المخدرات وقمع الأكراد.. أداة أردوغان لعلاج أمراض اقتصاده
رئيس جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (موصياد) عبد الرحمن كآنن يدعو إلى تسجيل القنب التركي كماركة عالمية.
لم يجد الرئيس التركي رجب طيب أروغان أفضل من مخدر "القنب" لمداواة مرض حكومته الاقتصادي، مثيرًا المزيد من السخرية من قبل بعض معارضيه الذين رأوا في مسعاه لتشريع زراعة القنب أمرًا شبيها بمحاولة علاج مرض السرطان بالمخدرات التي تسكن ولا تشفي.
غير أن هذا الخيار الذي اتخذه أردوغان، استثني المناطق الكردية الفقيرة من الاستفادة من هذا الموضوع، على الرغم من أن أراضيها مناسبة جدًا لزراعة نبتة الحشيش للاستعمال الطبي والتجاري.
ويذهب رئيس جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (موصياد) عبد الرحمن كآنن وهو من المقربين من أردوغان، إلى ما هو أبعد من ذلك" بدعوته إلى تسجيل القنب التركي كماركة عالمية.
وقال في مؤتمر عقد في إسطنبول مؤخرًا أن القنب التركي عالي الجودة وخصوصًا الذي ينتج للصناعة و يجب أن نركز على زراعة القنب من البذور المحلية المسجلة كبذور قومية، وعنما نقوم بنشر وتعميم هذا النوع من البذور للزراعة فإنها ستتحول إلى قيمة إضافية تحسن من الاقتصاد التركي، ولهذا يجب أن نقوم بتعميم هذه البذور التي تم تحسينها في مختبراتنا وسنقوم بمضاعفة البذور في منطقة التجارب في وزير كبرو (محافظة سامسون) لكي ننقلها الى جميع المحافظات، كما أن جمعية "موصياد" ستدعم جميع الصناعات التي تبني على تصنيع القنب من ألياف وأدوية وغير هذا من منتجات القنب مما سيتيح فرصة عمل لمئات الآلاف من الفلاحيين والعمال والخبراء ومصانع النسيج التي تبدأ بتطوير صناعة الألياف.
وتعتبر مقاطعة "ليجا" في ولاية ديار بكر من أفضل الأماكن لزراعة ونمو القنب، لكن بعد إعلان الحكومة التركية السماح بزراعة القنب في 19 ولاية من ولايات تركيا، تم استثناء البلدة التابعة لولاية ديابكر التي تنتج ثلث قنب البلاد غير الشرعي.
ويرى المعارضون أن الهدف من المنع، هو حرمان المناطق الكردية التي تعتبر من أشد المعارضين لأردوغان من التنمية، وجعل سكانها يغادرونها إلى المدن الكبرى لطمس هويتها.
وتتم زراعة القنب في تركيا بطرق غير شرعية وبعيدة عن الأعين، خصوصًا في المناطق التي تشهد توترا كبيرا جنوب شرق البلاد. وحسب المعطيات الرسمية فانه كان يزرع في عام 1989 اكثر من 42 ألف هكتار، انخفض إلى 5 آلاف و 360 هكتارًا عام 1999 وإلى 66 هكتار عام 2009، لكنه ارتفع العام الماضي إلى 200 هكتار يزرع بها القنب بطريقة غير شرعية وبدون ترخيص.
وصدر عام 2018 قانون سمح لـ 29 شخصًا بزراعة 113 هكتارًا من القنب، 54 هكتارًا لإنتاج البذور و 59 هكتارًا للإنتاج الألياف التي تستخدم في الصناعة، بعد حصاد المحصول تم إنتاج نحو 9 أطنان من الألياف وطن واحد من الحبوب .
الأبحاث تشير إلى أن تكاليف هكتار من القنب بنحو 800 ليرة تركية (نحو 150 دولارًا أمريكيا)، وبما أنه يمكن جني 100 كيلوجرام من آلياف القنب في الهكتار ويتم بيع الكيلو بـ 15 ليرة تركية فان الهكتار الواحد يدر 1500 ليرة (282 دولار) وبهذا يكون متوسط مربح المزارع أكثر من 700 ليرة، وهذه نسبة مرتفعة جدا في القطاع الزراعي مقارنة بالمحاصيل الاخرى.
أما إذا أراد المزارع إنتاج بذور القنب، فإن كل هكتار يجني نحو 60 كيلوجرامًا من البذور، وبما أن سعر بيع الكيلو يتراوح بين 25 و30 ليرة فان الدخل للمزارع من كل هكتار سيبلغ نحو 1500 ليرة، منها 800 ليرة كلفة الإنتاج.
يقول سكان "ليجا" أنها تتمتع بأفضل الأجواء في تركيا لزراعة القنب، وتركها خارج المناطق المسموح لها بزراعة القنب، مما أصاب سكان البلدة الـ 26 ألفًا بخيبة أمل كبيرة.
ويذكر أن غالبية الجرائم التي ترتكب في بلدة ليجا تتعلق بزراعة القنب وإنتاج الحشيش، فحسب المعلومات الرسمية لقوات الأمن فأنها قبضت على 156 طن من الحشيش ما بين عامي 2017 و2018، كما تم العثور واتلاف 11 مليون نبتة.
المسؤولون والمزارعون في ليجا قدموا العديد من العرائض اعتراضا على القانون الذي يستثني البلدة خاصة، ودياربكر عامة من زراعة القنب، ولكن الجواب الذي يأتيهم دائمًا هو "المعضلات الأمنية التي تعيشها المنطقة".
مولود طاشكيا MEVLUT TAŞKAYA الذي يبلغ من العمر 70 عامًا ونيف ويمتلك عدة أراضي زراعية تتعدى الـ 65 دونما، رحل من القرية مع أبنائه، وهو يعمل مع أحدهم في المقاهي يقدم للزبائن طلباتهم من الشاي والقهوة.
ويقول لـ"العين الإخبارية" إن عشرات الدونمات من الأرض قاحلة تنتظر السماح لنا بزراعتها، وبما أننا لا نريد أن نقوم بأي عمل غير قانوني، فقد تركنا أراضينا وقرانا فارغة".
ويضيف: "الحكومة تناست بأنها اذا سمحت لتلك المناطق بزراعة القنب فأن العودة إلى القرى المهجرة ستبدأ وسيشارك هؤلاء في تنمية اقتصاد عائلاتهم وسينعكس على بقاء الشباب في قراهم للإنتاج بدلًا من أن يصعدوا إلى الجبال وبهذا الدولة ستستفيد مرتين ولكن هدفهم هو العقاب الجماعي حتى في الزراعة للأكراد وهذا ظلم جديد يضاف الى مظالم الحكومة ضد الأكراد.
أما عبد التواب يلديزاغا ABDULTEVVAB YILDIZAĞA البالغ من العمر 45 عامًا، يقول لـ"العين الإخبارية": "حكم عليّ بالسجن لمدة 7 سنوات، قمت بزراعة القنب بطرق غير شرعية لمدة 8 سنوات ولكن استسلمت في النهاية، والآن أعمل في أحد المطاعم براتب شهري لا يتعدى الـ 1500 ليرة تركية، ولكن لو تم السماح لنا بزراعة القنب ساترك المطعم وأعود إلى قريتي لأستعيد زراعة القنب من جديد".
عبدالتواب يلديزاغا متزوج ولديه طفلين يشكو من ضيق العيش ويقول إنه لا يستطيع تلبية مطالب الاطفال لان الحياة صعبة وشاقة جداً، وفي بعض الاحيان لا يقدر على سداد أجرة السكن.
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز