النزوح من الغوطة.. وجوه تحكي ويلات الحصار
عجائز يتمنين النسيان، وطفولة شابت قبل أونها.. ملخص الحال داخل الغوطة الشرقية المحاصرة منذ عام 2013.
خرج نحو 20 ألف مدني، الخميس، من جنوب الغوطة الشرقية المحاصرة مع تقدم قوات النظام ميدانياً وإعلانها فتح ممر إنساني إلى مناطق سيطرتها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأحصى المرصد "خروج نحو 20 ألف مدني من ضمنهم آلاف الأطفال والنساء عبر المعبر الواصل بين بلدة حمورية ومناطق سيطرة قوات النظام".
وأشار إلى توقف حركة النزوح بحلول المساء، واضطر عدد كبير من المدنيين إلى اجتياز مسافة طويلة سيراً على الأقدام وهم يحملون أطفالهم وحقائبهم، فيما خرج آخرون في سيارات وشاحنات صغيرة ودراجات نارية.
قصة نزوح
عجائز يتمنين النسيان، وطفولة شابت قبل أونها، ملخص الحال داخل الغوطة الشرقية المحاصرة منذ عام 2013، مما تسبب بنقص كبير في المواد الغذائية والطبية وشلل تام في الحياة.
فعلى متن شاحنة صغيرة، رصدت وكالة الأنباء الفرنسية، مواطنة سورية تحاول إرضاع طفلتها في محاولة لثنيها عن البكاء المستمر، لدى خروجهما مع الآلاف من المدنيين المرهقين والجوعى من بلدة حمورية ومحيطها إثر تقدم الجيش السوري إليها.
وتقول الأم، وهي تجلس مع بقية أفراد أسرتها لدى وصولهم إلى بلدة حوش الأشعري المحاذية لحمورية: "عانينا الأمرّين، لا طعام ولا دواء.. وأمضينا وقتاً طويلاً في القبو قبل أن نتمكن من الخروج".
وبعد تقدم الجيش السوري سيطر على بلدة حمورية، أبرز بلدات المنطقة، خرج نحو 20 ألف مدني بينهم آلاف الأطفال، الخميس، من جنوب الغوطة الشرقية المحاصرة عبر ممر فتحه الجيش، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، وتم نقلهم إلى مراكز إيواء حكومية في ريف دمشق.
واضطر عدد كبير من المدنيين إلى اجتياز مسافة طويلة سيراً على الأقدام وهم يحملون أطفالهم وحقائبهم وحاجياتهم، فيما خرج آخرون في سيارات وشاحنات صغيرة ودراجات نارية محملة بالأكياس والفرش والبطانيات.
وسط تلك الجموع، تسمع أصوات أمهات ينادين أولادهن الذين يركضون ويلهون رغم ثقل الأكياس التي يحملونها خشية من ابتعادهم عنهن.
شهر داخل قبو
على حافة الطريق يجلس حسين صميد، يستريح من عناء المشي إلى جانب عدد من جيرانه، بعد أن أمضى الرجل نحو شهر داخل قبو قبل أن يحسم قراره بالخروج لدى سماعه أنباء عن فتح معبر إنساني من حمورية.
ويروي حسين الذي تكسو التجاعيد وجهه: "كنا نحو 66 عائلة في القبو جمعنا أنفسنا وقررنا أن نخرج مهما كلفنا الأمر".
ويضيف: "كنا نرغب بالخروج منذ زمن، والآن عندما فتحت الدولة الطريق خرجنا من حمورية".
عند المعبر، توقف نحو 20 حافلة لتقل الخارجين من حمورية إلى مراكز إيواء جهزتها الحكومة السورية لاستقبالهم، مما أدى إلى تكدس المواطنين على الطرق وبينهم مريم (20 عاما) التي وصلت ومعالم الإرهاق واضحة على وجهها.
وتقول وهي بالكاد تلتقط أنفاسها: "خرجت عند السابعة صباحاً ومشيت لساعات وأنا أحمل ابني" الذي يبلغ بضعة أشهر.
في المقابل يتكئ إسماعيل (46 سنة)، على عصا معدنية بعد خروجه مع 5 من أولاده، ويقول والحزن يعتصر قلبه: "خرجنا بأعجوبة بعدما عشنا الذل والقهر والجوع وأكلنا الشعير".
ويتابع: "هربنا تاركين بيتنا وسيارتنا.. حتى (جثة) ابنتي تركتها تحت الردم. لم أتمكن من إخراجها".