هذه الأعمال التخريبية والهجمات الإرهابية هي رسالة توجّهها إيران إلى العالم بأنها مستمرة في تهديد أمن الطاقة العالمي حتى النهاية.
أعلن التحالف العربي، في بيان له، عن استهداف جماعة الحوثي محطة تابعة لشركة أرامكو لتوزيع المنتجات البترولية في جدة يوم الإثنين الماضي، ثم لاحقاً أشارت قيادة التحالف إلى إزالة 5 ألغام بحرية إيرانية الصنع زرعتها المليشيا الحوثية جنوب البحر الأحمر. وقبل شهرين تقريباً استهدفت مليشيا إيران منصة التفريغ العائمة في جازان، ولا ننسى الاعتداء الإرهابي على المنشآت النفطية في بقيق وخريص العام الماضي.
استمرار هذه الاعتداءات الإرهابية من إيران ووكيلها الحوثي في اليمن يبعث برسائل واضحة للمجتمع الدولي. أولها، صحة قرار تدخل التحالف العربي في اليمن، هذه الخطوة التي تراها معظم الدول في منطقتنا أنها استراتيجية وجاءت في وقتها وقبل أن يستفحل السرطان الحوثي، حيث كان الحوثيون سبب الحرب أساساً، وهو انقلاب جماعة إرهابية على الشرعية وتهديد أمن واستقرار اليمن والمنطقة بأسرها. الرسالة الثانية، أن هذه الأعمال التخريبية والهجمات الإرهابية هي رسالة توجّهها إيران إلى العالم بأنها مستمرة في تهديد أمن الطاقة العالمي حتى النهاية.
وإذا كان ذلك التهديد لم يتم عن طريق مضيق هرمز الذي لطالما هددت إيران بإغلاقه، فإنها بهجماتها هذه، عن طريق وكلائها، تخدم الهدف نفسه الذي تصرح به باستمرار. هذه الهجمات لها تأثيرها السلبي، ليس على المملكة فحسب، وإنما على العالم أجمع، خاصة الدول المستهلكة للنفط التي للأسف تعتبر ما يجري أمراً لا يعنيها. الأكيد أن السعودية لديها المقدرة والإرادة على التعامل مع مثل هذه الهجمات، غير أنه على دول الغرب، الأوروبية خصوصاً، أن تتعامل بمسؤولية في إيقاف السلوكيات العدوانية الإيرانية. الغريب هذه الدول نفسها أنها لا تقوم بالمسؤوليات المطلوبة منها، وفوق هذا تنتقد المملكة على مواجهة التدخلات الإيرانية في اليمن، أي أنها ترغب في استمرار الإمدادات النفطية وأيضاً سعر عادل للنفط، لكن من دون أن تسهم في ذلك أبدا؟!
الرسالة الأخرى، أن جماعة الحوثي بإطلاقها أكثر من 300 صاروخ باليستي وطائرة مسيرة على الأراضي السعودية، واستهدافها المباشر للمدنيين والمنشآت الحيوية، فإنها تقدم نفسها للعالم بأنها مليشيا مسلحة وليست مكوناً سياسياً يمنياً يمكن التفاوض معه، واستمرار أعمالها الإرهابية هذه، يكشف للمجتمع الدولي حقيقة عدم رغبتها في تحقيق الانخراط في عملية التسوية السياسية وإنهاء الصراع في اليمن.
اليوم، لم تعد بيانات الإدانة والشجب والاستنكار التي تصدرها الدول، لتسجيل موقفها من فعل إجرامي أو إرهابي كافية أو مقنعة بعد أن أدرك العالم أن إيران وذراعها "الحوثي" هدفهم هو ضرب عصب الاقتصاد العالمي. جاء الوقت الذي ينتقل فيه العالم إلى مستوى أكثر من بيانات مكررة لا تسمن ولا تغني من جوع، فإيقاف خطر التهديد الإيراني للاقتصاد العالمي أصبح مرهوناً بأفعال أكثر من الأقوال. وكما أن السعودية تقوم بدورها في الحفاظ على إمدادات النفط العالمية، وهو ما يساعد على استمرار أمن العالم واستقراره، فإن دول العالم، صغيرها وكبيرها، عليها مسؤولية أيضاً في إيقاف أي دولة أو مليشيا مسلحة تتسبب في هز ذلك الاستقرار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة