حل برلمان الكويت ووقف العمل بمواد من الدستور.. ليست المرة الأولى
لا يعد الأمر الأميري الكويتي الصادر مساء الجمعة بحل البرلمان ووقف العمل ببعض مواد الدستور 4 سنوات، الأول من نوعه في تاريخ البلاد.
فسبق أن تم حل مجلس الأمة 12 مرة بينها مرتان نتيجة إيقاف العمل ببعض مواد الدستور، وذلك عامي 1976 و1986، وتوقفت الحياة البرلمانية في المرتين نحو 4 سنوات أيضا.
- تاريخ دستور الكويت.. من التأسيس للتعديل
- قرارات أمير الكويت بميزان الخبراء.. انتصار على المصالح الحزبية الضيقة
ولكن لم يجرِ في أي من المرتين السابقتين إجراء أي تعديلات في الدستور الذي تم إقراره عام 1962.
ومع صدور أمر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مساء الجمعة، الذي تم بموجبه حل مجلس الأمة 2024 ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد على أربع سنوات، يكون مجلس الأمة شهد الحل الـ13 في تاريخ الحياة البرلمانية، والحل الثالث بسبب وقف العمل بمواد من الدستور.
أيضا يعد هذا هو الحل الثاني في عهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي تولى مقاليد الحكم ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أن سبق وصدر مرسوم أميري يوم 15 فبراير/شباط الماضي بحل مجلس الأمة السابق (2023) بسبب "ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة".
وفيما يلي ترصد "العين الإخبارية" الحالات الثلاث التي تم فيها حل البرلمان ووقف العمل ببعض مواد الدستور منذ أول تشكيل لمجلس الأمة يناير/كانون الثاني 1963.
الحل الأول 1976
بدأت حالات حل مجلس الأمة في الفصل التشريعي الرابع الذي افتتح أعماله في 11 فبراير/شباط 1975م وعقد آخر جلساته يوم 19 يوليو/تموز 1976، واستمر المجلس 565 يوما، حيث أصدر أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم في 29 أغسطس/ آب عام 1976 مرسوما أميريا بإيقاف العمل ببعض مواد الدستور.
جاء المرسوم نتيجة خلاف نشب بين الحكومة ومجلس الأمة تمثل في اتهامات متبادلة بتعطيل مشروعات القوانين الأمر الذي أدى إلى فقدان التعاون بين السلطتين حيث اتهمت الحكومة مجلس الأمة بتعطيل مشروعات القوانين التي تراكمت منذ مدة طويلة لدى المجلس والتهجم والتجني على الوزراء والمسؤولين دون وجه حق وضياع الكثير من جلسات المجلس بدون فائدة ما أدى إلى فقدان التعاون بين السلطتين.
وتم تشكيل لجنة من ذوي الخبرة والرأي للنظر في تنقيح الدستور على ان تنتهي من عملها خلال 6 أشهر من تاريخ تشكيلها وتوقفت الحياة البرلمانية في الكويت قرابة 4 سنوات، حيث جرت انتخابات الفصل التشريعي الخامس في 23 فبراير 1981.
الحل الثاني 1986
جاء الحل الثاني في الفصل السادس الذي افتتح أعماله في 9 مارس/آذار 1985م وعقد آخر جلساته يوم 02 يوليو 1986م، واستمر المجلس 481 يوما، حيث أصدر أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح في 3 يوليو/تموز 1986م مرسوما أميريا بإيقاف العمل ببعض مواد الدستور، وبهذا القرار لم يكمل المجلس مدته الدستورية أيضا.
وكان السبب المواجهات التي حدثت بينه وبين الحكومة بسبب بعض الأزمات التي تعرضت لها البلاد مثل أزمة المناخ التي كان لها بالغ الأثر على الاقتصاد الكويتي، وما صاحبها من قيام مجلس الأمة بتشكيل لجنة تحقيق في الأمر، وظاهرة توالي الاستجوابات للوزراء والتي دعت بعضهم إلى الاستقالة.
الحل الثالث 2024
الحل الثالث جاء في الفصل التشريعي الثامن عشر، وقبيل أيام من افتتاح المجلس أولى جلساته المقررة 14 مايو/أيار الجاري.
وأصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مساء الجمعة، أمرا يتم بموجبه حل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات.
يتم خلال تلك الفترة- بموجب الأمر الأميري- دراسة الممارسة الديمقراطية في البلاد وعرض ما تتوصل إليه الدراسة على أمير البلاد لاتخاذ ما يراه مناسبا.
أمر وصفه الأمير في خطاب وجهه بـ"القرار الصعب"، إلا أنه بين أهمية اتخاذه " لتصحيح المسيرة ومعالجة الاعوجاج وسد النواقص التي كشف عنها التطبيق العملي لنصوص الدستور طوال 62 عاما الماضية دون تعديل".
وقال أمير الكويت في خطابه: "لن أسمح على الإطلاق أن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة لأن مصالح أهل الكويت التي هي فوق الجميع أمانة في أعناقنا علينا واجب صونها وحمايتها".
ووجه الشيخ مشعل انتقادات شديدة لبعض أعضاء مجلس الأمة، مشيرا إلى أنهم قاموا بإساءة استخدام الأدوات الدستورية "إساءة بالغة".
وفصل الأمير في خطابه، نماذج لتلك الإساءة، من قبيل تعطيل تشكيل الحكومة.
وبعد الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الكويت 4 أبريل/نيسان الماضي، أصدر أمير الكويت يوم 15 من الشهر نفسه أمرا أميريا بتعيين الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيسا لمجلس الوزراء بالكويت، إلا أنه لم يستطع حتى الآن تشكيل الحكومة، بسبب رفض أعضاء مجلس الأمة الدخول في الحكومة، حيث تنص المادة 56 من الدستور على أنه "يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم".
ولفت أمير الكويت أيضا في كلمته إلى "الإفراط في استخدام حق الاستجواب في كل صغيرة وكبيرة مما أهدر القيمة الحقيقية لهذا الحق بوصفه أداة راقية للمساءلة والمحاسبة وليس وسيلة للابتزاز والتهديد أو طريقا للحصول على مكاسب أو منافع شخصية فليس لهذه الأغراض أقر الدستور أداة الاستجواب".
كما بين أن الأمر وصل إلى "تمادي البعض بالتدخل في صميم اختصاصات الأمير وفي اختياره لولي عهده".
وقال "اضطراب المشهد السياسي في البلاد وصل إلى مرحلة لا يمكنني السكوت عنه. إن الواجب يفرض علينا أن نبادر إلى اتخاذ جميع الوسائل الضرورية لتحقيق المصلحة العليا للبلاد."
وبين أن تلك الممارسات وضعت البلاد " أمام موقف دستوري لا بد من العمل على معالجة أسبابه والحيلولة دون تكرارها في المستقبل حرصا على مصالح البلاد والعباد".
أمر أميري كويتي فتح الباب واسعا أمام إجراء تعديلات في دستور البلاد، ستكون الأولى من نوعها في تاريخ البلاد إذا جرت.
ومنذ إقراره عام 1962، باعتباره الوثيقة الأساسية التي تحدد نظام الدولة وتنظم العلاقة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، لم تجرِ أي تعديلات على دستور الكويت.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjI1NSA= جزيرة ام اند امز