خبراء يجيبون لـ"العين الإخبارية".. هل التعليم الدولي مسؤول عن العنف الأسري بمصر؟
أثارت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، نيفين القباج، نقاشا حول ظاهرة العنف الأسري، بعد أن ألقت اللوم على المدارس الدولية في البلاد.
وقالت القباج، في كلمة أمام مجلس الشيوخ المصري: "أجرينا دراسة على أبناء الطبقة المتوسطة، واكتشفنا أن جزءا كبيرا من العنف لدى الشباب تجاه أسرهم ليس بسبب الفقر، إنما بسبب الخلل النفسي، في ظل غياب القيم الدينية والامتداد الأسري".
جاءت كلمة القباج خلال مناقشة دراسة حول ظاهرة العف الأسري في المجتمع المصري، وفيها تطرقت إلى المدارس الدولية العاملة بالبلاد، قائلة: "نحن لسنا ضد التعليم الدولي، ولكن تعليمنا زمان كان يقدم تربية دينية وقومية ومنظومة قيم، وهناك جزء خاص بالأيديولوجيا".
وأحدثت كلمة وزيرة التضامن نقاشا في مصر حول الأسباب الحقيقية وراء العنف الأسري، وبينما أيدها كثيرون في تراجع منظومة القيم لدى الطلاب في مراحل التعليم الأساسي، عارض آخرون إلقاء اللوم على المدارس الدولية، معتبرين أن تصريحات الوزيرة "غير موفقة".
"تمييز بين الطلاب"
يعترض الدكتور حسام النحاس، الخبير التعليمي في مصر، على حديث الوزيرة، معتبرًا أنه "يميز بين طلاب المدارس الدولية وطلاب المدارس الحكومية"، مضيفا: "لا يمكن تحميل أي نوع من المدارس مسؤولية العنف بين الأطفال؛ لأن الأمر يرتبط بظروف مجتمعية متشابكة ومعقدة، وهناك عوامل عديدة تلعب فيها دورا بارزا".
وأرجع النحاس، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، انتشار العنف بين طلاب المدارس إلى "غياب دور الأسرة الحقيقي عن التوجيه ومتابعة الأطفال مبكرا، والطلاق المبكر، وحالات العنف الأسري داخل الأسرة، فالطفل الذي يولد في أسرة بها ممارسة للعنف سيكون له دوافع لارتكاب العنف، فضلا عن الأعمال الدرامية والأغاني الجديدة التي تحرض على العنف والكراهية".
وحمّل الخبير المصري مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من المسؤولية، قائلا: "معظم الآباء والأمهات تركوا أبناءهم فريسة لهذه الأدوات، خاصة الألعاب الإلكترونية التي أراها سببا رئيسيا في انتشار العنف بين الطلاب، بسبب تحريضها على القتل واستخدام السلاح، أضف إلى ذلك انتشار التحديات الخطرة على مواقع التواصل مثل تحدي الموت وكتم الأنفاس، ناهيك بمظاهر العنف الموجودة في الشارع المصري".
وأردف النحاس: "وزارة التربية والتعليم ولايتها الأكبر على المدارس الحكومية، ولكن المدارس الدولية والخاصة تخضع لقواعد عامة، لأنها تتواجد على أرض مصرية ومن يدرس بها هم طلاب مصريون، ويجب حذف أي أجزاء تحرض على العنف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من المناهج الدراسية، كما يجب الاهتمام بالأنشطة المدرسية والعمل الجماعي وإحياء المسرح المدرسي الذي يقدم أعمالا تحث على التسامح وقبول الآخر".
ورفض الخبير المصري إلقاء اللوم على المدارس الدولية فيما يتعلق بغياب القيم الوطنية، قائلا: "المدراس الدولية بها مواد تخص قيم المجتمع والتربية الوطنية، وصحيح أن هذه مواد لا تضاف إلى المجموع ولكنها مواد نجاح ورسوب، وبالتالي لا يجب تحميل مسؤولية العنف بين الأطفال على المدارس الدولية".
واختتم: "في رأيي، حديث الوزيرة في غير محله وبه نوع من التمييز؛ لأنه يميز بين الطلاب في المدارس الحكومية وبين الطلاب في المدارس الدولية والخاصة، رغم أن المدارس الدولية متميزة وتقدم محتوى عاليا من التعليم والمناهج وبها كفاءات، ويجب دراسة الظاهرة من جانبها المجتمعي والنفسي بعيدا عن إلقاء اللوم والمسؤولية على أي طرف بعينه".
"أجندات أجنبية"
في المقابل، تتفق الدكتورة سوسن الفايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، مع وزيرة التضامن، وتقول: "الأجندات الأجنبية لها أهداف، والمجتمع المصري مستهدف، وبعض المناهج الدراسية تلعب بعقول النشء لكي توجه المجتمعات كيفما تشاء".
وترى الفايد، في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن "بعض المدارس الدولية والخاصة قد تكون مخترقة، وهذا الاختراق في الحقيقة يتم بأيدينا وبشكل غير واعي، وللأسف متخذ القرار لدينا لا يتمتع بالوعي الكافي الذي يؤهله لحماية مؤسسات الدولة، وللأسف نحن أمام حرب شرسة ونتائجها تتحقق على المدى البعيد، بينما محاولات التصحيح بعد ذلك تكون صعبة للغاية".
وأضافت: "بعض الأجندات الأجنبية تسعى لهدم الأجيال القادمة بالمفاهيم المغلوطة والسامة التي تغذي بها عقول النشء، وهذا نوع من الحروب المتقدمة، التي لا تكلف دولارات ولا تضحي بجنود، وأهم أداة فيها من وجهة نظري بجانب المناهج التعليمية هي وسائل التواصل الاجتماعي، وللأسف متخذ القرار منشغل بأهداف قريبة المدى، ولا يلتفت إلى هذه الأمور رغم خطورتها".
رحلات مدرسية إلى "المولات"
وتتفق الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع في مصر، مع هذا الرأي، وتقول: "جميع المدراس المصرية لم تعد تتمسك بالقيم الوطنية وبالتالي طلابها وخريجوها لم يعد لديهم العادات والتقاليد المصرية"، داعية إلى إحياء طرق التدريس والمناهج القديمة لتقليل نسب العنف بين الشباب وداخل الأسرة، وإعادة تذكير النشء بعبارات التسامح.
وأضافت خضر، لـ"العين الإخبارية": "العولمة تغولت وتركنا الأطفال فريسة للأدوات التكنولوجية والهواتف المحمولة التي تخترق عقول الطلاب بدلا من الفنون والقوة الناعمة، وقديما كنا نرى أعمالا فنية مهمة جدا عن المجتمع والأسرة والوطن مثل (ضمير أبلة حكمت) و(ليالي الحلمية)".
ودعت خضر إلى "إحياء الرحلات المدرسية إلى المعالم التاريخية والمتاحف للتعرف على التاريخ المصري وتعزيز الانتماء إلى الوطن، وتغذية الطلاب بالقيم الدينية والوطنية العميقة"، مستنكرة في الوقت نفسه "تنظيم رحلات مدرسية إلى المطاعم والمراكز التجارية (المولات) التي تغرس ثقافة الاستهلاك غير الرشيد في نفوس الطلاب".
aXA6IDMuMTQ5LjI1LjExNyA= جزيرة ام اند امز