دريد لحام.. مهندس الكوميديا الذي أبكته جروح السياسة
دريد محمد حسن لحام، ولد 31 يناير 1934 في حي الأمين بدمشق القديمة، كان متفوقا في كل مراحل التعليم، لكنه لم يكن صاحب حلم واضح
يمتلك الفنان السوري دريد لحام موهبة كبيرة، استطاع بها أن يحجز لنفسه مكانا في قلب الجمهور العربي من المحيط للخليج، وإلى جانب موهبته الاستثنائية في التمثيل والتقمص منحه الله ضميرا يقظا وإحساسا بالمسؤولية، وأكبر دليل على ذلك توحده مع محنة وطنه سوريا، وإصراره على البقاء فيه مهما ضاقت السبل واشتدت المِحن.
ولد دريد محمد حسن لحام، 31 يناير/كانون الثاني 1934، في حي الأمين بدمشق القديمة، كان متفوقا في كل مراحل التعليم، لكنه لم يكن صاحب حلم واضح، ولم يكن من بين أحلامه أن يصبح ممثلا يتزاحم من أجله الجمهور أمام شباك التذاكر.
حصل على شهادة الدبلوم في علوم الكيمياء في جامعة دمشق عام 1958، وبعد التخرج بشهور قليلة تم تعيينه مدرسا بمدينة "صلخد" جنوب سوريا، وتفوق في هذا المجال وراح يقدم محاضرات عبر شاشة التلفزيون السوري.
في عام 1960 بدأت حياة دريد لحام تتغير وتأخذ منحى آخر، إذ نشأت علاقة صداقة قوية بينه وبين الدكتور صباح قباني مدير التلفزيون السوري، الذي أقنعه باقتحام مجال التمثيل، لأنه يمتلك الظل الخفيف والحضور اللافت، كما شجعته زوجته هالة البيطار على السير في هذا الاتجاه ودعمته كثيرا.
استجاب دريد لحام للنصيحة، وشارك على استحياء شديد في أعمال درامية سورية، وأتت البداية بمسلسل "الإجازة السعيدة"، وجسد خلال العمل شخصية كارلوس عازف الجيتار المكسيكي الذي يتحدث الإسبانية والعربية ونال أداؤه إعجاب الجمهور والنقاد.
أدرك الفنان الكبير أن الفن ساحر وله تأثير كبير، لذا تخلى عن الكيمياء والفيزياء وتفرغ للتمثيل، وبسبب موهبته حقق نجاحا كبيرا وشارك في بطولة أعمال درامية رائعة منها "فقاقيع" إنتاج 1963، وقدم عبر هذا العمل شخصية "غوار الطوشة" التي قدمها في عدة مسلسلات ناجحة بعد ذلك مثل "صح النوم، ملح وسكر، وين الغلط، مقالب غوار".
توهج دريد لحام على خشبة المسرح العربي، وقدم أعمالا مسرحية جريئة ترسم الضحكة على وجوه الجماهير، وفي الوقت نفسه تنتقد الأوضاع السياسية مثل "قضية وحرامية" 1974، "كاسك يا وطن "1979، "شقائق النعمان" 1987، "السقوط" 2011، كما توهج "لحام" أيضا عبر شاشة السينما وقدم خلالها 33 فيلما أبرزها "الحدود، سيلينا، الآباء الصغار، مسك وعنبر".
اهتمام دريد لحام بتقديم أعمال جادة خلق له مكانة كبيرة في العالم العربي، وفي عام 1999 تم تعيينه سفيرا للنوايا الحسنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من قبل اليونسيف، لأنه فنان شديد التأثير في محيطه، لكنه قدم استقالته عام 2006 بسبب الحرب على لبنان.
حصل الفنان الكبير على العديد من الجوائز والأوسمة بسبب إخلاصه لنفسه وتقديم أعمال جادة وهادفة ومنها وسام الكوكب الأردني 1965، وسام الاستحقاق الثقافي التونسي 1991، درع مهرجان القاهرة للإعلام العربي 2008، دكتوراه فخرية من الجامعة الأمريكية ببيروت 2010.
المتابعون لمشوار دريد لحام يعرفون جيدا أنه ممثل بارع ومؤلف صاحب رؤية ومخرج صاحب خيال، فهو فنان متعدد المواهب وصاحب قضية ومبدأ، وكأن قدره أن يصنع البهجة ويبكي من جروح وألغاز السياسة التي حاصرت وطنه سوريا.
aXA6IDE4LjExNi40OS4yNDMg جزيرة ام اند امز