لست متفاجئا بقرار النائب العام المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام لدولة الإمارات، بإحالة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة)، بعد اتهامهم بتأسيس تنظيم جديد بدولة الإمارات.
فهذه طبيعة الجماعة المتآمرة على الجميع، التي لن تكف عن محاولة إعادة إحياء التنظيم الإرهابي في الدول التي رفضتها شعبيا وقضائيا.
لكنني متفاجئ بمن يتعجبون لسلوك السلطات الإماراتية القانوني والراقي في التعامل مع الجماعة الإرهابية، فقد توقع البعض أن تكون يد السلطات باطشة وخشنة في التعامل مع مجموعة ثبت أنها تصر على تخريب المجتمع من الداخل، ولم تردعهم العقوبات التي صدرت بحقهم قبل 10 سنوات، وأنكروا كل أفضال دولة الإمارات عليهم.
تنظيم حمل على عاتقه نشر الشائعات عن دولة الإمارات وتشويهها بكل ما أوتي من قوة إعلامية وتنظيمية، جماعة تجهز عناصرها للانقضاض ثانية على مؤسسات المجتمع الإماراتي، لكن الجميع فوجئ بالتعامل القانوني الراقي من أجهزة الشرطة مع عناصر الجماعة الارهابية
لم يكن غريبا أن تلتزم بقيم التقاضي واحترام حقوق الإنسان فالإمارات "دولة قانون" قبل أن تكون دولة مواجهة مع الجماعات الإرهابية.
ومنذ نشأتها تبنت مبادئ العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها ومنظومتها التشريعية، وتماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كما حرصت دولة الإمارات على تأسيس مجتمع متسامح ومتعدد الثقافات يعيش فيه الأفراد من جميع أنحاء العالم في وئام، وتمتلك الدولة سجلا حافلا بالإنجازات في ملف حقوق الإنسان، عززته بمبادراتها الرائدة وتجاربها الملهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات ونشر قيم التسامح وتمكين المرأة، وحماية حقوق الأطفال والعمال وغيرها من الفئات.
ويتجلى هذا في أسلوب وطريقة تعامل السلطات الإماراتية مع المخالفين لها من الجماعة الارهابية، فحفظت لهم حقوقهم كنزلاء بالمؤسسات العقابية والإصلاحية، وأمرت بندب محام للحضور مع كل متهم.
فعندما تلقت الأجهزة المعنية تحريات دقيقة عن معاودة مجموعة من المنتسبين للجماعة الإرهابية تنظيم تشكيلاتهم وتكوين تنظيمهم السري، استمرت التحريات 6 أشهر كاملة، تبين في النهاية وبشكل قاطع أن هذه العناصر قامت بإخفاء وإتلاف أي دليل على تورطهم مع الجماعة ففلتوا من القضية الشهيرة رقم (17) لسنة 2013، وأعادوا تأسيس تنظيم سري للجماعة الإرهابية يستهدف القيام بأعمال تخريبية.
ورغم هذا لم تتوسع السلطات في دائرة الاتهام والمشتبه فيهم، واكتفت بإحالة من ثبت لديها انتماؤه للتنظيم الإرهابي والعمل على إحياء التنظيم للنيابة.
ومن لم يكن لديه محام للدفاع عنه أمرت المحكمة بندب محام له، وقد بدأت النيابة فعلاً بالاستماع للشهود قبل ساعات.
والحقيقة التي يجب أن نذكرها، على الرغم من أن تنظيم الإخوان إرهابي لا يلتزم بقيم ولا مبادئ، فإنه في خصومته ضد دولة الإمارات استخدم كل الوسائل غير المشروعة وغير البريئة، بهدف تكوين رأي عام ضد الإمارات لخفض شعبيتها، إلا أن الإمارات ولأنها "دولة قانون" لم تواجه التنظيم برد فعل عشوائي أو عاطفي، بل بدراسات اجتماعية وسياسية حول ظاهرة الإخوان والإسلام السياسي.
وأسست دولة الإمارات في سبيل ذلك مراكز دراسات متميزة وجادة، وتعاونت مع باحثين مرموقين وجادين في تناولهم للتنظيم، مستخدمين المنهج العلمي الرصين والموضوعية البحثية المحكمة.
وسيذكر التاريخ أن دولة الإمارات لم تنخرط في تلاسن إعلامي مع شائعات تنظيم الإخوان وتخاريفه، وأنها أول من حذر من تنامي خطره الإرهابي، وأنها كانت في صدارة الدول التي وقفت ضد مشروع التنظيم التخريبي في المنطقة، متحدية بذلك إرادة دول إقليمية وعالمية كانت تقف خلف التنظيم وتسانده بقوة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة