الإخوان خارج المعادلة الإقليمية.. سقوط الحصن الأخير
لفظتهم مصر وعلى خطاها تسير تونس لكن حرمانهم المحتمل من "حصنهم الأخير" بتركيا قد يكون الضربة التي تقصيهم من ملعب القرار الإقليمي.
إخوان مصر؛ التنظيم الإرهابي الذي استولى على الحكم في البلاد قبل سنوات، وأذاق شعبها الويلات في فترة زمنية وجيزة قبل أن تهرب قياداته إلى تركيا التي شكلت حاضنة لهم منعت عنهم الملاحقة القضائية.
لكن العزلة التي عانت منها أنقرة بالسنوات الأخيرة يبدو أنها منحتها جرعة من البراغماتية دفعتها إلى محاولة إعادة بناء الجسور سواء مع مصر أو حتى عدد من بلدان الخليج العربي، وهو ما تجلى عبر مبادرات مع القاهرة آخرها عودة المحادثات الاستكشافية بين الجانبين عقب تعثرها، بإعلان مصر عن زيارة مرتقبة لنائب وزير خارجيتها حمدي لوزا إلى تركيا.
زيارة مرتقبة تؤشر لجولة جديدة من المفاوضات بين البلدين أو كما يسميها الإعلام التركي الرسمي "مشاورات" لإعادة تطبيع علاقات يلفها الجليد منذ سنوات، لكن الأهم في كل ذلك هو أن تلك المحادثات -وبغض النظر عن مخرجاتها- قد تفتح صفحة جديدة بين البلدين، وقد تطوي -في الآن نفسه-صفحة الإخوان بسقوط آخر حصونهم.
السقوط الأخير؟
رغم الضربات القاصمة التي تكبدها تنظيم الإخوان في مصر والسودان - حيث كانت نهايتهما واضحة بإسقاطهم من الحكم بثورات شعبية- وما تلاه من زلزال عنيف دك سلطتهم في تونس بتجميد عمل البرلمان الخاضع لهيمنتهم وإقالة رئيس الحكومة الموالي لهم، لكن لا شيء يبدو صادما للتنظيم أكثر من فقدانه دعم أنقرة؛ النظام الذي وفر مأوى وتمويلا لقياداته الهاربة، ولطالما استخدمه ورقة للمناورة والضغط، مستفيدا من تقارب أيديولوجي معه واستخدمه رأس حربة في تدخلاته بالشرق الأوسط.
خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية يرون أن "شهر العسل" بين أبناء التنظيم الإرهابي والحكومة التركية انتهى منذ فترة، لكنه قد يتجسد قريبا بقرارات فعلية بينها تسليم قيادات مدانة بجرائم إرهابية ومطلوبة من القاهرة.
مصادر ذكرت أيضا لـ"العين الإخبارية" أن أنقرة وضعت عددا من القيادات الإخوانية قيد الإقامة الجبرية، تحسبا لهروبها، في خطوة تأتي قبل صدور نتائج الجولة الجديدة من المباحثات الاستكشافية بين الجانبين، في قرارات تشي -حال تأكدها- بأن الحكومة التركية تخلت نهائيا عن التنظيم واختارت فك عزلتها وتحقيق مصالحها على مواصلة التورط مع جماعة يلاحقها وصم الدم.
خارج المعادلة الإقليمية
حال تجسد الطرح، سيكتب التنظيم قصة أفوله وسقوطه الأخير في حاضنته، ما يعني خروجه من الباب الصغير من جميع معادلات الحكم والتأثير في الشرق الأوسط، في حيثيات ستجبره على التلاشي نهائيا أو التحول إلى مليشيات تجاهر برفع السلاح ضد الدول أو حتى ضد حاضنتها تركيا.
وفي مارس/ آذار الماضي، كشف تحليل أمريكي للعلاقات الخارجية التركية أن أنقرة أدركت أن عودة الإخوان إلى السلطة انتهت وأن التنظيم أصبح من الماضي، وبالتالي حان الوقت للتخلص من إرثه الذي يهدد النظام التركي نظرا لوجود تقاطعات كبيرة معه.
وأوضح التقرير أن دعم أنقرة للإخوان خلال وبعد احتجاجات 2011 بالمنطقة العربية كان لأهداف أيديولوجية اعتقدت أنها ستخدم وتبرز نفوذها في الشرق الأوسط، وهي الورقة التي لعب بها الجانبان لسنوات قبل أن تقف تركيا على خط التماس بين مصالحها وفك عزلتها وبين دعمها للتنظيم.
ففي نقطة صعبة وقفت أنقرة قبل أن تقرر التنازل عن الأيديولوجية مقابل البراغماتية بتيقنها من أنه لا فرصة للتنظيم للوصول إلى السلطة مرة أخرى، وحتى في تونس التي كان يبني عليها آمالا خذلته هي الأخرى، ليتحول الإخوان إلى عبء وورقة محروقة أمام شعوبها، فكان لابد من نقطة نهاية تنهي "الود" القديم.
ووفق تقارير إعلامية، لطالما كان الإخوان حجر العثرة بوجه النظام التركي الذي وجد نفسه محرجا وعاجزا عن إعلان تخليه عن التنظيم بشكل علني صريح، فكان أن تبنى تمش تدريجي قد يبلغ به مبتغاه دون الحاجة لإعلان حرب على التنظيم ستكلفه غاليا، خصوصا أن عددا كبيرا من قياداته وأعضائه وأنصاره حصلوا على الجنسية التركية.
وبهذا، تتجه أنقرة نحو كسر المعقل الأخير للإخوان، بانتظار مخرجات لمحادثاتها مع مصر قد تخرجهم من المعادلة إلى الأبد، ليكون سقوطهم الأخير مدويا في ذات الحصن الذي رشقوا منه بلدهم بالحجارة وأثاروا منه الفتن بالمنطقة وخططوا فيه لاستهداف الأبرياء وتشويه الأنظمة.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز