انتخابات كردستان العراق.. إعادة إنتاج المشهد السياسي وسط تهديد إيراني
مراقبون حذروا من استغلال إيران للانقسام بشأن نتائج الاقتراع البرلماني لشق الصف الكردي وفرض الهيمنة على الإقليم.
أظهرت نتائج أولية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق بقاء المشهد السياسي على حاله بتقاسم الحزبين الرئيسيين مقاعد مجلس النواب، وسط تحذيرات المراقبين من مخطط إيراني لتمزيق الصف الكردي في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي.
ويترقب الشارع الكردي النتائج النهائية لأول اقتراع نيابي بعد استفتاء على استقلال الإقليم ألغيت نتائجه في وقت لاحق من العام الماضي، وسط أزمة سياسية عاصفة.
- بالصور.. أول انتخابات برلمانية بكردستان العراق بعد استفتاء الاستقلال
- مفوضية كردستان لـ"العين الإخبارية": 57.96% نسبة المشاركة بالانتخابات
وتتنامى المخاوف من احتدام الصراع بين الحزبين الرئيسيين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وسط غموض موقف الأخير بشأن نتائج الانتخابات التي جرت قبل يومين.
وحذر مراقبون من استغلال إيران للانقسام بشأن نتائج الاقتراع البرلماني لشق الصف الكردي وفرض الهيمنة على الإقليم، في وقت تضاربت فيه مواقف الاتحاد الوطني الكردستاني من نتائج الانتخابات البرلمانية التي لم تعلن رسميا حتى الآن.
وقال المتحدث باسم الحزب سعدي أحمد بيرة، بعد مرور وقت قصير على بدء عمليات عد وفرز الأصوات، إن حزبه ربما سيرفض نتائج الانتخابات لحدوث حالات تزوير في عدد من المدن.
لكن القيادي في الحزب ورئيس قائمته الانتخابية، قوباد طالباني قال في تصريح صحفي تناقلته وسائل إعلام كردية إنه "من السابق لأوانه الحكم على نتائج الانتخابات".
لم تتوقف ردود الأفعال عند الاتحاد الوطني الكردستاني، بل أعلنت كل من حركتي التغيير والجيل الجديد رفضهما لنتائج الانتخابات.
وهدد رئيس حركة الجيل الجديد شاسوار عبدالواحد، في مؤتمر صحفي عقده في السليمانية المعقل الرئيسي للحركة، بمقاطعة البرلمان القادم في ظل النتائج الحالية.
ومن جانبه، أعلن القيادي في حركة التغيير شورش حاجي، أن حركته تنتظر إبطال ما أسماه بالأصوات المزيفة التي أدخلت إلى صناديق الاقتراع وإلا فإنها سترفض الانتخابات التي جرت في الإقليم بمجملها.
وأشارت النتائج الأولية غير الرسمية التي باشرت وسائل إعلام محلية في الإقليم عرضها اعتمادا على مراقبي الكتل السياسية بعد مرور ساعات على انتهاء التصويت العام، إلى حصول الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني على المركز الأول بـ43%
بينما حل الاتحاد الوطني بالمركز الثاني بحصوله على 20.01% من نسبة الأصوات، كما حلت حركة التغيير في المركز الثالث بعد حصولها على 12.8% من نسبة التصويت.
وجاءت حركة الجيل الجديد والجماعة الإسلامية في المركزين الرابع والخامس على التوالي، فيما أعلنت مفوضية الانتخابات في الإقليم أنها ستعلن عن النتائج الأولية الرسمية بعد مرور72 ساعة من انتهاء عملية التصويت العام.
وتأتي الاعتراضات على نتائج أولية للاقتراع في وقت أعلنت فيه شبكة شمس لمراقبة الانتخابات (تتكون من 21 منظمة محلية غير حكومية)، أن عملية التصويت العام لانتخابات برلمان كردستان سارت بشكل عام بأجواء هادئة وبانسيابية ولم تشهد مشاكل كبيرة.
وكشفت الشبكة في مؤتمر صحفي عقدته في أربيل الإثنين، أنها "سجلت خلال سير التصويت العام في عموم مدن إقليم كردستان 316 انتهاكا ومخالفة انتخابية، 39 منها ترتقي إلى مستوى المخالفات الحمراء، التي قد تؤدي إلى إلغاء محطة (مركز) الاقتراع التي حدثت فيها".
ويقول مراقبون إن حالة الانقسام في الإقليم تحمل بصمات "فيلق القدس" الإيراني وقائده الإرهابي قاسم سليماني المتواجد في العراق منذ أشهر، لافتين إلى سعيه منذ سنوات إلى شق الصف الكردي وتقسيم إقليم كردستان إلى إدارتين، ومن ثم إلغاء نظام الإقليم وتحويله إلى محافظات تابعة للحكومة العراقية في بغداد.
وطالب هوشيار مالو، رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، الأحزاب السياسية في الإقليم بتأجيل تصريحاتها إلى المرحلة التي تعقب الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات.
وأكد أن التصريحات الحالية طبيعية ولن يتأثر الشارع الكردستاني ووحدة الصف الكردي بها، لافتا إلى "الدور الإيراني" في كل ما يحدث في الإقليم وفي العراق.
وأوضح مالو لـ"العين الإخبارية" أن "هناك جزءا من القادة السياسيين الكرد لهم ميول باتجاه إيران، تتمثل بالحفاظ على مصالح طهران داخل كردستان وفي العراق"، مشيرا إلى أن الشارع الكردستاني يحاول الضغط على الأحزاب الكردستانية كي تغلب مصالح المواطن الكردستاني على مصالح الدول الإقليمية.
وشهدت محافظة السليمانية ومدينة كويسنجق أعمال عنف وهجمات نفذها مسلحون على بعض مراكز الاقتراع تمثلت في طرد المراقبين والاعتداء على موظفي مفوضية الانتخابات وتنفيذ عمليات تزوير.
وتسببت أعمال العنف في تأخير إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الإقليم نسبة المشاركة في التصويت العام.. وبعد انتظار دام لعدة ساعات أعلنت المفوضية أن نسبة المشاركة في محافظات الإقليم الأربعة بلغت 57.96%.
وأكدت مصادر كردية مطلعة، تورط الحرس الثوري الإيراني الذي يمتلك نفوذا واسعا في محافظة السليمانية المحاذية لإيران، خلال السنوات الماضية في العديد من أعمال العنف والفوضى التي شهدتها شوارع مدينتي السليمانية وحلبجة وعدد من مدن كردستان الأخرى.
وقال المراقبون إن النظام الإيراني يعتبر إقليم كردستان خطرا على مشروعه التوسعي في المنطقة، خصوصا وأن قيادة الإقليم رفضت عدة مرات طلبات الحرس الثوري بفتح الطريق البري أمام إيران لنقل السلاح والجنود إلى سوريا وميليشيا حزب الله اللبناني.
وهاجمت الميليشيات التابعة لإيران والحرس الثوري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي مدينة أربيل عاصمة الإقليم، لكن قوات البيشمركة تصدت للهجوم الإيراني وأوقفته عند ناحية التون كوبري شمال كركوك بعد معارك طاحنة قتل خلالها أكثر من 150 عنصرا من عناصر الحرس الثوري والميليشيات.
واعتبر علاء النشوع، الخبير السياسي والاستراتيجي العراقي التدخلات الإيرانية في الإقليم ضغطا تمارسه طهران ضد واشنطن، من خلال الإقليم الذي يعتبره النظام جزءا من المصالح الأمريكية.
وأضاف قائلا لـ"العين الإخبارية" إن "إيران تتدخل في الإقليم عن طريق بعض الأحزاب الكردية التي تؤيد السياسة الإيرانية في المنطقة عبر التستر على القواعد الإيرانية التي نصبت بالقرب من الحدود القريبة مع محافظة السليمانية".
وأشار النشوع إلى أن طهران تسعى لتأسيس قاعدة للتحرك والتدخل بسهولة في شؤون المنطقة والتأثير على القرار الأمريكي.
- مصادر: الإرهابي قاسم سليماني اختار رئيس وزراء العراق في "اجتماع النجف"
- عشرات الصحفيين الأجانب يغادرون العراق إثر تهديدات إيرانية
وأضاف النشوع أن أمريكا قادرة على تقويض النفوذ الإيراني عبر تعزيز علاقتها بدول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي، وتشديد العقوبات الاقتصادية في ظل الضغوط السياسية الداخلية التي يعاني منها نظام طهران.
ويتزامن التنافس الانتخابي في إقليم كردستان مع تنافس محتدم بين الحزبين الرئيسيين الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني على نيل منصب رئيس الجمهورية في بغداد.
وأخفق البرلمان العراقي مساء الإثنين في اختيار رئيس الجمهورية بسبب عدم اتفاق الكتل الكردية على مرشح واحد والانسحابات التي شهدتها الجلسة الأمر الذي تسبب بعدم اكتمال النصاب القانوني.
وتتنافس 24 شخصية على نيل منصب رئيس جمهورية العراق، الذي أصبح من حصة الأكراد حسب التوافق الموجود بين الكتل السياسية منذ عام 2003، لكن المنافسة محتدمة بين فؤاد حسين مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني القريب من الولايات المتحدة الأمريكية، وبين برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني الذي تؤكد تسريبات حصلت عليها "العين الإخبارية" أنه مدعوم من إيران.
وحسب الدستور العراقي، يجب اختيار رئيس للجمهورية خلال فترة شهر من الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب، وهي الفترة التي تنتهي اليوم الثلاثاء الذي حددته رئاسة البرلمان العراقي موعدا نهائيا لانتخاب رئيس الجمهورية بعد فشل جلسة الإثنين.
aXA6IDMuMTM1LjIwNC40MyA= جزيرة ام اند امز