باحث مصري: السينما حولت "حرافيش" نجيب محفوظ إلى "فيلم أكشن هابط"
الناقد الفني الدكتور شريف صالح يقول إن علاقة نجيب محفوظ بالسينما خضعت للعديد من العوامل، منها صداقته الشخصية لعدد من صناع هذا الفن
قال الباحث والناقد الدكتور شريف صالح إن السينما أساءت كثيراً لأدب نجيب محفوظ، معتبراً أن "الحرافيش" أكثر الأعمال التي تعرضت للتشويه، عبر معالجات أفقدتها أبعادها الرمزية والروحية، وتحوّلت كأنها أفلام "أكشن" هابطة من العصر المملوكي.
ولفت الباحث، الذي حصل قبل سنوات على درجة الماجستير من أكاديمية الفنون بالقاهرة حول "روايات محفوظ بين الأدب المطبوع والشاشة الفضية"، إلى أن علاقة "محفوظ" بالسينما خضعت للعديد من العوامل، منها صداقته الشخصية لعدد من صناع هذا الفن، فضلاً عن توليه رئاسة أهم مؤسستين حكوميتين لإنتاج الأفلام في مصر خلال الستينيات.
وتُحيي مصر، الجمعة، الذكرى الـ13 لرحيل عميد الرواية العربية نجيب محفوظ، الكاتب العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1988.
وقال "صالح" لـ"العين الإخبارية": "ساهمت السينما في انتشار أعمال الأديب الكبير أكثر مما فعلت جائزة نوبل، التي لم يحصل عليها أديب عربي آخر حتى الآن".
وأوضح: "السينما لها ملمح بارز في أدبه وسيرته، كما أن معظم المقريبن منه من (شلة الحرافيش) الأصلية، كانوا من صناع السينما، مثل أحمد مظهر والمخرج توفيق صالح وصلاح جاهين".
ويشير "صالح"، وهو قاص وروائي أيضاً، إلى أن "محفوظ" لم يقدم أي سيناريو لأي عمل من أعماله، لكنه عالج روايات وقصص زملائه، مثل إحسان عبدالقدوس، ومن أبرز أعماله في هذا الصدد فيلم "جعلوني مجرماً"، و"الطريق المسدود".
ويرى صالح أن هناك وجهاً آخر لـ"محفوظ" يحتاج مزيدا من البحث، يمكن تسميته "الموظف السينمائي"، الذي تولى منصب مدير الرقابة على المصنفات الفنية، واللافت أنه رفض إجازة فيلم مأخوذ عن إحدى رواياته أساساً.
وانتهى "محفوظ" في السلم الوظيفي مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، ثم رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما، أي أنه تولى أهم جهازين حكوميين يتعلقان بالسينما آنذاك.
وتجارياً؛ تصرف "محفوظ" كـ"سينارست" محترف، يعرف دهاليز الرقابة، وأحكام شباك التذاكر، وضرورات الإنتاج، والطبيعة الجماعية المعقدة لصناعة السينما، لذلك كان يطالب الناس بالحكم على نصوصه الروائية، وليس على الأعمال الدرامية التي نقلتها، فالرواية كانت مسؤوليته الشخصية فقط.
وأشار "صالح" إلى أن روايات "محفوظ" نقلت السينما المصرية والعربية إلى مستوى أفضل، كما في أفلام "القاهرة 30"، و"السمان الخريف"، و"الشحاذ" وسلسلة "الحرافيش" و"الثلاثية" بالطبع، لأنها لم تُعد مجرد ترفيه للمتعة والتسلية، بل ثمة حمولة فلسفية وراءها.
واستمر الاتكاء على روايات "محفوظ" في المسلسلات والمسرح والإذاعة، فعلى سبيل المثال عولجت "اللص والكلاب" سينمائياً مرتين، وتلفزيونياً مرتين، ومرة في المسرح من بطولة صلاح قابيل.
وقبل عامين فقط، كانت هناك معالجة تلفزيونية لافتة لـ"أفراح القبة"، ما يؤكد مساهمة السينما في انتشار أدبه واسمه، ربما أكثر من فوزه بجائزة نوبل.
ويقر "صالح" بأن السينما أفادت روايات محفوظ، على الرغم من بعض الإساءات التي صادفت أعماله، فقد ساهمت بتوزيع عشرات الطبعات من رواياته، كما أوصلت مقولاته إلى جمهور عريض لا يجيد القراءة والكتابة، أو يجيده، لكنه ليس مستعدًا لشراء رواية، مع الإقرار بتفاوت مستويات الأفلام، وتباين الآراء بشأنها.
وانتهى شريف صالح إلى القول بأن معالجات المخرجين صلاح أبوسيف وكمال الشيخ تظل هي الأفضل والأكثر إخلاصاً لروايات محفوظ، وكذلك إخراج حسين كمال في "ثرثرة فوق النيل"، و"خان الخليلي".
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز