تفاصيل خطة العراق لوداع كهرباء إيران في عام ونصف
قطاع الطاقة في العراق يسعى إلى حلول جذرية وسط ضغوط العقوبات الأمريكية على إيران والاحتجاجات الشعبية.
مع بدء تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ووسط ضغوط أمريكية تستهدف قطاع الطاقة الإيرانية، يسعى العراق، أحد أكثر البلدان حرا في العالم، عبر خطة للاستقلال عن الكهرباء الإيرانية خلال 18 شهرا.
ومع تشكيل حكومة جديدة، تدرس وزارة الكهرباء خيارات عدة، تشمل ترميم محطات وخطوط لتقليص الهدر، واستيراد الطاقة من دول أخرى، وتحسين عملية الجباية لتعزيز الإيرادات.
وتأمل بغداد في توفير كمية الميجاوات الكافية لتغطية الاحتياجات بحلول الصيف، حين يتأثر الملايين بانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يوميا.
لكن ذلك لا يعني أن الوقت مفتوح، فهناك موعد نهائي قبل تأزم الأمور.
فلحماية قطاع الكهرباء لديه، حصل العراق على إعفاء لمدة 45 يوما من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران بسبب برنامجها النووي.
وبذلك، تكون مدة الخمسة وأربعين يوما هي المهلة الممنوحة لبغداد لوضع خريطة طريق ليلغي اعتماده التام على استخدام الكهرباء والغاز الإيراني.
ويستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من طهران لمصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميجاوات من الكهرباء الإيرانية.
وعليه، حددت وزارة الكهرباء حاليا خطة للاستقلال عن الكهرباء الإيرانية خلال 18 شهرا، وحل بعض المشاكل المتراكمة منذ عقد من الزمن، بحسب ما يقول المتحدث باسم الوزارة مصعب المدرس.
يقول المدرس "خلال أسبوعين، سنقدم خطتنا إلى الأمريكيين. الخطة هي لمدة خمس سنوات وسيتم تقييمها سنوياً من الجانب الأمريكي".
ويضيف أنه في حال وجد الأمريكيون أن الخطة متكاملة وجدية "ممكن أن يتم تمديد الفترة (45 يوما) إلى سنة أو سنتين. لا توجد حلول آنية سريعة".
يعوم العراق على 153 مليار برميل من احتياطات النفط الخام، لكنه يحتاج إلى غاز ووقود أعلى جودة لتشغيل معامل الطاقة.
-أفكار لامعة
وباستخدام وقوده إلى جانب الغاز المستورد، يمكن للعراق أن ينتج ما يقارب 16 ألف ميجاوات من الكهرباء. وهذا أقل بكثير من الحاجة، التي تبدأ بنحو 24 ألف ميجاوات، وتصل إلى 30 ألفا في الصيف، مع وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
ومعظم هذا النقص تقني، إذ إن العراق حين ينقل الطاقة، يضيع ما بين 30 إلى 50% منها بالبنية التحتية الضعيفة، بحسب معهد الطاقة العراقي.
ذلك أن بعضها مر عليها الزمن، ولكن هناك خطوطا وأنابيب ومحطات تعرضت أيضا لهجمات من تنظيم داعش الإرهابي الذي دحرته القوات الأمنية العراقية نهاية العام 2017.
إعادة تأهيل تلك البنية التحتية، أمر أساسي في خطة وزارة الكهرباء.
ويشير المدرس بذلك إلى مذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما الوزارة مع سيمنز (10 مليارات دولار)، وجنرال إلكتريك (15 مليار دولار)، لتحسين البنية التحتية.
ويمكن لذلك أن يضيف ما يصل إلى 24 ألف ميجاوات خلال 5 سنوات، و"ويمكن أن نصل بذلك إلى 40 ألف ميجاوات"، بحسب المتحدث نفسه.
وطلب وزير الكهرباء الجديد لؤي الخطيب من شركتي سيمنز وجنرال إلكتريك خطط "مسار سريع" لتعزيز توليد الطاقة بحلول الصيف.
ولذلك، تبحث بغداد عن طرق لتمويل تلك الجهود، منها صفقة تمويل بقيمة 600 مليون دولار بين جنرال إلكتريك، ومصرف التجارة العراقي، وستاندرد تشارترد التي أعلن عنها في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
ولفت المدرس إلى مبادرة وزارية أخرى، تتضمن استبدال الطاقة الإيرانية بواردات من دول مجاورة أخرى، بما في ذلك 300 ميجاوات من كل من الأردن والكويت، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية السعودية.
وفي بصيص أمل على إمكانية نجاح الخطة، جال الرئيس العراقي برهم صالح على عمان والكويت والرياض، في أول جولة إقليمية منذ انتخابه.
وإضافة إلى ذلك، تسعى بغداد لاسترداد الأموال التي خسرتها جراء خدمة الجباية الضعيفة للوزارة.
يقول المدرس في هذا الإطار "لدينا ضائعات وصلت إلى 60%، إذا قمنا بتخفيض هذه الضائعات، سنستغني عن الخطوط الإيرانية".
- عقبات
بدأ العراق العام الماضي عملية خصخصة عن طريق التعاقد مع شركات تقدم خدمة الجباية لضمان تحصيل فواتير الكهرباء.
يقول سمير حسين، وهو موظف في قسم التوزيع في وزارة الكهرباء منذ 20 عاما، إن عملية خصخصة الجباية خفضت فعلا من انقطاع الكهرباء في بغداد.
ويضيف حسين إن "الذين يدفعون، يخفضون استخدامهم إلى النصف، الأمر الذي يسمح لي بإعادة توجيه الميجاواتات إلى الأحياء الأخرى، وتجنب عمليات القطع، لكن لا تزال هناك عقبات".
يقول خبير الطاقة هاري استبانيان إن هناك مشكلة أخرى، وهي أن وزارة الكهرباء العراقية متخمة.
ويشير مثلا إلى أن الكويت المجاورة تولد كمية كهرباء مماثلة للعراق، لكن وزارتها توظف 12 ألفا مقارنة مع 140 ألفا في العراق.
وتتهم الوزارة أيضا بالفساد على نطاق واسع، ولذلك تعهد الخطيب بالتحقيق في الأمر.