صحف عالمية: مصر اتخذت تدابير "مؤلمة" تقربها من قرض صندوق النقد
صحف عالمية رحبت بقرار مصر المفاجئ باعتباره خطوة مؤلمة تُسهم في استقرار الاقتصاد
رحبت صحف عالمية بقرار مصر المفاجئ تعويم عملتها "الجنيه" باعتباره خطوة "مؤلمة" تسهم في استقرار الاقتصاد، وتقربها من تلبية شروط صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض تمس إليه حاجة البلاد التي تعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
واعتبرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أن مصر اتخذت اثنين من التدابير الاقتصادية الهائلة من خلال تعويم عملتها، ورفع أسعار الوقود المدعوم، وهي خطوات تؤمن الحصول على قرض صندوق النقد الدولي شديد الأهمية لجذب الاستثمارات وإنهاء أزمة الدولار التي شلت النشاط التجاري.
وأشارت إلى بدء تشكل طوابير طويلة من السيارات في محطات الوقود بالقاهرة قبل منتصف ليل الخميس بعد وقت قصير من نشر الصحف المحلية خطة الحكومة لرفع سعر البنزين والديزل بنسبة تصل إلى 47%.
وأوضحت أن هذه القرارات تخفف ما يشتكي منه مستثمرون دوليون منذ فترة بأنه عبء على الاقتصاد المصري، وهو سعر العملة المبالغ، والدعم غير المستدام، وتساعد في الحصول على الموافقة النهائية على خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي.
وهو ما أكدته أيضا صحيفة "الجارديان" البريطانية التي قالت إن مصر قررت تعويم الجنيه المصري، وخفضت قيمته بنسبة 48%، لتلبية شرط رئيسي لصندوق النقد الدولي من أجل ضمان الحصول على قرض 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات لإصلاح اقتصادها المتداعي.
وأشارت إلى أن تعويم الجنيه خفض قيمته أمام الدولار ليصل إلى 13 جنيها لكل دولار، قبل طرح عطاء البنك المركزي للدولار في وقت لاحق، ما يتيح للعرض والطلب تحديد قيمة الجنيه للمرة الأولى منذ عقود.
ورجحت أن خفض قيمة الجنيه من المؤكد عمليا أن يتسبب في زيادة في الأسعار، تزيد الضغوط على الحكومة لتجنب رد فعل شعبي ضد تعاملها مع الاقتصاد.
ولفتت إلى أن مصر من المتوقع أن تخفض أو ترفع الدعم الحكومي تماما عن الوقود لتلبية شروط صندوق النقد الدولي، بعد خفض الدعم عن الكهرباء المنزلية، ورفع أسعار السكر بنسبة 40% لحاملي البطاقة التموينية.
ورأى موقع "بينزنس إنسايدر" أنه على الرغم من أن الألم المصاحب للقرار على المدى القصير، سيساعد خفض قيمة الجنيه البلاد على المدى الطويل، ومن المحتمل أن تكون بادرة طيبة للمستثمرين الأجانب.
ونقل عن جيسون توفي، خبير اقتصادات الشرق الأوسط في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" لندن، قوله إن حفض قيمة العملة يعني لمصر، أنه "على المدى القصير، إن إضعاف الجنيه سوف ينطوي حتما على المدى القصير على بعض الألم، والتضخم الذي ارتفع بالفعل عقب تخفيض قيمة العملة في مارس/آذار، من المرجح أن يرتفع".
وأضاف: "من خلال تعويم الجنيه، فإن البنك المركزي سيتمكن في نهاية المطاف من تفكيك القيود تماما على الصادرات الأجنبية، والحد من تعطل النشاط، ومن شأن إضعاف العملة أن يعزز أيضا القدرة على المنافسة الخارجية، وتشجيع المستثمرين الأجانب للعودة إلى البلاد. وكل هذا من شأنه أن يساعد على يجعل موقف مصر الخارجي على أساس ثقة أكثر استدامة، وحال دعمه بمزيد من الإصلاحات الاقتصادية، سيعزز نموا اقتصاديا أقوى في النهاية".
وبالمثل قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن تخفيض قيمة عملة مصر بمقدار الثلث، والسمح بتعويم الجنيه يأتي في ظل خطوات القاهرة لتلبية شرط رئيسي لصندوق النقد الدولي للإفراج عن قرض 12 مليار دولار لمساعدة اقتصادها الراكد، على الرغم من أنها ستؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار واستمرار تقلب أسعار العملات.
ونقلت عن هاني جنينة، رئيس قسم البحوث في مؤسسة "بلتون المالية" بالقاهرة، قوله إن هذه الخطوة "توقف نزيف الاحتياطيات الوطنية، وإنها ستعطي الاقتصاد المتداعي دفعة يحتاجها لتأمين الاستثمار الأجنبي وقرض صندوق النقد الدولي".
من جانبه، قال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، "إن نظام سعر الصرف المرن، حيث يتم تحديد سعر الصرف عن طريق قوى السوق، يحسن قدرة مصر التنافسية في الخارج، ويدعم الصادرات والسياحة ويجذب الاستثمار الأجنبي".
بينما ارتأت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الخطوة المفاجئة التي خالفت توقعات المحللين بأن تختار الحكومة بين تعويم العملة أو الإعلان عن تخفيض حاد في قيمتها، تهدف إلى جذب رأس المال الأجنبي إلى البلاد، ولكنها تخاطر برفع أسعار السلع بعيدا عن متناول المصريين العاديين.
ولفتت إلى أن سعر صرف أكثر مرونة هو واحد من بين عدة شروط يجب على مصر تلبيتها للحصول على الموافقة النهائية للحصول على قرض 12 مليار دولار من النقد الدولي صندوق الذي يمثل طوق النجاة لاقتصاد الدولة الشمال إفريقية المتداعي بفعل سنوات من الاضطراب السياسي، وزيادة الإرهاب أضرت بالسياحة الصعبة والاستثمار الأجنبي المباشر في مصر اللذين يمثلان المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية.