أردوغان والأكراد.. مستشاره يغازلهم بـ"الأغاني" والسجون تعج بـ"نوابهم"
الغزل السياسي الذي يتبعه النظام التركي يتماشى مع الطبيعة الازدواجية في السياسة الأردوغانية، واتسامها بالبرجماتية الشديدة
نشر رئيس هيئة الاتصالات بالرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، الثلاثاء، فيديو التقط من مروحية أثناء توجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للقاء الجماهيري بمدينة هكاري الكردية، من أجل الدعاية للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 مارس/آذار الجاري.
الأغنية، التي نشرها مستشار أردوغان لاستمالة الأكراد قبل الانتخابات المحلية، وجدت صدى بين رواد التواصل الاجتماعي الذين شنوا هجوماً على سياسات أردوغان العدائية ضد الأكراد.
- مقصلة أردوغان.. اعتقال 32 قياديا كرديا في مداهمات بأنقرة
- المعارضة التركية تكشف قبضة أردوغان على الإعلام قبل الانتخابات المحلية
جدير بالذكر أن أردوغان وصف في تصريحاته، خلال الأيام الماضية، قيادات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بـ"الإرهابيين".
بدوره، أكد هاني سليمان، المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات والخبير في الشؤون الدولية، أن الغزل السياسي الذي يتبعه النظام التركي يتماشى مع الطبيعة الازدواجية في السياسة الأردوغانية، واتسامها بالبرجماتية الشديدة، والتي سبق اختبارها في غير موضع، مع المعارضة والمليشيات المسلحة التي تخلى عنها قبل ذلك رغم مساعدتهم له في سوريا.
وأضاف سليمان، خلال تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن استمالة الأكراد رغم العنف الذي يمارس ضدهم، محاولة لتبييض ورقة أردوغان الخارجية وصورته في التعاطي مع هذا الملف الشائك، والتعتيم على الممارسات غير المقبولة إزاءهم، والتي سبق اختبارها في عفرين وغيرها.
وأوضح المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات، أن تلك المحاولات تفصح عجز أردوغان وتراجع أدواته، في ظل تراكمات عدم الرضاء عن أدائه السياسي في بعض الملفات، والتراجع الاقتصادي في الشهور الأخيرة.
وأكد سليمان أن أي تقارب بين أردوغان والأكراد لن يكون سوى حدث عرضي، ستزول آثاره سريعاً مع أول طائرة أو صاروخ سيطلق في ظهورهم.
الأكراد وسجون أردوغان
أكد محمد حامد، الباحث في الشؤون التركية، أن القطاع الأكبر من الأكراد غير مؤيد لأردوغان ويرفض حزبه الوصول أيضاً إلى اتفاق سلام مع النظام الحاكم الذي مارس حملة انتهاكات كبيرة بحقهم.
وسلط حامد، خلال تصريحاته لـ"العين الإخبارية" الضوء على الأكراد في سجون أردوغان، الأشهر القليلة الماضية، ففي الوقت الذي يغازل فيه رجال أردوغان الأكراد من أجل الحصول على أصواتهم، تقضي المحاكم التركية بحبسهم؛ حيث قررت محكمة تركية في فبراير/شباط الماضي، سجن برلمانيتين كرديتين سابقتين بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية ونشر دعاية لها.
وذكرت وسائل إعلام تركية آنداك أنه صدر حكم بالسجن 14 عاماً و3 أشهر على البرلمانية كولتان كشاناك، التي اعتقلت عام 2016، عندما كانت رئيسة مشاركة لبلدية مدينة ديار بكر جنوب شرقي تركيا، كما صدر حكم بالسجن أيضاً 15 عاماً على صباحات تونجل.
وفي بداية مارس/آذار الجاري، أصدرت محكمة تركية حكماً على ديليك أوجلان النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي وابنة شقيق عبدالله أوجلان، بالسجن عامين ونصف العام بتهمة "الدعاية الإرهابية".
ويقضي عبدالله أوجلان الزعيم التاريخي لحزب العمال منذ 1999 عقوبة بالسجن المؤبد على جزيرة إيمرالي. وأطلق الحزب منذ 1984 تمرداً ضد أنقرة أوقع عشرات آلاف القتلى.
لكن حزب الشعوب الديمقراطي لطالما رفض اتهامات التواطؤ مع حزب العمال التي تطلقها السلطات التركية، ويعتبر أنه مستهدف بسبب معارضته لأردوغان.
وتضرر الحزب جراء عمليات القمع الواسعة التي أعقبت الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016 ونسبته أنقرة إلى الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، وينفي أي علاقة له بالأمر.
وأودع 9 نواب من حزب الشعوب السجن بينهم اثنان من مسؤوليه صلاح الدين دميرتاش وفيجن يوكسجداج الموقوفين منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
انتخابات محلية على واقع أطلال الأكراد
قمع أردوغان المستمر ضد الأكراد، أدى إلى نزوج معظم سكان المناطق الكردية جنوب شرق تركيا، بسبب الاشتباكات المستمرة.
وبحسب صحيفة "Ekurd Daily" الكردية المستقلة، فإن العنف الذي تم ممارسته تجاه الأكراد بعد انهيار وقف إطلاق النار الهش عام 2015، اضطر الآلاف إلى المغادرة؛ حيث تم هدم العديد من المنازل خلال اشتباكات الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني.
وفي يوليو/تموز 2015، بدأت تركيا حملة عسكرية شرسة ضد حزب العمال الكردستاني في منطقة كردستان جنوب البلاد، بعد أن أنهت أنقرة اتفاق وقف إطلاق نار لمدة عامين.
ومنذ بداية الحملة، فرضت أنقرة العديد من حملات حظر التجول على مدار الساعة، مما منع المدنيين من الفرار من المناطق التي تجرى فيها العمليات العسكرية.
ويقول مراقبون بحسب الصحيفة، إن حملة القمع ألحقت خسائر فادحة بالسكان المدنيين الأكراد الذين يتهمون تركيا باستخدام العقاب الجماعي ضد هذه الأقلية، كما اتهم نشطاء قوات الأمن التركية بالتسبب في دمار هائل للمراكز الحضرية، وقتل المدنيين الأكراد.
سجل أسود من الانتهاكات
وفي مارس/آذار 2017، اتهمت الأمم المتحدة قوات الأمن التركية بارتكاب "انتهاكات خطيرة" خلال العمليات ضد الأكراد في جنوب شرق البلاد.
وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فى تقرير لها صدر فى جنيف، عن أن منطقة جنوب شرق تركيا قد شهدت في الفترة من يوليو/تموز 2015 وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2016 دماراً شاملاً وقتل وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وذلك خلال العمليات الأمنية الحكومية التى أثرت في أكثر من 30 بلدة وحي، كما أدت إلى نزوح ما بين 335 ألف شخص ونصف مليون شخص معظمهم من أصل كردي.
وأشار التقرير الأممي إلى دمار هائل لحق ببلدة نصيبين في محافظة ماردين؛ حيث تعرض ما يصل إلى 1786 مبنى للدمار أو تضررت، وفي منطقة سور بديار بكر كذلك؛ حيث تقدر الحكومة المحلية أن حوالي 70% من المباني في شرق المنطقة قد دمرت بشكل منهجي جراء القصف.
- منظمة: أردوغان أمر بتنفيذ مجزرة الناشطات الكرديات في باريس
- آلاف الأتراك يتظاهرون دعما للمعتقلين المضربين بسجون أردوغان
وأضاف التقرير أن عمليات التدمير تلك استمرت حتى بعد انتهاء العمليات الأمنية ليصل إلى ذروته فى شهر أغسطس/آب 2016، وقال التقرير الأممي إن صور الأقمار الصناعية من نصيبين وسور، تظهر أحياء بكاملها وقد سويت بالأرض.
كما وثق التقرير الدولي حالات تعذيب واختفاء قسرى وتحريض على الكراهية ومنع للوصول إلى الرعاية فى حالات الطوارئ الطبية، وكذلك إلى الغذاء والمياه وسبل العيش والعنف ضد المرأة.
ولفت التقرير إلى أن السلطات التركية استخدمت قانون مكافحة الإرهاب لإزاحة المنتخبين ديمقراطياً من أصل كردى ومضايقة الصحفيين وإغلاق وسائل الإعلام المستقلة باللغة الكردية والجمعيات، وتعليق عمل القضاة والمدعين العامين.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xNjkg جزيرة ام اند امز