وزير الري المصري في ندوة "العين الإخبارية": نعمل للتوصل إلى اتفاق عادل ودائم مع إثيوبيا
"العين الإخبارية" تستضيف وزير الري المصري الدكتور محمد عبدالعاطي في ندوة تحدث فيها عن آخر تطورات التفاوض حول سد النهضة الإثيوبي.
أبدى وزير الري المصري الدكتور محمد عبدالعاطي، رغبة بلاده في استكمال مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا جديتهم في التوصل لاتفاق مع إثيوبيا، على أن يكون عادلًا ومستمرا وليس هشا، فاتحًا الباب أمام أي جهود مبذولة إقليميًا أو دوليًا للوصول لهذا الاتفاق.
واعتبر وزير الري خلال ندوة نظمتها "العين الإخبارية" أمس الأربعاء، التغييرات التي شهدتها دولة السودان مؤخرًا "شأنا داخليا"، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن التعاون المشترك بين القاهرة والخرطوم لم يتأثر بفترات الحكم المختلفة في السودان.
وكشف الوزير المصري أن بلاده بصدد استئناف المفاوضات مع إثيوبيا والسودان عقب تشكيل حكومة جديدة في الخرطوم.
سد النهضة.. إرادة وانفتاح
ورغم العثرات التي شهدها المسار التفاوضي منذ توقيع "إعلان المبادئ" بين الدول الثلاث في مارس/آذار 2015، إلا أن وزير الري المصري يرى أن "كل شيء قابل للحل، خاصة عندما تكون هناك إرادة متبادلة"، فعلى حد قوله " لدينا الإرادة للتوصل لحلول جيدة تحقق الهدف الإثيوبي، وفي نفس الوقت لا تسبب لنا أضرارا كثيرة".
وردًا على ما إذا كان تعثر تنفيذ بناء السد الإثيوبي له انعكاسات على المفاوض المصري، علق "عبدالعاطي": "هدفنا التوصل لاتفاق عادل يصمد مع الزمن، وهذا هو الأساس عندنا في التفاوض، ولا علاقة له بتعثر بناء السد، يجب أن يكون هناك اتفاق عادل وليس هشًا".
وأضاف وزير الري: "منفتحون جدًا ويهمنا أن يكون هناك اتفاق عادل مكتوب، منفتحون أن نصل لاتفاق سواء بطريقة إقليمية أو بجهود طرف آخر، لا يوجد لدينا مشكلة، وموقفنا هذا ليس بجديد وسبق أن عرضنا على الإثيوبيين تدخل البنك الدولي في المفاوضات ودراسة تشغيل السد بما لا يسبب أضرارا لمصر، ولم يوافقوا".
وفي 2008، طالبت مصر البنك الدولي بتمويل أول دراسة جدوى لإنشاء سد على النيل الأزرق بين مصر والسودان وإثيوبيا، لكن سرعان ما توقف الأمر بعد إعلان الأخيرة بناء سد النهضة، الذي تتخوف مصر من تأثيره على حصتها من المياه.
وعن أسباب تعثر المفاوضات، أوضح الوزير المصري أن "المفاوضات مرت بعدة محطات، كانت بدايتها مع تقرير اللجنة الدولية للخبراء الذي أفاد بنقص الدراسات، ثم اتفاق الدول الثلاث على اختيار مكتب استشاري لتنفيذها، والذي بدوره قدم تقريره الاستهلالي الذي قبلته مصر ورفضته إثيوبيا".
وتابع: "اتفقنا في الاجتماع التساعي لوزراء الخارجية والمياه ومدراء المخابرات إرسال ملاحظات الدول على هذا التقرير، واتفقنا أيضًا على صيغة الخطاب، لكن إثيوبيا لم ترسله حتى الآن، بعدها اتفقنا على لجنة دولية بحثية مستقلة من الدول الثلاث، وكان من المفترض أن تعقد 8 اجتماعات، لكنها عقدت 4 فقط بسبب التعثر الذي شهدته أعمال اللجنة".
وتابع: "خلال هذه الفترات عقدنا اجتماعات وزارية على مستوى وزراء المياه والخارجية والمستوى الرئاسي من المفترض أن يكون هناك اجتماع خلال هذه الأيام لكنه لم يحدث نتيجة الأحداث في السودان".
وأوضح وزير الري أن "الاجتماع مرجأ لحين تشكيل حكومة جديدة، قائلًا: "ننتظر استقرار الأمور في السودان وكذلك تشكيل حكومة جديدة".
ووقعت مصر والسودان وإثيوبيا، في مارس/ آذار 2015، وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، وهي بمثابة إطار للمفاوضات، يوافق ضمنيًا على استكمال إجراءات بناء السد، مع إقامة دراسات فنية لحماية الحصص المائية من نهر النيل للدول الثلاث التي يمر بها.
واعتبر الوزير المصري التغيرات الأخيرة في السودان "شأنا داخليا"، متابعًا: "في كل الأحوال مع فترات الحكم المختلفة في الخرطوم هناك تعاون وعلاقة أكثر بكثير، نحن جيران، وبيننا صلة دم ونسب، فالمشترك بينا كثير لذا نتمنى لهم الاستقرار".
اتفاقية عنتيبي.. محلك سر
وحول مرور 9 أعوام على تجميد عضوية مصر في الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، المعروفة بـ"اتفاقية عنتيبي"، قال وزير الري: "لدينا تحفظات على الاتفاقية، وبالتالي لا تحقق طموحاتنا، ولسنا مضطرين للتوقيع عليها، حتى الآن الوضع كما هو عليه والجديد أن يكون هناك تفاوض".
وأوضح الوزير المصري أنه "بالرغم من موقف بلاده الرافض لاتفاقية "عنتيبي" الإطارية التي تعيد بشكل غير مباشر النظر في حصتي مصر والسودان من مياه نهر النيل، إلا أن هذا لا يمنع التعاون مع دول حوض النيل، وهو مستمر فعليًا سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي".
وترفض القاهرة التوقيع على اتفاقية عنتيبي، التي تعيد بشكل غير مباشر النظر في حصة مصر والسودان من مياه نهر النيل، فيما وقعت عليها 6 من دول الحوض هي إثيوبيا، ورواندا، وبوروندي، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا.
التعاون المائي مع الإمارات
وبشأن التعاون مع الدول العربية، أوضح "عبدالعاطي" أنه "سيكون هناك تعاون بين وزراء المياه العرب أثناء أسبوع القاهرة للمياه، من خلال جلسات تتناول ملف تحلية مياه البحر، وهو ما سيسمح بتبادل الخبرات بين الدول العربية، سواء من ناحية البحث أو إنشاء المحطات نفسها".
ولفت الوزير المصري إلى أهمية التعاون على وجه الخصوص مع دولة الإمارات العربية المتحدة قائلًا: "دعونا وزير المياه الإماراتي والوفد المرافق له لحضور أسبوع المياه بغرض الاستفادة من خبراتهم في تحلية المياه وإدارتها، لديهم تجربة فريدة مثل إعادة شحن الخزان الجوفي من 3 إلى 6 أشهر لمواجهة أي تلوث محتمل في الخليج العربي".
وتابع: "هذه من التجارب التي أعجبت بها شخصيا، والمهم أن نستفيد منها ونتعاون في التجارب المماثلة مع الإمارات".
وتوقع وزير الري المصري توطيد التعاون المائي مع الإمارات في الفترة المقبلة.
وأضاف: "أيضا خبراؤنا يعملون في الإمارات لوضع استراتيجيات إدارة المياه، وبالتالي هناك تواصل غير مباشر، حيث ينقلون لنا تجارب الإمارات، ونحن أيضًا لدينا تجارب أخرى لذا سنكمل بعضنا بعضا".
استراتيجة (4ت) لمواجهة عجز المياه
ومتطرقًا للخطة القومية لإدارة الموارد المائية (2017-2037)، أوضح وزير الري المصري أن "تكلفة الخطة لن تقل عن 50 مليار جنيه، وهو ما يشكل تحديًا في كيفية تدبير هذا التمويل لمواجهة عجز المياه".
وعن استراتيجية وزارة الري المصرية التي حملت اسم (4 ت)، قال عبد العاطي إن "المحور الأساسي في هذه الاستراتيجية هو تحسين نوعية المياه لمواجهة العجز، حيث يتم تدبير 90% من المياه المتجددة من خلال إعادة تدوير %33 من المياه المتجددة، وأكثر من 50% مياها افتراضية، وهي المحاصيل التي تستوردها مصر من الخارج لعدم توفر المياه".
أما المحور الثاني، بحسب وزير الري، فهو "ترشيد استهلاك المياه من خلال عدة وسائل في الزراعة، مثل إدخال نظام الري الحديث، وتوفير قروض مدعمة للفلاحين، وتقليل مساحة الأرز 30%، بالإضافة للبدء في استيراد الأرز لتقليل الاستهلاك من المياه، وكذلك تقليل فترة نمو بعض المحاصيل من 150 يوما إلى 90 يوما".
وأضاف: "كما نوفر قطعا متوفرة على صنبور المياه لترشيد وتحسين فواقد المياه رغم إعادة استخدامها، لكننا نبحث عن الأفضل".
وأوضح الوزير أن "الكفاءة الكلية لاستخدام المياه في مصر تتعدى 85%، وهي أعلى إنتاجية في أفريقيا والعالم، حيث تتم إعادة استخدام المياه 3 و4 مرات"، مؤكدًا على أن "بلاده تسعى لتحسين هذه النسبة ولا تعتبرها كافية".
وتابع: نخطط لرفع نسبة المياه المعاد استخدامها لتصل إلى 40% من المياه المتجددة خلال عامين.
ويتلخص المحور الثالث في تنمية الموارد المائية من خلال تحلية مياه البحر، وحصاد كمية الأمطار القليلة في أماكن متفرقة مثل شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر والصحراء الغربية والصعيد، وأخيرًا إدارة الملاحة النيلية مع انخفاض المناسيب.
وخلص الوزير المصري إلى أن المحور الأخير يتمثل في تهيئة البيئة المناسبة للتوعية من خلال المصارحة بحقائق الوضع المائي والتحديات التي تواجهها مصر، وهي التوعية التي تتطلب تدريجًا وتدريبًا في إدارة ندرة المياه، مبديًا تفاؤله بمشروع قانون الموارد المائية المنتظر خروجه للنور قريبًا، فهو بحسب رؤيته"يمثل نقلة في إدارة المياه".