسطس المقبل. وتناقش الدول الأعضاء حظر النفط الروسي بحلول نهاية العام.
100 مليار يورو فاتورة أوروبا من الوقود الروسي
ووفقا لبيانات المفوضية، تسدد دول الاتحاد الأوروبي نحو 100 مليار يورو سنويا لروسيا مقابل واردات الوقود.
وتعطي المفوضية أولوية لمنع وصول هذه العائدات للكرملين. وسبق أن اقترحت حظرا لواردات النفط الروسي، وهو ما رفضته الدول الحبيسة بوسط أوروبا، بما في ذلك المجر.
واقترحت المفوضية استثمار ما يصل إلى ملياري يورو في البنية التحتية المرتبطة بالنفط لمساعدة الدول التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الروسي، من أجل شراء النفط من جهات أخرى.
ويتعين أن توافق دول الاتحاد الأوروبي الـ27 والبرلمان الأوروبي على المقترحات قبل البدء في تنفيذ أي تشريع جديد.