الرحيل مؤلم يا والدنا سلطان، الرحيل مرارة يا أمنا وأختنا جواهر، ولكنّ قلبيكما الجميلين الفياضين يستطيعان الصبر وتجاوز المحن.
الأب، صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والأم، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المصاب جلل، والفقيد عزيز؛ إنه خريج مدرستهما بكل فضاءاتها الثقافية والتربوية والإنسانية، إنه بذرة نبتت وأينعت في دار كريمة، وتفتحت على محبة الجميع، وتعلمت الخير والعطاء، وتشرّبت حب الفنون؛ فالوالد لا يدّخر جهده في دعم كل ما من شأنه الترويج للجمال، بذرة سُقيت من معين القلب الكبير، تلك الأم الحنونة التي وصل حدبها وعطفها، إلى مختلف أرجاء العالم؛ إنه الشيخ خالد بن سلطان القاسمي.
الرحيل مؤلم يا والدنا سلطان، الرحيل مرارة يا أمنا وأختنا جواهر، ولكنّ قلبيكما الجميلين الفياضين بالخير لكل الناس، قلبيكما اللذين تحوّلا إلى واحة يستظل فيها كل من يبحث عن أمل، قلبيكما الممتلئين بالإيمان، يستطيعان الصبر وتجاوز المحن، تواسيهما محبة قلوب الملايين من أبنائكما في كل مكان.
المصاب جلل، والجميع يشعرون بالحزن، وإحساس الفقد يخيم على القلوب، تلك القلوب التي تعرف شعور رحيل شاب في مقتبل العمر، يمتلئ حيوية ونشاطاً وحباً للحياة. شاب معروف بحبه للفنون والعمارة، وقدّم لمسات لافتة فيهما، صاحب إضافة سوف تجعلنا نتذكره دائماً، وندعو له بالرحمة والمغفرة.
شعرنا بعد رحيل الشيخ خالد، أنه كان ابناً أو أخاً للجميع، عضواً غالياً في الأسرة الإماراتية الكبيرة، ولمسنا مدى الحب الذي تكنّه الإمارات للراحل ولأسرته، والأهم شعور كل فرد فينا، أنه ابن لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين، صاحبة «القلب الكبير».
عندما كتب بعضهم عن الرحيل الفاجع، أو قدّم واجب العزاء، لم يكن يفعل ذلك بدافع الواجب، ولكن بأحاسيس الابن وبمشاعر الأخ.
الجميع أحبوا سلطان، في نظرته الطيبة وأحاديثه الهادئة، في شخصيته الحكيمة، في كتاباته وقيمه التربوية. في كل ذلك قبس من الحب، نعمة لا يهبها الله كلّ البشر، حب فياض لامس أوتار قلوبنا، فأسرها، حب قابله جميع الإماراتيين والعرب، من الماء إلى الماء، بحب مماثل.
أما أفعال سموّ الشيخة جواهر، فتفيض بالعطاء، بغض النظر عن الجنس واللون والدين، بغض النظر عن كل ما يفرق بين البشر، أفعالها خير خالص يتجوّل على قدمين، تزرع في هذا المكان فرحة، وتؤسس في آخر لمستقبل جديد، وعبر تلك الأفعال، دخلت إلى قلوبنا دون استئذان، ولذلك لم يكن المغفور له الشيخ خالد، ابناً لهما فقط، بل ابناً لكل من ينبض قلبه بحب سلطان وجواهر.
الرحيل مؤلم يا والدنا سلطان، الرحيل مرارة يا أمنا وأختنا جواهر، ولكنّ قلبيكما الجميلين الفياضين بالخير لكل الناس، قلبيكما اللذين تحوّلا إلى واحة يستظل فيها كل من يبحث عن أمل، قلبيكما الممتلئين بالإيمان، يستطيعان الصبر وتجاوز المحن، تواسيهما محبة قلوب الملايين من أبنائكما في كل مكان.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة