لو كانت هذه الدولة مبنية على الخوف والاستبداد لسقطت منذ زمن بعيد, ولكنها بنيت على استقطاب العرب, وعلى فتح أبواب الرزق لهم.
كنت أتابع برنامجا أمس على محطة عربية بعنوان "إمارات الخوف".. ويتحدث البرنامج عن السجون والتعذيب, ويعرض شهادات لبعض الذين سُجنوا هناك.. وحين تتعمّق فيه تشعر أنك في دولة بوليسية, لديها نظام شمولي.. والناس يُسحلون في الشوارع.
زرت الإمارات, مرات عديدة.. تجولت في الجامعة الأميركية في الشارقة, وزرت دبي وأبوظبي, (وكسدرت) في دبي مول.. والتقينا على هامش نادي الصحافة بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم, وتعرفت على شباب من دبي وصبايا بعمر الورد.. لم أشعر بالخوف أبدا, بل أذهلتني هذه الدولة الجميلة والصارمة.
في الإمارات, يمر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم, بسيارته المرسيدس دون مواكب ودون حرس, وتستطيع أن تقابل الشيخ سلطان القاسمي, على هامش مؤتمر في الشارقة.. وتذهلك عروبته والتزامه, ومن الممكن أن تجد عبدالله بن زايد على مقربة منك في السيارة على إشارة أبوظبي وتلوّح له بيدك وسيرد عليك السلام.
لو كانت هذه الدولة مبنية على الخوف والاستبداد لسقطت منذ زمن بعيد, ولكنها بنيت على استقطاب العرب, وعلى فتح أبواب الرزق لهم.. بنيت على احترام العقل.. والانفتاح على الآخر, وبنيت أيضا على احترام حرية الفرد في الملبس والمأكل والرأي.
في مؤتمر عُقد بدبي على هامش ملتقيات نادي الصحافة, أشركوني في الحديث وعلى المنصة الرئيسية, قلت كلاما عن الأردن.. وتحدثت عن الرفاه في الخليج, وانتقدت النفط العربي بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. لم يعتقلني أحد, ولم يأخذوني إلى زواريب السجون.. حتى أنني على هامش المؤتمر كله تمنيت أن أقابل شرطيا واحدا ولم أجد.. من أين جاءت هذه القناة بقصة الخوف؟.. هل جمال مطار دبي يُشعرك بالخوف.. هل برج خليفة بُني كعقاب للإماراتيين والعرب.. هل شارع الشيخ زايد رصفوه لأجل سحل الناس على أرصفته؟
هناك مبالغات غريبة في الإعلام, لدرجة أنهم ينحرون الحقائق أمامك, ويعرّون ضمائرهم.. ولا يدرون أن البرنامج بحد ذاته كشف سواد بعض القلوب في العالم العربي.
كانت الإمارات ولا تزال تجربة مهمة في العالم العربي, على صعيد الانفتاح والاستثمار واستغلال موارد النفط, والكل حاول استيراد تجربتهم من أجل إسقاطها على بلده.. وأجزم أنها دولة بنيت على الفرح واحترام العقل.. ولكن البعض ما زال مُصرّا على إسقاط تجربته هو في البأس والكره والخراب هو على الآخرين دون احترامٍ للعقل العربي الذي يستطيع أن يميز ما بين الحقيقة (والبروبجندا).. ما بين الوهم والواقع.. وما بين الغيرة والرضى، حمى الله الإمارات.
نقلا عن "الرأي" الأردنية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة