من "الميري" إلى "أكل العيش".. رحلة المصريين مع أسعار الخبز
%25 زيادة في الخبز غير المدعوم و15% للطحين
"إن فاتك الميري تمرغ في ترابه" مثل مصري يعني أنه إن فاتك موسم الميرة (القمح) لن تجد ما تأكله، واليوم شبح غلاء الخبز يطارد المصريين.
من أيام الروماني في مصر، والرجل المصري يقدس القمح (الميرة في عصر الرومان)، وامتدت هذه العلاقة بين المصريين وسنابل القمح إلى يومنا هذا.
حتى جاءت أزمة سلاسل الإمداد وانقلبت جميع الموازين، بفعل الحرب الروسية في أوكرانيا، أكبر موردي القمح إلى مصر.
وتحول المثل لآخر وهو "عشان ناكل عيش" ليختلف المعنى من رخاء حصاد القمح إلى التقشف في مواجهة غلاء الأسعار جراء أزمات كورونا والإغلاق العام والتوترات الجيوسياسية الراهنة في شرق أوروبا.
وارتفعت أسعار الغذاء في مصر حتى من قبل الحرب الروسية في الأراضي الأوكرانية. والآن ارتفع سعر الخبز الذي يعوّل عليه الكثير من المصريين كمكوّن أساسي في غذائهم مع اضطراب صادرات القمح من البحر الأسود وزيادة الأسعار العالمية.
ويعيش ثلث سكان مصر البالغ عددهم 103 ملايين نسمة تحت خط الفقر الرسمي ويكابد كثيرون منهم شظف العيش.
يقول أصحاب المتاجر إن تكلفة كيس الخبز المدعوم زادت 25% في الأسابيع الثلاثة التي تلت بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، فضلا عن تزايد أسعار الزيت والبيض والمعكرونة وغيرها من الأغذية عالية الاستهلاك.
وقال عطية حماد رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية بالقاهرة إن أسعار الطحين زادت بما يصل إلى 15%.
مصر أكبر مستورد للقمح عالميا
ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وتشتري أكثر من 60% من احتياجاتها من الخارج. وشكلت روسيا وأوكرانيا نحو 80% من تلك الواردات في العام الماضي.
والآن يسارع التجار للاستيراد من أماكن أخرى بعد توقف الشحنات بسبب القتال في أوكرانيا والعقوبات على روسيا.
وحسب تجار: "إذا أردت بديلا فستكون الأسعار مختلفة تماما"، في إشارة إلى تقلبات العقود الآجلة التي يستند إليها السوق.
وارتفعت العقود الآجلة للقمح في باريس تسليم مايو/أيار بنحو 50% من مستوياتها المتدنية في فبراير/شباط.
خطر اجتماعي
كشفت دراسة نشرها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية هذا الأسبوع أن زيادة الأسعار في الآونة الأخيرة قد يرفع الإنفاق الحكومي السنوي على واردات القمح إلى الضعف تقريبا من نحو ثلاثة مليارات دولار إلى 5.7 مليار، وهو مبلغ قد تواجه الحكومة صعوبة لتدبيره نظرا لعدم تغير تكلفة الخبز المدعوم منذ الثمانينيات على الرغم من انكماش حجم الرغيف.
وأثارت محاولة لزيادة سعر الخبز المدعوم في 1977 أحداث شغب في مصر لتتراجع الحكومة وقتها عن كل القرارات، في حين شهد عصر الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك اضطرابات في 2008 بسبب نقص القمح.
وكان الهتاف الرئيسي في الانتفاضة التي أسقطت الحكومة به بعد ذلك بثلاثة أعوام "عيش حرية عدالة اجتماعية".
والآن تحذر منظمات دولية منها البنك الدولي من أن زيادة أسعار الطاقة والغذاء قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مماثلة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وحاولت الحكومة طمأنة المصريين في الأسابيع الماضية بأن احتياطيات القمح الموجودة والمحصول المحلي تكفي لتغطية الطلب على الخبز المدعوم لنحو ثلثي السكان لمدة لا تقل عن ثمانية أشهر.
كما رفعت الحد الأدنى للسعر المدفوع للمزارعين لزيادة توريد المحصول المحلي، وتقول إنها تخصص ميزانية لواردات قمح أعلى سعرا رغم الضغوط على المالية العامة.
ويقول مسؤولون إن إصلاحات الدعم قد تُدرج في ميزانية 2022-2023 المقرر إعلانها هذا الشهر، وإن لم يتضح بعد حجم أي إصلاحات.
ويأتي القمح المخصص لبقية أنواع الخبز من سوق خاصة متنامية يقول المتعاملون بها إن احتياطياتها أقل.
واحتجزت السلطات المصرية 12 شخصا على الأقل للاشتباه في التخزين والمضاربة في سلع غذائية ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة يوم الثلاثاء لتسعير الخبز غير المدعوم.
حظر تصدير القمح والطحين
وحظرت مصر تصدير القمح والطحين وغيرهما من السلع الغذائية تشمل العدس والفول الأخضر لثلاثة أشهر.
ومن المتوقع أن تؤدي زيادة أسعار السلع الأولية إلى ارتفاع الأسعار في مختلف قطاعات الاقتصاد. وزاد التضخم الأساسي إلى أعلى مستوياته منذ نحو ثلاثة أعوام في فبراير شباط، ومن المتوقع أن يواصل ارتفاعه مع إقبال المستهلكين على الشراء قبيل شهر رمضان الذي يحل في مطلع الشهر المقبل.
وقال تيموثي كالداس من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط إنه على الرغم من أن الضغوط الجديدة قد تُزيد الإحباطات المتصاعدة بسبب أحوال المعيشة، فإنها ربما لا تؤدي إلى احتجاجات شعبية.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA= جزيرة ام اند امز