أردوغان يهرب من تصدع حزبه بالإفراج عن صحفيين
أردوغان اختارت قيادات حزبه القفز من سفينة متهاوية وتأسيس أحزاب جديدة، في حين رضخ هو أخيرا أمام موجة إدانات دولية بشأن الصحفيين الخمسة
أمام تصدع حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وجد الأخير نفسه أمام ضغوط حقوقية ودولية أجبرته على إطلاق سراح صحفيين معتقلين.
وأمرت محكمة النقض التركية، في وقت سابق الخميس، بإيقاف تنفيذ العقوبات بحق خمسة كتاب صحفيين سابقين في صحيفة "جمهورييت" المعارضة، والإفراج عنهم بشكل فوري.
وكانت سلطات أردوغان اعتقلت الخمسة وحكمت عليهم بالسجن، في أبريل/نيسان من العام الماضي.
- سياسي تركي يتوقع انتخابات مبكرة جراء فشل أردوغان
- صحيفة ألمانية: أردوغان يجرد الأتراك من حريتهم وأموالهم
أردوغان الذي اختارت قيادات ورموز من حزبه القفز من سفينة متهاوية واللجوء لتأسيس أحزاب جديدة، رضخ أخيرا أمام موجة الإدانات الدولية، فأمر سلطاته القضائية بالإفراج عن الصحفيين الخمسة.
وإلى جانب منظمات دولية وحقوقية، كانت الولايات المتحدة وألمانيا قد دعتا أردوغان إلى الكف عن الانتهاكات التي تمارسها سلطاته بحق الصحافة والصحفيين الذين وصل عداء المسؤولين الأتراك لهم منذ تولي الرجل الحكم، إلى درجة تلفيق تهم وصلت حد "الإرهاب".
وحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت"، فإن قرار إطلاق الصحفيين صدر عن الدائرة الـ16 لمحكمة النقض.
وكان الصحفيون الخمسة يقضون عقوبة بالسجن لنحو خمس سنوات إثر إدانتهم بـ"مساعدة جماعات ارهابية والتواطؤ معها دون أن يكونوا أعضاء فيها".
والمدانون الخمسة كانوا بين 14 موظفا سابقا في "جمهورييت" من صحفيين ومدراء صدرت أحكام بحقهم عام 2018، أيدتها محكمة استئناف في وقت سابق هذا العام.
وفي فبراير/شباط الماضي أيدت محكمة استئناف تركية أحكامًا بسجن الصحفيين الـ14 العاملين بالصحيفة التي ما زالت من الأصوات القليلة المنتقدة للحكومة.
الأحكام هذه كانت قد صدرت عن إحدى المحاكم العام الماضي، وتراوحت بين مدد تقل عن 5 سنوات بالنسبة للصحفيين الخمسة، وأكثر من ذلك بالنسبة للباقين.
واعتقل صحفيو وإداريو الصحيفة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016 بموجب حالة الطوارئ التي فرضت بعد محاولة الانقلاب المزعومة.
واتهم هؤلاء بدعم تنظيمات من خلال تغطيتهم تعتبرها تركيا "إرهابية"، مثل حزب العمال الكردستاني و"جبهة التحرير الشعبية الثورية" وحركة غولن المتهمة بتدبير الانقلاب الفاشل عام 2016.
وأثارت هذه القضية انتقادات حول حرية الصحافة في تركيا. وصحيفة "جمهورييت" التي تأسست عام 1924 وتعد أقدم يومية في تركيا هي الوحيدة التي لا يملكها اثرياء بل مؤسسة خاصة.
وعبرت منظمات حقوقية آنذاك عن قلق متزايد بشأن حرية الصحافة في تركيا، واتهمت الرئيس رجب طيب أردوغان باستغلال محاولة الانقلاب الفاشلة في إسكات المعارضة.
وفي 23 يوليو/تموز الماضي كشفت معارضة تركية،، أن عدد الصحفيين الأتراك المرفوع بحقهم دعاوى قضائية ارتفع بنسبة 160%، خلال الفترة الممتدة من العام 2009 حتى 2017.
جاء ذلك بحسب تقرير أعدته البرلمانية عن مدينة إسطنبول، غمزة آق قوش إيلجازدي، نائبة رئيس حزب الشعب الجمهوري، تزامناً مع الذكرى الـ111 لعيد الصحافة والصحفيين في تركيا، الذي يصادف الـ24 يوليو/تموز من كل عام.
وجاء تقرير النائبة المعارضة تحت عنوان "وسائل الإعلام والحريات" بين عامي 2009 - 2017، وأشارت فيه إلى تراجع حرية الصحافة في تركيا وتضييق الخناق على الصحفيين.
وأشارت النائبة في تقريرها إلى أنه خلال العام الأول من تطبيق النظام الرئاسي في تركيا، وصل عدد الصحفيين العاطلين عن العمل 1732، فيما يقبع داخل السجون التركية حاليًا، 134 صحفياً.
ووفقا للتقرير، رُفع بين عامي 2009 و2017، 5 آلاف و898 دعوى قضائية ضد الصحفيين؛ بزعم مخالفتهم قانون الصحافة، 1526 منهم تم إدانتهم.
كما أوضح التقرير أنه في عام 2017، ارتفعت أعداد تلك الدعاوى بنسبة 47% مقارنة بـ2016، وانخفضت نسبة من حصل من الصحفيين على البراءة بنسبة 51%..
وذكر أن "العاملين في المجال الإعلامي باتوا معتادين على التواجد في ممرات المحاكم، حتى أنه خلال الفترة من 2009 إلى 2017، بات معدل من يتم التحقيق معهم في مكاتب الادعاء العام بكافة أنحاء الجمهورية 28 صحفيًا أسبوعيًا"
وفي الوقت الذي وصل فيه عدد الصحفيين المدانين عام 2009 إلى 82 صحفيًا، زاد هذا الرقم بنسبة 160% عام 2017 ليصل إلى 217، وفي عام 2013 وقت احتجاجا منتزه "غزي" ، تمت محاكمة ألف و108 صحفيين، بحسب التقرير ذاته.
النائبة التركية، أكدت أن أعداد الصحفيين العاطلين عن العمل، تتزايد يوماً بعد يوم، حتى وصلت الآن إلى 10 آلاف، كما أن عدد من سُحبت منهم رخصة ممارسة المهنة، في ازدياد مستمر.
وأكدت كذلك أن السياسة القمعية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية الحاكم، ضد الصحفيين لا تزال مستمرة.
ووفقًا لبيانات سابقة صادرة عن وزارة العدل التركية، تم اتخاذ إجراءات قانونية بحق 13 ألف و227 صحفيًا داخل مكاتب الادعاء العام بين عامي 2009 و2017، بحسب صحيفة "جمهورييت".
ويوم 28 مايو/ايار الماضي أصدر اتحاد الناشرين الأتراك، بيانًا، حذّر فيه من تبعات التضييق على الصحافة، وحرية التعبير في البلاد
وأضاف البيان موضحًا أن "تردي أوضاع حرية التعبير تشعرنا بالقلق بسبب التهديدات والاعتداءات المتزايدة ضد الصحفيين والكُتاب".
وجاء فى البيان "حرية التعبير لا غنى عنها بالنسبة للجميع، وهي حق يجب حمايته، كما أن عدم تطبيق العقوبة على من ينتهك هذا الحق من شأنه توليد حالة من العنف في المجتمع، لذا فإننا ندين الاعتداءات التي يتعرض لها كتاب تركيا، ونطالب بفرض العقوبات اللازمة على المعتدين".
وتعتبر تركيا أكثر دول العالم سجنا للصحفيين، واحتلت المرتبة رقم 157 من بين 180 بلدا على مؤشر منظمة صحفيين بلا حدود الخاص بحرية الصحافة في العالم لعام 2018.
وفي 2018، أحكم الرئيس أردوغان قبضته على جميع مفاصل القرار ببلاده، عقب تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية نقلت البلاد إلى نظام الحكم الرئاسي، في خطوة أراد من خلالها تصفية جميع معارضيه ومنتقديه.
وطيلة العام، عملت سلطات أردوغان على تكميم أفواه الصحفيين، معلقة شماعة قراراتها على محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في يوليو/تموز 2016.
ومنذ ذلك التاريخ، وإلى جانب التضييق على المراسلين والصحفيين الأجانب أغلق أردوغان أكثر من 175 وسيلة إعلام، ما ترك أكثر من 12 ألفا من العاملين في مجال الإعلام دون وظائف، ورفع معدل البطالة بالقطاع إلى أقصاها، وفق معهد الإحصاء التركي.
تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" السنوي، الصادر مطلع العام الجاري، فضح الأجواء البوليسية التي تعيشها وسائل الإعلام التركية، وافتقارها أدنى درجات الاستقلالية والحرية.
ولفت التقرير إلى أن أغلب الصحف والقنوات تحولت لمساندة الحكومة، حفاظًا على بقائها، فيما تصدر الأحكام القضائية بحق صحفيين بدوافع سياسية، بينما أدلة الإدانة مجرد تقارير مهنية لا تدعو للعنف، ولكنها لا تتوافق مع هوى السلطة.
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز