الولع بأجهزتك الإلكترونية يدمر نومك وصحتك النفسية
الطريقة التي نتعامل بها مع الأجهزة الإلكترونية تتيح لها استهلاك قدر أكبر بكثير من الساعات التي يجب أن نكون فيها نائمين
إذا كنت تستخدم جهازا إلكترونيا قبل الاستغراق في النوم أو تقرأ رسائل البريد الإلكتروني، أو تتابع مواقع التواصل الاجتماعي، أنت لست وحدك في ذلك، إذ تقدّر دراسة أجرتها مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية أن 48% من البالغين الأمريكيين يستخدمون أجهزة، مثل أجهزة الكمبيوتر اللوحية أو المحمولة، في السرير.
فيما تبين الدراسات في بلدان أخرى أن هذه الظاهرة أكثر انتشارا بين البالغين الأصغر سنا.
لكن الولع بأجهزتك الإلكترونية يلحق الضرر بنمط نومك، فهو يجعلك تسهر حتى وقت متأخر، وتستيقظ كثيرا خلال الليل. وقد أوضحت مزيد من الأبحاث أن استخدام التكنولوجيا ليلا يمكن أن يكون له تأثير ضار على القدرة على التعامل مع التوتر، وتقدير الذات، والصحة النفسية.
بدون قدر كاف من النوم، تصبح أقل إنتاجية في العمل، ويمكن أن يؤثر ذلك على صحتك على المدى الطويل، إلا أنه يبدو أن القليلين منا قادرون على مقاومة ذلك. فلماذا؟
على عكس القراءة أو مشاهدة التلفزيون، تعد الأجهزة الإلكترونية الحديثة أجهزة تفاعلية. فهي تمكنك من الاتصال مع العالم الخارجي، حتى من غرفة نومك، وهي المكان الذي كان تاريخيا مكانا خاصا للاسترخاء ونسيان يوم مشحون بالحركة.
يقول ماثيو ووكر، أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس بجامعة كاليفورنيا، بيركلي: "إن هذه الأجهزة تسبب تأخير النوم".
ويقول الخبراء إننا نحتاج إلى ما بين 30 دقيقة وساعة من التحضير قبل النوم، لإعطاء عقولنا فرصة للاسترخاء من ضغوط اليوم، وبالتالي فإن أشياء مثل قراءة كتاب أو تناول مشروب ساخن، أو ممارسة لعبة عقلية، تساعد على ذلك.
لكن، كما يقول ووكر، عندما نلتقط هواتفنا، فإننا نلغي عملية التحضير التي تحتاجها أدمغتنا من خلال تمديد اليوم إلى ساعات متأخرة من الليل، والتأثر بكل أنواع التوتر والقلق الناتجة عن تلك الأجهزة.
ويقول: "قد نشعر بالنعاس تماما، ويمكن أن نغفو بسهولة إذا انقطع التيار الكهربائي وتوقفت هواتفنا عن العمل. إلا أننا عندما نلتقط هذه الأجهزة، فإنها تسمح لنا بتأجيل النوم. وفي كثير من الأحيان، يذهب الناس إلى السرير، ويراسلهم أحد عبر موقع فيسبوك، أو يرسل لهم رسالة إلكترونية، وتمضي 20 أو 30 دقيقة دون أن يشعروا بذلك".
ويضيف قائلا: "إن إرسال رسالة نصية أو نشرها على فيسبوك، أو تفحص رسائلك الإلكترونية، يعني أنك في انتظار ردود، وذلك يحفز جهازك العصبي الحسي. ثم بمجرد وضع الجهاز إلى جانب السرير، إذا تركت هاتفك في وضع التشغيل، فإنك تتلقى كل أصوات الرنين والتنبيهات، وغيرها من الأصوات التي يمكن أن توقظك خلال الليل".
ويبدو أن هناك فرقا ملحوظا بين السهر حتى وقت متأخر مع كتاب جيد أو في مشاهدة التلفاز في السرير، وبين استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المختلفة.
فالطريقة التي نتعامل بها مع الأجهزة الإلكترونية تتيح لها استهلاك قدر أكبر بكثير من الساعات التي يجب أن نكون فيها نائمين، وفقا للباحثين.
وقد توصلت مراجعة بحثية لعشرين دراسة حول أنماط نوم الأطفال إلى أن الأطفال الذين يضعون الأجهزة المحمولة في غرفهم يكون نومهم أقل عمقا.
وعلى سبيل المثال، فإن الضوء الأزرق الذي ينبعث من العديد من الشاشات الإلكترونية يمكن له أن يغير عملية إطلاق الهرمون الذي يدعى الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يساعد على تنظيم النوم، وهو ما قد يفقدنا السيطرة على الساعة البيولوجية الداخلية للجسم.
ويعتقد الخبراء في مجال النوم أنه يجب علينا -مثلما نحاول الإقلاع عن التدخين- أن نتعلم أن نمنع أنفسنا عن أجهزتنا الإلكترونية في الليل، وأن نشعر بالراحة من خلال تركها في غرفة أخرى.
وتوصلت مؤسسة النوم الوطنية في الولايات المتحدة إلى أن 20 % من الأشخاص الذين شملهم استطلاع أجرته مؤخرا، توقظهم أجهزتهم أثناء الليل، وأن نصف هؤلاء يلتقطون تلك الأجهزة للتفاعل معها وهم في الفراش.
وقد أجرى كارتر مراجعة لعشرين دراسة حول تأثير التكنولوجيا على أنماط نوم الأطفال، وتوصل إلى أنه حتى أولئك الذين لا يستخدمون الهواتف أو أجهزة أخرى قبل النوم لكنها موجودة في غرفهم، ينامون بعمق أقل من أولئك الذين يتركون هواتفهم في غرفة أخرى.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuNjQg جزيرة ام اند امز