كل يوم يخرج علينا (أراجوز) جديد تحرك خيوطه ذات الأيادي التي حركت سابقيه، ومع تشابكها تتكشف تفاصيل اللعبة.
يعتب البعض على إعلامنا الوطني ويتهمه بالتقصير في مواجهة الحملة الإعلامية التي ازدادت وتيرتها بعد اختفاء (المواطن) جمال خاشقجي في مدينة إسطنبول التركية قبل نحو أسبوعين.
كإعلامي سعودي لا بد أن أتفهم هذا العتب لإحساسي الكامل بالتقصير دائماً في الوفاء بما يمليه علي واجبي الوطني في الدفاع عن هذا الكيان العظيم، وهو الإحساس الذي أتشاركه مع بقية الزملاء الإعلاميين مهما بلغ الجهد والعمل المخلص للقيام بذلك.
هناك العديد ممن كنا نسميهم زملاء مهنة تحولوا إلى أبواق وماكينات عملة للنظام القطري، فطالما هذا المال يغدق عليهم تعالت أصواتهم بالنباح حيثما يوجههم ولي نعمتهم.. هذا النباح الذي يعلو كلما ازداد المال ويخف عندما يحرمون منه
ليس تهرباً من المسؤولية أو إنكاراً للتقصير حين أقول إن هذا النوع من الحروب القذرة ليس ساحة لنا ولسنا من فرسانها، فنحن لا نكذب ولا نزور كما يفعل الآخرون، وحين نكون في موقف المدافع ليس لأننا مذنبون بل لأننا مشغولون بما هو أهم من قضايا وطنية ملحة على المستويين المحلي والإقليمي، يحاول البعض إشغالنا عنها بمعارك جانبية وإن تصدرت عناوين أخبارهم واحتلت صدر نشراتهم ومواقعهم الإلكترونية.
ورغم الموقف الرسمي المحايد للحكومة التركية والرئيس أردوغان إلا أن تسريب هذه الكمية المهولة من الفيديوهات والصور السرية من قبل الأمن التركي يدل على وجود تحرك خفي داخل تلك المؤسسات لتشويه صورة المملكة، والادعاء بتورطها في اختفاء الزميل خاشقجي، بل تصفيته حسب ادعاءات المصادر الخفية التي استبقت نتائج التحقيقات، وكانت الوقود الذي اعتمدت عليه وكالات أنباء وصحف ومحطات دولية قبل أن تتراجع بعد اكتشاف زيف تلك المصادر وكمية الخداع الذي استغلت لتمريره والتسويق له.
سنحسن الظن هذه المرة.. لكن ذلك لا يعني أن تستمر تلك المؤسسات في تجاهل التحقق من مصادرها ونشر ما يمكن أن يحملها تبعات قانونية طائلة مستقبلاً.
هذا لا ينطبق على إعلام الظل الإخواني القطري الذي يتوزع بين إسطنبول والدوحة ولندن، فمواقفه معروفة كما هي سقطاته التي تكشف كل يوم عن كمية الحقد المغلف بالغباء عند التعاطي مع الشأن السعودي.
هناك العديد ممن كنا نسميهم زملاء مهنة تحولوا إلى أبواق وماكينات عملة للنظام القطري، فطالما هذا المال يغدق عليهم تعالت أصواتهم بالنباح حيثما يوجههم ولي نعمتهم.. هذا النباح الذي يعلو كلما ازداد المال ويخف عندما يحرمون منه.
هؤلاء يستحقون أن تسجل أسماؤهم في قوائم العار ويحرمون من العمل في أي مؤسسة مملوكة لنا ولحلفائنا، حتى لو تقادم الزمن وانتهت الأزمات، ولا يبرر لهم البحث عن لقمة العيش ومتطلبات الوظيفة ذلك، لأنهم زادوا في غيهم وتسابقوا لنشر سمومهم حتى عبر مواقع التواصل الخاصة بهم.
كل يوم يخرج علينا (أراجوز) جديد تحرك خيوطه ذات الأيادي التي حركت سابقيه، ومع تشابكها تتكشف تفاصيل اللعبة عندما تصبح الحركات غير منسجمة مع السيناريو المرسوم.
اليمنية توكل كرمان -التي تناست مآسي شعبها مع الانقلاب الحوثي- تذرف الدموع على صورة خاشقجي خارج القنصلية السعودية في إسطنبول، دون أن تبادر إلى رفع صور أطفال اليمن المغدورين أو أن تذرف عليهم دمعة واحدة على أبواب القنصلية الإيرانية القابعة على بعد كيلومترات قليلة في المدينة ذاتها، وهي تعلم علم اليقين أن طهران هي من مولت القتل والدمار في بلادها.
هذه الكرمان مثال حي على مستوى العمالة الذي بلغه بعض المرتزقة العرب، وشاء الله أن يكشف عن عمالتها عندما أرادت الوقيعة بين أنقرة والرياض، فاختلطت عليها الأمور والتوجيهات عندما خانها لسان الأفعى فطالبت المملكة بالحفاظ على سيادتها، وكانت تقصد تركيا، قبل أن يصحح لها العميل الآخر الواقف إلى جوارها المصري الفار أيمن نور.. تركيا.. تركيا.. لينقلب لونها وتتغير ملامحها الجادة الحزينة إلى ملامح الخزي والعار.. يبدو أنها لم تحفظ الدرس جيداً.
لن يزعجنا هذا الضجيج عن المطالبة بالكشف عن مصير جمال خاشقجي، فمهما اختلفنا معه يبقى مواطناً سعودياً نحن أولى بالبحث عنه ومعرفة مصيره من أولئك الذين استغلوا قضيته للنيل من بلادنا.
في الأخير.. تحية تقدير لكل شخص وجد في هذه القضية فرصة للتعبير عن حبه وامتنانه لهذا الكيان العظيم، الذي لن يخيب ظن من وثق في سياسته ومبادئه التي تسمو فوق مؤامراتهم وأكاذيبهم.
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة