أسواق الطاقة.. سطوة الركود تفرض نفسها على أسعار النفط
شيئا فشيئا، اقترب الركود المرجح في الولايات المتحدة ليكون المؤثر الهبوطي الأبرز على أسعار النفط العالمية، رغم تعدد أسباب الارتفاع.
وشكّل بيان إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، الأربعاء، أحد أهم البيانات الاقتصادية الصادرة هذا الأسبوع، والذي قاد الأسعار للهبوط لمستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
والأربعاء، قالت إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة، إن مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية (باستثناء تلك الموجودة في احتياطي البترول الاستراتيجي) زادت بمقدار 4.5 مليون برميل عن الأسبوع السابق عند 426.6 مليون برميل.
وتعني هذه الزيادة أن الطلب على المشتقات في الولايات المتحدة شهد تراجعا، ربما لأسباب مرتبطة بمخاوف الركود، أو التباطؤ الاقتصادي الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي.
وبعد صدور البيان الأمريكي تراجعت أسعار النفط الخام بأكثر من 5% ليتراجع سعر برنت دون 95 دولارا للبرميل، وهو ما يؤكد صحة القرار الصادر عن "أوبك+"، بشأن زيادة إنتاج ضعيفة بلغت 100 ألف برميل يوميا في سبتمبر.
كذلك، ارتفع إجمالي مخزونات بنزين السيارات في الولايات المتحدة بمقدار 0.2 مليون برميل الأسبوع الماضي وهي أقل بنحو 3% من متوسط الخمس سنوات لهذا الوقت من العام، ما يعني تراجع الطلب على البنزين.
وبلغ متوسط مدخلات مصفاة النفط الخام الأمريكية 15.9 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع المنتهي في 29 يوليو 2022، وهو ما يقل بمقدار 174 ألف برميل يوميا عن متوسط الأسبوع السابق، وهو مؤشر إضافي على تراجع الطلب.
في التعاملات الصباحية، الجمعة، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 0.3 دولار لتبلغ 94.32 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ 18 فبراير/شباط أي قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
وظلت توقعات الطلب واقعة تحت ضغوط المخاوف المتزايدة من ركود اقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا وضائقة الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة وسياسة كوفيد-19 الصارمة في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
وتخشى أسواق الطاقة العالمية، تكرار أسوأ سيناريو في تاريخ الصناعة النفطية، والذي حدث في عام 2008 عندما تراجع سعر برميل النفط بمقدار 112 دولارا في غضون 6 شهور.
في ذلك العام، سجل برميل نفط برنت 147 دولارا في يونيو/حزيران 2008، لكن مع دخول الاقتصاد العالمي في ركود بالتوازي مع الأزمة المالية العالمية، سجل برميل النفط 35 دولارا في ديسمبر/كانون أول 2008.
وأمام هذه التطورات، يتوقع أن يعلن تحالف "أوبك+" عن استمرار الاجتماعات الشهرية لمراقبة سوق النفط العالمية خلال الشهور المقبلة، خاصة مع احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود فعلي، دون اعتراف من الإدارة الأمريكية.
في 2008 وقع الاقتصاد الأمريكي في ركود، لكن الإدارة الأمريكية اعترفت بالركود في الربع الثاني من عام 2009، في محاولة لتخفيف حدة الخسائر والتراجعات.
من الناحية الفنية، دخل الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، لأن تعريفه يشير إلى وجود 6 شهور من النمو السالب وهو ما تحقق في الربعين الأول والثاني 2022.
في تقرير لصحيفة واشنطن بوست، جاء أن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وهو الحكم الرسمي لحالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، يبحث عن بعض المؤشرات السيئة الأخرى.
حتى يحدث الركود بحسب المكتب الوطني، فإنه يتطلب انخفاضات "كبيرة" وواسعة النطاق عبر الاقتصاد في مقاييس مثل معدل التوظيف والإنفاق الاستهلاكي والإنتاج الصناعي وأسواق الأسهم والتسريح من الوظائف.