أطماع أردوغان لا ترويها دماء آلاف من ضحايا أجداده في ليبيا
خريطة الشمال الأفريقي لا تزال شاهدة على ارتواء أرضها بـ"مجازر" أجداد أردوغان ضد كل من رفعوا كلمة لا في وجه المغتصب العثماني لأراضيهم.
يصمّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أذنه عن الرفض الشعبي الليبي لـ"دوره المشبوه" في البلد الغني بالنفط؛ فأطماعه لا ترويها دماء آلاف الضحايا الذين قتلهم بدم بارد أجداده العثمانيون.
وما زالت خريطة الشمال الأفريقي شاهدة على ارتواء أرضها بـ"مجازر" أجداد أردوغان ضد كل من رفعوا كلمة لا في وجه المغتصب العثماني لأراضيهم.
واليوم، يعيد الرئيس التركي إحياء هذا الإرث على أجساد عرب عزل بدأها بمجازر في الشمال السوري ثم نقلها إلى ليبيا، معطيا ظهره لمئات الضحايا من القتلى والمصابين، وملايين اللاجئين.
ولم يجفل رئيس ما يسمى بحكومة الوفاق في ليبيا فايز السراج حينما صافح أردوغان ومنحه مصوغ إعادة احتلال بلاده عبر اتفاق مطعون في قانونيته، كما لم يلتفت إلى إرثه دموي الذي انكوت به ذاكرة القبائل الليبية.
وفي كل عام تحيي قبلية الجوازي في برقة شرق ليبيا، الذكرى السنوية لوقوع 10 آلاف فرد من أبنائها قتلى على يد الحاكم العثماني حينها (القرمانللي).
قبل ما يزيد على 200 عام، وتحديدا في 5 سبتمبر/أيلول من عام 1816، نفذ العثمانيون مجذرتهم لرفض شيوخها التعامل مع الاحتلال التركي للبلاد؛ بل رفضوا دفع الجزية والضرائب المفروضة عليهم وقاوموا جنود الاحتلال والانكشارية بضراوة واستبسال.
وقد دبر العثمانيون مذبحة الجوازي في نهار شهر رمضان وذبحوا العشرات من أبناء القبيلة وهم صائمون، بعد خلاف كبير بين الوالي العثماني يوسف باشا القرمانللي وابنه محمد.
وبعد هروب محمد الابن عدة أشهر خوفا من بطش أبيه، احتضنته قبيلة الجوازي القوية والمعروف عنها الكرم حتى انتهى الخلاف بين الطرفين، غير أن الحاكم العثماني لم ينسَ للقبيلة ما فعلته.
بدأت المجزرة حين فتح القرمانللي قصر لشيوخ القبيلة حين زاره وفد منهم لطلب العفو والصفح وتخفيض الضرائب المفروضة عليهم، إلا أن الوالي وضع مخططا خبيثا لتصفيتهم.
وحين وصل 45 من شيوخ (الجوازي) إلى قلعة القرمانللي في مدينة بنغازي، استقبلهم الوالي العثماني بقناعه الخبيث الذي خلفه وجهه الدموي، وفي حين كان ابن الوالي العثماني يبشر مشايخ القبيلة بعفو أبيه، دخل الحراس شاهرين سيوفهم لتنفيذ حكم الذبح والقتل الصادر عنه بحق الشيوخ العزل ثم انهال على أطفال ونساء القبيلة بالذبح أيضا.
بدت جرائم الأتراك في ليبيا وكأنهم لن يتركوها أبدا، إلا أنهم وفي عام 1911، تنازلوا عنها بكل سهولة للقوات الإيطالية بعد أن قصفت الأراضي الليبية؛ حيث لاذ العثمانيون بالفرار، لتقف القبائل الليبية وحيدة في وجه المحتل المدجج بأسلحة حديثة فيما طعنهم الأتراك في الظهر بتوقيع معاهدة الصلح في العام التالي مع روما، في اتفاقية أوشي، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1912.
هذا المشهد الليبي أعاد لأذهان التونسيين ما فعله أجداد أردوغان لوطنهم، بعد 3 قرون من الاحتلال العثماني لهم، استمر فيها غزوهم وقتلهم ورفع معدلات الفساد والرشوة، قبل أن يسلمها السلطان عبدالحميد الثاني للفرنسيين في عام 1881.
وتصف كتب دراسية لطلاب تونس أن العثمانيين استعمروا أراضي العرب باسم الدين الإسلامي، واخترعوا كذبة الخلافة لاستعباد أصحاب لغة القرآن طيلة 4 قرون، وعاثوا فيها قتلا ونهبا، وسفكا للدماء، وأهانوا شيوخ القبائل في ولايات شمال أفريقيا.
ويتذكر العراقيون جيدا فرمان السلطان العثماني محمد رشاد، في 3 أغسطس/آب 1914، حين دعا الرجال البالغة أعمارهم بين (15 و45 عاما) من رعايا الدولة العثمانية، ومن بينهم رعايا البلاد العربية إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية.
وقد حمل هذا الفرمان (سفر برلك) أو النفير العام، وأطلق البغداديون عليها أيام الضيم والهلاك، للرد على إعلان روسيا وبريطانيا الحرب على الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
وحملت هذه الأيام اسم (الهلاك) بعد أن نقل الجيش العثماني الآلاف من شباب العراق كجنود مقاتلين، وسيروهم إلى جبهة القفقاس، حيث هلكوا جوعا وبردا، ولم يعد منهم سوى نفر يعدون على الأصابع، وفي تلك الحرب قتل ما لا يقل عن 80% من الجنود العراقيين.
وخلال هذه الحرب أيضا، أقدم العثمانيون على إعدام نخبة من المثقفين العرب من مختلف مدن سوريا ولبنان، بزعم التعاون مع الاستخبارات البريطانية والفرنسية للتخلص من الحكم العثماني.
وقد نفذ القائد العسكري العثماني (جمال باشا) أحكام الإعدام هذه شنقا على دفعتين: واحدة في 21 أغسطس/آب 1915 وأخرى في 6 مايو/أيار 1916 في كل من ساحة البرج ببيروت، فسميت ساحة الشهداء، وساحة المرجة في دمشق.
واليوم وبعد مرور عشرات السنين تسعى الدولة العثمانية لتكرار احتلالها لليبيا وتحديدا العاصمة طرابلس بذريعة حمايتها، وترديد أكاذيب بوجود ما يقرب من مليون مواطن تركي في ليبيا، ويخطط أردوغان لاحتلال طرابلس ونهب ثرواتها في إطار الاتفاق المشبوه الموقع مع السراج.
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز