أردوغان يشعل حرب المتوسط باستغلال الدين.. سجل أسود لا ينتهي
"العين الإخبارية" ترصد السجل الأسود لتاريخ استغلال أردوغان وحزبه للدين في تحقيق مآربهم السياسية وأطماعهم التوسعية في المنطقة
أضفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعدا دينيا على محاولاته لمزاحمة اليونان وقبرص على احتياطيات طاقة واعدة في شرق البحر المتوسط.
وأثارت المحاولات التركية لقرصنة حقول الطاقة في المياه الاقتصادية لجارتيه الأوروبيتين غضبا غربيا، ما دفع أردوغان للتعمية على أطماعه بحرف الأنظار عن جوهر الصراع.
ويقول حمادة شعبان، مشرف وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف لـ"العين الإخبارية"، إنها ليست المرة الأولى التي يوظف فيها أردوغان ومؤيدوه الدين لخدمة أهدافه السياسية، مشيرا إلى أن الأمر بدأ مع صعود "حزب العدالة والتنمية" إلى سدة الحكم في تركيا.
وأضاف شعبان: منذ هذا التوقيت أثير الجدل عن استغلال قادة وزعماء العدالة والتنمية للخطاب الديني والإفتائي داخل البلاد وخارجها، خصوصًا أنهم في بداية وصولهم إلى السلطة تقربوا من الزعماء الدينيين والطرق الصوفية والحركات الدينية، في مشهد وإن كان غريبا على الحياة السياسية في تركيا لكنه كان يتوافق مع خلفيتهم السياسية.
وأوضح المسؤول في الأزهر أن الرئيس التركي اشتهر باستخدام الخطاب الديني وتطويعه لخدمة أهدافه السياسية والانتخابية والحزبية، والمواقف التي تؤكد ذلك لا تعد ولا تحصى وكان آخرها أزمة المتوسط.
متفقا معه، قال أحمد بان الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية والإرهاب لـ"العين الإخبارية" إن أردوغان بارع فى توظيف الدين كأداة تعبئة سياسية وهو يهرب للأمام ويبيع الوهم لأنصاره.
ويرى أن الرئيس التركي يستغل حالة الإحباط الواسعة بتقمص دور الخليفة القادر على لم شتات الأمة تحت لواء السلطان أردوغان في محاولة لإحياء المجد العثماني.
سجل أسود من استغلال الدين
ويقول المسؤول بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف إن "لأردوغان سجل أسود في استغلال الدين، منها على سبيل المثال أثناء دعاية (حزب) العدالة والتنمية للانتخابات البرلمانية عام ٢٠١٥، حيث ظهر وفي يده نسخة من مصحف مترجم إلى اللغة الكردية وذلك في خطاباته الدعائية في مدن ديار بكر، سيرت، وباطمان، وماردين ذات الأغلبية الكردية، وكأنه يريد أن يقول إن الضامن الوحيد لتدينهم هو نجاح حزبه في الانتخابات، وبقائه على رأس السلطة".
ولكن على الرغم من مساعي أردوغان في الحصول على أصوات الناخبين في المناطق الكردية من ناحية وقطع الطريق أمام "حزب الشعوب الديمقراطية الكردي" واسع النفوذ في تلك المناطق من ناحية أخرى، جاءت الرياح بما لا يشتهي أردوغان ولم يحصل حزب العدالة والتنمية على المقاعد التي كان يبغيها من المناطق الكردية، بل إن مدينة "ديار بكر" منحته مقعدا واحدا في تلك الانتخابات، مقابل 11 مقعدا حصل عليها في انتخابات 2011.
ويعلق المسؤول بمرصد الأزهر: هذا دليل على أن حزب العدالة والتنمية ظهر على حقيقته أمام الشعب بصفة عامة والمتدينين بصفة خاصة، وبدأ يفقد شعبيته بسبب ممارساته السياسية التي لا ترضى عنها شريحة كبيرة من أبناء الشعب التركي.
من يستغل الدين؟ رجال أردوغان
وينقل مسؤول وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر عن المحلل السياسي التركي يوكسل تشاغير أوغلو قوله في مقالٍ له بعنوان "من يستغل الدين؟"، إن أردوغان وسلطة العدالة والتنمية قد استغلوا الدين بشكل واضح وسلبي وممنهج من أجل ضمان بقائهم في السلطة ومعاقبة معارضيهم والتنكيل بهم.
ووفق المقال، تحقق هذا الاستغلال الممنهج للدين أحيانًا عن طريق بعض السياسيين في الحزب بصورة مباشرة وأحيانًا أخرى عن طريق "رئاسة الشؤون الدينية التركية" المعروفة باسم "ديانت"، والتي هي قانونيًا ودستوريًا مسؤولة عن كل ما يخص الدين الإسلامي في البلاد.
وقد استطاع حزب العدالة والتنمية وقادته أن يجعلوا من التدين صوتا انتخابيا، من خلال دعمهم للجماعات الدينية، وتحويل "ديانت" إلى متحدث غير رسمي باسم الحزب.
كما سعى الحزب من خلال الفتاوى التي حصل عليها من أساتذة كليات الإلهيات إلى تقوية أوضاعه وتشريع سياسته وإجراءاته المخالفة للأخلاق قبل مخالفتها للقانون.
وكان نتيجة ذلك استخدام العديد من قادة العدالة والتنمية -رغم كونهم يتبوءون مناصب سياسية- خطابا دينيا وإفتائيا للتعبير عن مواقفهم وأيديولوجياتهم السياسية وخداع المواطنين من أجل الحصول على أصواتهم في الانتخابات المختلفة.
ومن بين هؤلاء القادة حسين شاهين الذي كان نائبا للعدالة والتنمية عن مدينة "بورصه"، والذي قال عن أردوغان إن "لمسه عبادة".
أسوأ خطاب ديني في عهد أردوغان
وحول أسوأ موقفٍ وُظف فيه الخطاب الديني لخدمة القادة السياسيين في عهد أردوغان، أوضح مسؤول وحدة رصد الأزهر أن أسوأ خطاب ديني تم توظيفه على الإطلاق كان عام ٢٠١٤، وكان من نصيب وافي أرسلان خريج ثانوية الأئمة والخطباء، والذي قال إن "أردوغان زعيم اجتمعت فيه كل صفات الله".
ويتابع شعبان: كان هذا التصريحُ تصريحا صادما في جميع الأوساط داخل تركيا وخارجها، وقوبل باعتراضات وردود فعل كبيرة في تركيا، الأمر الذي دفعه إلى القول إن تصريحاته فُهمت خطأ.
ورأى أن استغلال الدين والفتوى لم يقتصر في السياسة على النواب الأتراك التابعين لحزب أردوغان فحسب، بل تجاوزهم إلى الأكاديميين المؤيدين للعدالة والتنمية.
واستدل شعبان بفتوى رمضان طاشلاتين، رئيس جامعة "حران"، التي قال فيها إن إطاعة رئيس الجمهورية فرض ومعارضته تعادل الهروب من الحرب.
ووصف الخطاب الديني والإفتائي في عهد العدالة والتنمية بالتناقض وازدواجية المعايير، أو تحديدا بتبرير البراجماتية السياسية للنظام التركي، ففي الوقت الذي يبرر الخطاب التدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول وكذلك التدخل عسكريا في بعض الدول الأخرى بأنه مساعدة للشعب المسلم المظلوم، وواجب من واجبات الأخوة الدينية والإنسانية لا يرى الخطاب حرجا في شيطنة المعارضين الوطنيين من أبناء الشعب التركي للنظام الحاكم.
نهاية أردوغان.. من الداخل
بدوره، توقع أحمد بان، الباحث في الحركات الإسلامية والإرهاب، أن تصاعد المعارضة داخل حزب العدالة والتنمية أو تيار أردوغان ستكون له تداعيات حاسمة، وستخرجه من المشهد كما كان الحال مع نجم الدين أربكان.
ويقول بان لـ"العين الإخبارية": التناقضات الموجودة داخل حزب العدالة والتنمية ستصنع مصير أردوغان في النهاية، وعلى الرغم من أن الانشقاقات داخل مثل هذه الحركات تأخذ وقتا لكنها في رأيي سيكون لها تأثير على مستقبل الحزب وأردوغان.
aXA6IDMuMTM5LjEwOC40OCA= جزيرة ام اند امز