التحرّك المصري المرتقب والذي تحدّث عنه الرئيس السيسي ضروري للغاية، خاصة وأنه حظي بدعمٍ عربي كبير.
ردات فعلٍ كثيرة تبعت تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والتي أشار فيها إلى أن أي تدخلٍ عسكري لبلاده في ليبيا المجاورة بات شرعياً، وذلك بعدما كشفت المليشيات المدعومة من تركيا وقطر والتي تقودها حكومة "الوفاق" بزعامة فايز السرّاج عن نيتها بالسيطرة على مدينتي سرت والجفرة.
الأمر الذي وصفه الرئيس المصري بخطٍ أحمر، وهذا الوصف لم يأت من فراغ، فكلتا المدينتين، سرت والجفرة تتمتعان بموقعٍ استراتيجي هام للغاية ومنهما يمكن الوصول بكل سهولة إلى مختلف المناطق الليبية والحدود البرية المصرية لكونهما تشكلان عقدة مواصلات، بالإضافة إلى وجود قاعدتين عسكريتين فيهما وهما "الجفرة " والقرضابية".
كما أن كلتا المنطقين تشكلان معاً بوابة نحو حقول النفط الليبي، وبالتالي سيطرة المليشيات المدعومة من أنقرة والدوحة على هاتين المنطقتين الليبيتين تعني حصولها على المزيد من الموارد الاقتصادية لدعم عملياتها العسكرية، ما يسهّل تمددها أكثر في الداخل الليبي وتهديد دول جوارها، وهو الأمر الذي تدركه القاهرة وتعارضه بشدّة.
لا سيما وأن تركيبة تلك المليشيات ليست ليبية بالكامل، فأكثر من 12 ألف مرتزقٍ نقلوا من سوريا يقاتلون مع الليبيين المؤيدين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ناهيك عن الجيش التركي الذي يرافقهم بعدما أنشأ قواعد له في طرابلس ومناطق أخرى تسيطر عليها هذه المليشيات المسلّحة والتي تتلقى أوامرها مباشرةً من الاستخبارات التركية.
لذلك فإن التحرّك المصري المرتقب والذي تحدّث عنه الرئيس السيسي ضروري للغاية، خاصة وأنه حظي بدعمٍ عربي كبير، فمصر دولة عربية ولديها حدود طويلة مع ليبيا العربية أيضاً وهناك علاقات اجتماعية تربط بين عشائر تتوزع على ضفتي الحدود داخل الأراضي المصرية والليبية.
التحرّك المصري المرتقب والذي تحدّث عنه الرئيس السيسي ضروري للغاية، خاصة وأنه حظي بدعمٍ عربي كبير.
ولم يكن لدى القاهرة أي نيّة للتدخل العسكري المباشر في ليبيا لولا وجود تهديد إرهابي مباشر على أمنها القومي خاصة وأن طول حدودها المشتركة مع ليبيا يبلغ نحو 1200 كيلومترا، كما أن مجلس النواب الليبي وهو السلطة المنتخبة الوحيدة في البلاد رحّبت بالتدخل المصري.
وهو على العكس تماماً من تدخل تركيا التي تعد قوة الاحتلال الوحيدة في ليبيا، وباعتقادي من سمح للجيش التركي باحتلال عاصمته لا يمكن له اليوم الحديث عن السيادة الوطنية.
ويضاف لهذا كله أنه طيلة السنوات الماضية وإلى الآن، تواصل القاهرة دعمها للخيار السلمي كحلٍ للأزمة الليبية، لكن أنقرة لا تسمح بذلك من خلال دعمها للسراج، ولا تكتفي بذلك فحسب، وإنما ترفض مشاركة الجيش الوطني الليبي كطرف في المفاوضات، ما ينفي وجود حلول سياسية لديها، فكيف يمكن الحديث عن مفاوضاتٍ دون مشاركة كلّ الأطراف فيها؟
باعتقادي قبل لجوء القاهرة إلى القوة العسكرية، عليها أن تعمل مع عواصم عربية أخرى على تعليق التمثيل الديبلوماسي مع أنقرة خاصة وأن هناك دولا عربية ستدعم مثل هذه القرارات لا سيما وأنها تؤيد الرؤية المصرية لحل الأزمة الليبية سلمياً، كذلك يمكن للقاهرة والدول العربية منع مواطنيهم من زيارة تركيا.
هذه كلها جملة من خطواتٍ ضرورية ستضع تركيا في حصارٍ سياسي واقتصادي كبير قد يرغمها على مراجعة سياساتها في ليبيا، ما سيساهم في إجبار السرّاج على قبول التفاوض مع المشير خليفة حفتر وتقديم تنازلاتٍ له دون تكلفة عسكرية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة