عالم مصري يفند مزاعم علاقة اصطفاف الكواكب بحدوث الزلازل (حوار)
مر يوم 8 مارس/آذار الجاري، ولم يقع الزلزال الذي تنبأ به ما يسمى بمتنبئ الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس.
وكان هذا هو أحد المبررات التي يستند إليها شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، لرفض نظرية اصطفاف الكواكب وعلاقتها بحدوث الزلازل، التي يتبناها هوغربيتس، وكثير من متنبئي الزلازل.
وقال الهادي في حوار لـ"العين الإخبارية"، إن إخفاف التنبؤ الخاص بزلزال 8 مارس/آذار، ليس الأول، بل إن تاريخ أصحاب هذه المدرسة مليء بالإخفاقات التي قام الهادي بحصرها، واعتبرها كافية لهدم هذه النظرية، ولكنه يشدد على أن المؤمنين بها لا يعترفون بأخطائهم.
وأشار الهادي إلى مبررات أخرى عقلية وعلمية كفيلة بأن تضع هذه النظرية في حجمها الطبيعي وهو "تنجيم مغلف بالعلم"، لكنه يتعجب رغم ذلك من وجود من يعتقد فيها، وينتظر تغريدات أصحابها.
وأكد أن مثل هؤلاء لن يناسبهم أي حديث علمي، مضيفا: " كلامي وكلام غيري من متخصصي الزلازل، هو الأدق، لمن يريد أن يعرف الحقيقة".
وإلى نص الحوار:
*لماذا تغضبون من تغريدات متنبئ الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس؟
**لاننا متخصصون في الزلازل، ونعرف أن ما يقوله غير دقيق على الإطلاق.
*ولكن الرجل تنبأ بزلزال 6 فبراير/شباط الذي ضرب تركيا وسوريا؟
**يومئ بالرفض قائلا: الرجل قال إن آجلا أو عاجلا سيحدث زلزال في صدع شرق الأناضول، وهذا تعليق مبهم لا يحمل أي جديد، فأي فوالق نشطة شهدت وقع زلازل في تاريخها، فهي معرضة لوقوع زلازل إن آجلا أو عاجلا.
*ولكن الزلزال وقع بعد أيام من كتابة هذا التعليق؟
**ولو وقع الزلزال بعد 10 سنوات، كان يخرج علينا ويقول إنه توقع حدوث زلزال في تلك المنطقة، وهذا هو أسلوب متنبئي الزلازل.
*ولكن الرجل توقع بعد ذلك زلازل أخرى؟
**بعد حدوث زلزال كبير مثل زلزال 6 فبراير/شباط، ستكون هناك هزات أرتدادية بشكل شبه يومي، فتوقع أي زلزال في تلك الفترة لا يعني أي شيء، ويبدو أنه أدرك ذلك، فخرج علينا بتوقع جديد، قال فيه إنه سيحدث زلزال كبير وليس هزة ارتدادية في 8 مارس/آذار، ولم يحدث شيء.
*أشعر وكأنكم كنتم تنظرون هذا الإخفاق؟
**هذا ليس الإخفاف الوحيد، فنظرية "اصطفاف الكواكب وتأثيرها على الأرض"، التي يستند إليها هوغربيتس، أثبتت فشلها في أوقات أخرى، ولكن للأسف لا يعترف أصحابها بأخطائهم.
*متى أثبتت تلك النظرية فشلها؟
**أكثر من مرة، أشهرها توقع "جون جريبين" و"ستيفن بالجمان" في عام 1974 حدوث زلزال كبير في صدع "سان أندرياس" بولاية كاليفورنيا الأمريكية في 10 مارس/آذار عام 1982، بسبب اصطفاف كواكب عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو على نفس الجانب من الشمس، ونشروا كتابا روجوا فيه لهذا الحدث تحت عنوان " تأثير المشتري"، وحقق هذا الكتاب مبيعات ضخمة، ولم يحدث أي شيء.
وعاد أصحاب هذه النظرية وتوقعوا مجددا، أنه في غضون عام 2011، سيحدث زلزال ضخم سيؤدي إلى نهاية الكون، ولم يحدث أي شيء، وتكرر نفس الأمر في أعوام 2012 و2015.
*بعيدا عن هذه الإخفاقات، ما هي المبررات العلمية لرفض هذه النظرية؟
**قبل أن نتحدث عن مبررات علمية، دعنا نتحدث عن ما تقوله هذه النظرية، فهي قائمة على أن جاذبية كواكب المجموعة الشمسية في وضع الاصطفاف أو المحاذاة الكوكبية، بإمكانها تغيير سرعة دوران الأرض، الأمر الذي يؤدي إلى تغييرات في سرعة الصفائح التكتونية في القشرة الخارجية للأرض الحاملة للقارات، وبالتالي اصطدامها أو ابتعادها أو اندساسها، بما يؤدي لحدوث زلازل.
*كلامهم يبدو علميا.. ما المشكلة إذن؟
** لا تقل علما هو "تنجيم مبطن بالعلم".
* لماذا تصفه بذلك؟
**لثلاثة أسباب، الأول هو سبب بديهي، فإذا طالعت الكتاب الفلكي الذي يصدره معهدنا ستجد الكثير من أوقات اصطفاف للكواكب خلال العام، فهل يعني ذلك توقع حدوث زلزال، مع كل اصطفاف؟
والسبب الثاني، أن أصحاب تلك النظرية لم يقدموا تفسيرا لأسباب وقوع زلازل في أوقات ليس لها أي علاقة بالظواهر الكونية، وبالتالي فإن حدوث زلزال وقت ظواهر مثل اصطفاف الكواكب هو صدفة ليس أكثر.
والسبب الثالث، هو أن قوة جاذبية الكواكب أضعف بكثير من القوى التكتونية التي تسّبب الزلازل ، وتنتج هذه القوى من حركة الصفائح التكتونية في القشرة الأرضية وتصادمها أو انزلاقها على خطوط الصدع المتشكلة على حافات الصفائح من الحركة الذاتية داخل الكرة الأرضية نفسها.
*ولماذا هي أضعف؟
**لأنها تبعد عن الأرض ملايين السنوات الضوئية، وقانون نيوتن للجاذبية ينص على أن الجاذبية بين جسمين تتناسب طرديا مع كتلتيهما وتتناسب عكسيا مع مربع المسافة بين الجسمين، لذلك، كلما زادت كتلة الجسمين وتقاربا، زادت قوة الجاذبية بينهما، وهذا ما يجعل القمر والشمس، لهما قوة جاذبية على كوكب الأرض، بسبب كتلتهما الكبيرة، وقربهما من الأرض.
*ولماذ اخترت الحديث عن اصطفاف الكواكب فقط، ولم تتحدث عن القمر، فمتنبىء الزلازل الهولندي، أحيانا ما يشير إلى تأثيره على الأرض وتسببه في حدوث زلازل في وقت المد والجزر؟
*كما فعلنا في اصطفاف الكواكب، دعنا نقول أن ما يردده أصحاب هذه النظرية حتى نناقشة بالعقل والمنطق، فهم يقولون أن وضع القمر الذي يتسبب في حدوث المد والجزر على سطح البحر، وتغُّير توزيع كتلة الماء في المحيطات، يمكن أن يشكل ضغطا على الصدوع الزلزالية المتشّكلة على حافة الصفائح التكتونية القارية وإطلاق طاقة أو إجهاد قد يتسبب في حدوث الزلازل.
*وكيف يمكن الرد على هؤلاء؟
**سنسألهم وما تفسيركم لحدوث الزلازل في حالات أخرى للقمر مثل المحاق والهلال، وسنسألهم أيضا لماذا تحدث الزلازل داخل القارات، وليس على حدود الصفائح التكتونية داخل القشرة الأرضية.
وكا قلنا مع اصطفاف الكواكب، فإن الأمر لا يعدو أن يكون صدفة، وهو حدوث زلازل وقت اكتمال القمر بدرا، لكن ذلك لا ينشأ علاقة سببية بين كون القمر بدرا وحدوث زلازل.
*ولكن هناك علماء أعلنوا مؤخرا تأييدهم لهذا الرأي؟
** مع تقديري لهؤلاء، فهم غير متخصصين في الزلازل، فكلامي وكلام غيري من متخصصي الزلازل، هو الأدق، لمن يريد أن يعرف الحقيقة.