خدمة الدين أولاً.. كيف تنازلت الدول الفقيرة عن أهداف الاستدامة؟
قال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، الإثنين، إن أفقر دول العالم مضطرة لإعطاء الأولوية لخدمة الدين على حساب الاستثمارات، مما يعرقل التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة.
وقال شتاينر خلال مؤتمر في هامبورغ إن الأزمة المالية تعني أن الدول في جميع أنحاء العالم تكافح من أجل تحقيق الأهداف، وهي مجموعة من 17 هدفا واسعة النطاق مثل معالجة الفقر والجوع وتحسين الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وتوفير الطاقة النظيفة وحماية التنوع البيولوجي.
وذكر شتاينر في مؤتمر هامبورغ للاستدامة "بالنسبة للعديد من الدول الأقل نمواً، التي اعتبرت حرفياً خارج الأسواق المالية. لا يمكنها اقتراض المزيد من المال"، مضيفاً أن عليها تقليص الإنفاق لتجنب التخلف عن سداد الديون.
وتخلفت دول مثل غانا وسريلانكا وزامبيا عن سداد ديونها في السنوات القليلة الماضية، بينما تكافح دول أخرى لسداد المدفوعات بعد أن أدت دورة رفع أسعار الفائدة العالمية إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وفي الوقت نفسه، يحتاج العالم إلى تريليونات الدولارات الإضافية سنويا لتلبية أهداف الإنفاق على مكافحة تغير المناخ.
وقال شتاينر إن تعزيز التمويل "أمر محوري تماما" لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو الأمر الذي تراقبه منظمته عن كثب.
وأعلن البنك الدولي في يوليو/تموز أنه بدأ تشغيل منصة قروض وضمانات استثمارية شاملة بهدف مضاعفة توفير الضمانات والتأمين ضد المخاطر المقدمة في جميع أنحاء العالم إلى 20 مليار دولار سنويا.
- 100 مليون دولار.. البنك الدولي يفعّل حالة التمويل الطارئ للبنان
- التخلص من التضخم ليس نهاية المتاعب.. العالم بصدد معضلة اقتصادية ثلاثية
فيما أظهرت قاعدة البيانات الجديدة لمرصد خدمة الديون أن مواطني الجنوب العالمي يواجهون الآن أسوأ أزمة ديون منذ بدء رصد السجلات العالمية.
وتمتص خدمة الديون، والتي تضم أصل الدين المحلي والأجنبي والفائدة المترتبة عليه، نحو 38% من الإيرادات العامة و30% من الإنفاق العام في جميع دول الجنوب العالمي، وترتفع إلى 54% من الإيرادات العامة و40% من الإنفاق العام في أفريقيا. وعلى مستوى القارات، تدفع 35 دولة أكثر من نصف إيراداتها العامة، و54 دولة أكثر من ثلثها هذه الإيرادات على خدمة الديون.
وتعبّر هذه البيانات عن أكثر من ضعف المستويات التي واجهتها البلدان المنخفضة الدخل قبل تخفيف أعباء ديونها بموجب المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC) والمبادرة المتعدّدة الأطراف لتخفيف أعباء الديون (MDRI)؛ وأعلى قليلاً من مستويات خدمة الديون التي دفعتها بلدان أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي قبل بدء تطبيق خطة برادي في ثمانينيات القرن الماضي.
والأهم من ذلك هو أن الديون تضع جانباً الإنفاق الرئيسي لمواجهة الأزمات الاجتماعية والبيئية. وتساوي خدمة الديون مجمل الإنفاق المجمّع على التعليم والصحّة والحماية الاجتماعية والمناخ، وتتجاوزها بنسبة 50% في أفريقيا. والواقع أن خدمة الديون تساوى 2.5 ضعف الإنفاق على التعليم، و4 أضعاف الإنفاق على الصحّة، و11 ضعف الإنفاق على الحماية الاجتماعية.
تحتاج البلدان النامية إلى جولة جديدة كبرى من إلغاء الديون وشطبها بالكامل. ومع ذلك، تفشل اتفاقيات تخفيف أعباء الديون الحالية في خفض خدمة الديون بشكل كبير لتحرير مساحة من الإنفاق العام وبالتالي توظيفها في أهداف التنمية المستدامة. والواقع، أن اتفاقيات إعادة هيكلة الديون الأخيرة سوف تترك خدمة الديون عند متوسط 48% من الإيرادات العامّة على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. وعليه يفترض بالمجتمع الدولي أن يتخذ خطوات عاجلة لخفض خدمة الديون بشكل أكثر حدّة، من خلال تخفيف أعباء الديون وخفض تكاليف الاقتراض.