سياسات فرماجو وحكومته.. الصومال في أياد صبيانية
حكومة الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو تدفع ببلادها نحو الهاوية بقرارات لا تتصف بالاستقلالية أو العقلانية.
طبع الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو سياسة بلاده بالطيش والصبيانية، في تصرفات وسلوك بدا جلياً أن أيادي قطرية هي المحرضة عليه.
وصل فرماجو إلى سدة الحكم في مطلع العام الماضي، بحكم حملة انتخابية دغدغ فيها المشاعر القومية للصوماليين، حين قطع وعوداً بتقليص التدخلات الخارجية في الشأن الصومالي، تغاضى عنها جميعها منساقاً وراء الدوحة لتخريب علاقته مع أكبر الدول المساعدة لشعبه وهي دولة الإمارات العربية المتحدة.
- قائد الجيش الصومالي مندهشا من مصادرة الأموال الإماراتية: نطالب بتحقيق
- نكران الصومال لجميل الإمارات.. هدية مجانية للشباب الإرهابية
وواجه فرماجو استياءً شعبياً غير مسبوق، حين سلّم صومالياً إلى إثيوبيا، ما اعتبره البعض تنازلاً صريحاً عن سيادة الصومال التي جاء من أجل حمايتها، في خطوة عدَّت تقديماً لأوراقه للجارة إثيوبيا، كي تلقّبه برجلها المفضّل.
كذلك صادف في فترة وجوده القصيرة على سدة الحكم حدوث أعنف انفجار إرهابي يشهده العالم، بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، التي راح ضحيتها أكثر من 500 من المدنيين في تقاطع زومبي في العاصمة مقديشو.
غياب الحكمة في حكومة فرماجو جعلته ينصاع للدوحة، التي لم تتوان عن إشعال المزيد من الأزمات في المنطقة حيث حاولت في 8 من أبريل/ نيسان الجاري إحداث الوقيعة بين الصومال والإمارات، حين كشف حمزة عبدالله إبراهيم رئيس الجالية الصومالية في الإمارات، أن قطر كانت تقف وراء احتجاز الطائرة المدنية الإماراتية لعدة ساعات في مطار مقديشو الدولي.
وأكد رئيس الجالية أن قطر كانت تستهدف بذلك تخريب العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن قطر توغلت مؤخرا بالصومال مستغلة فقر الشباب غير المتعلمين، وأغرتهم بأموالها للعمل كمرتزقة لتنفيذ مخططاتها الإرهابية.
كما اتضح هيمنة قطر على القرار الصومالي حين عيّن الرئيس فرماجو فهد ياسين، الرجل الملقَّب بـ"عرّاب قطر"، في منصب مدير الديوان الرئاسي، إذ كان فهد قد عمل مراسلاً لقناة الجزيرة في الصومال، ومن ثمّ باحثاً في مركز الجزيرة للدراسات، قبل أن يتم نقله ليصبح مدير ملفات قطر السياسية في الصومال، وأدار الحملة الرئاسية للرئيس السابق حسن شيخ، الذي انقلب على قطر، ومن ثم كرّس فهد جهوده في توصيل الرئيس الحالي إلى سدّة الحكم بدعم سخيّ من قطر، وفقا لتقارير صحفية كثيرة.
وبالنظر إلى التفاهمات والتحالفات الإقليمية لا يخفى أنّ الحياد ليس بريئاً بالشكل الذي يصوره أنصار قطر، وإنّما يأتي في ظلّ نفوذ تركي- قطري متزايد في الصومال.
فتركيا تمتلك تركيا في الصومال أكبر سفارة لديها في الخارج، كما شيّدت مؤخراً قاعدة عسكرية لها هناك، وأعلنت قطر تعيينها "سفيراً فوق العادة" في الصومال، وسخّرت منابرها الإعلامية في مناصرة الرئيس فرماجو، وتغطية فشله السياسي والأمني، وشيطنة المعارضة، وجمهورية صومال لاند المجاورة.
وفي السياق نفسه، لم يكن خافياً أنّ تصرفات الحكومة الصومالية كانت بإيعاز من مناصري قطر في القرار الصومالي، خاصة فيما يتعلق بدولة الإمارات.
وأكد الصحفي يوسف غابوبي، الذي كتب تغريدة على حسابه في "تويتر"، يقول فيها: "إنّ حكومة الرئيس الصومالي فرماجو، هي الدولة الوحيدة في العالم التي ترتشي من قبل حكومة أخرى (قطر)، بغرض إفساد علاقاتها مع دولة ثالتة (الإمارات)، فرماجو ورئيس وزرائه استبدلا مساعدات الإمارات الإنسانية والتنموية والعسكرية، المقدَّرة بمئات الملايين من الدولارات، ببضعة ملايين تودع لهما في الخارج شهرياً".
السياق نفسه هو ما دفع قائد الجيش الوطني الصومالي، الجنرال عبدالولي جامع جورود، إلى إبداء دهشته من واقعة مصادرة أموال إماراتية مخصصة لدفع رواتب متدربين من جنود الحكومة الفيدرالية الصومالية.
وأكد الجنرال جورود أنه وقع خطاباً يسمح لدولة الإمارات بجلب الأموال، التي صادرتها سلطات مطار مقديشو الأحد الماضي، لكن التخبط وعدم استقلالية القرار الصومالي هو ما غيّر مسار الأحداث.
مشروع داعش في أفريقيا
وقد لا تكون لقرارات الحكومة الصومالية أثر سلبي عليها فقط وعلى شعبها، لتمتد إلى باقي القارة الإفريقية إذ تعمل قطر - الراعية لفرماجو - على ضرب الاستقرار والتنمية في القارة من خلال تصدير مشروع تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق إليها، وجعل مقديشو نقطة ارتكاز للعناصر الإرهابية.
الخطة القطرية تسعى إلى توفير بيئة حاضنة للإرهاب، ما يكشف عن طريق انخراط النظام الصومالي في عملية تشكل نوعاً من أشكال "دبلوماسية الشيكات" التي تعمل على تحويل البلاد إلى خزان لتصدير الفوضى والإرهابيين.
ووفق الدراسة، تحاول قطر تصدير الاستعصاء السياسي في الصومال الذي يبدو الآن على شفا الهاوية، لتعود من جديد أرضاً خصبة لمشاريع أنهكت الشعب الصومالي.
وعن جماعة "بوكو حرام" الإرهابية، أشارت الدراسة إلى الدور القطري في مساندة تلك التنظيمات الإرهابية التي بايعت تنظيم القاعدة ثم بعد ذلك بايعت داعش، لتحول الصومال إلى بؤرة إرهابية في القرن الأفريقي.
كما أظهرت وثائق نشرها موقع التسريبات"ويكيليكس" استقطاب الدوحة لـ"خلية عبدالقادر مؤمن" التابعة لحركة الشباب الإرهابية في الصومال، التي أعلنت انفصالها مؤخراً عن الحركة وبايعت تنظيم داعش واستقرت في شمال الصومال، وأصبحت تتلقى التدريبات والتمويلات بشكل مباشر من المخابرات القطرية تحت ستار مساعدات التنمية والإغاثة الإنسانية.
دور الإمارات في إنقاذ الصومال
وفي ضوء المحاولات القطرية الخبيثة تظهر المحاولات الإماراتية في إنقاذ الوضع المتأزم في الصومال الذي يشهد تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، فبين أعوام 2009 و2016 وصلت المساعدات الإماراتية للصومال نحو 941 مليون درهم إماراتي.
أما المساعدات التي قدمتها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي منذ 1993 حتى نهاية 2016 فكانت أكثر من 277 مليونا و553 ألف درهم، وقد شملت المساعدات القيام بالعديد من المشاريع التنموية وبرامج الإغاثة، ومشاريع ومساعدة إنسانية للمحتاجين.
ورغم اتخاذ السلطات الصومالية بعض الإجراءات التي تحاول من خلالها الإساءة للدور الإماراتي في الصومال، فما زال نبض الشارع الصومالي يدين بالمعروف، حيث أكد رئيس ولاية بونتلاند شمال شرقي الصومال عبدالولي محمد علي، أن انسحاب الإمارات من الصومال سيكون عبئاً على البلاد.
وأشار، في مقابلة أجرتها معه إذاعة "صوت أمريكا"، إلى "أن الإمارات العربية المتحدة تقوم بتأهيل وتدريب القوات الصومالية، وتصرف مرتباتها وتنفذ في البلاد مشاريع تنموية مختلفة تقدر بملايين الدولارات، وجميع ذلك يصب في مصلحة الدولة الصومالية، حيث تضطلع الإمارات - رئيس ولاية بونتلاند - بمحاربة الهجرة غير الشرعية، والحرب ضد الإرهاب الذي يهدد البلاد بالعودة إلى مستنقع الفوضى".
أما الرئيس الصومالي السابق شريف شيخ أحمد، فتحدث عن الدور التاريخي لدولة الإمارات وضرورة الإبقاء على العلاقات المتميزة، تعليقاً على مصادرة الحكومة الصومالية مبالغ مخصصة لدعم وتأهيل الجيش الصومالي، مشيداً بدور الإمارات في بناء قدرات القوات الصومالية، ومؤكداً أن ذلك يتنافى والعرف الدبلوماسي.