اختبار العملة الإثيوبية.. التعويم أم تشوهات السوق؟
يستمر البر الإثيوبي في مواجهة ضغوط على قيمته خلال الربع الأول من السنة المالية 2025/2026، في ظل تشتت سوق الصرف الأجنبي واختلاف واضح في الأسعار بين البنوك التجارية.
ووفق أحدث تقرير ربع سنوي للتحديث الاقتصادي الكلي صادر عن الجمعية الاقتصادية الإثيوبية، تراجع البر بنسبة 8.1% أمام الدولار الأمريكي ليبلغ 146.4 بر/دولار بحلول 30 سبتمبر/أيلول 2025، بما يعكس تصاعد ضغوط التكيف بعد أكثر من عام على الانتقال إلى نظام سعر الصرف العائم.
وتبدأ السنة المالية الإثيوبية في الـ8 من يوليو/تموز وتنتهي في الـ30 من يونيو/حزيران من كل عام
تفتت السوق وارتفاع تكاليف المعاملات
يشير التقرير إلى اتساع استقلالية البنوك التجارية في تحديد أسعار الصرف، ما أفضى إلى فروق ملحوظة في الأسعار. ووفق بيانات نهاية سبتمبر/أيلول، تجاوز الفارق بين أعلى وأدنى أسعار الشراء لدى البنوك 14 برا، مع تباين مماثل في أسعار البيع.
ويُسهم هذا التسعير المتدرج المدفوع باعتبارات السيولة والاستراتيجيات الفردية لكل بنك في زيادة تكاليف المعاملات على الشركات، ويعكس ضعف عمق سوق الصرف بين البنوك وغياب سعر مرجعي موحد.
تقارب نسبي بين الرسمي والموازي
على الجانب الإيجابي، سجل التقرير تضييقا ملحوظا للفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي. بانخفاض الفجوة من 18.4% في مطلع يوليو/تموز إلى 13.7% بنهاية سبتمبر/أيلول.
ويُعزى هذا التقارب إلى مزادات النقد الأجنبي التي ينفذها البنك المركزي، إلى جانب تكثيف حملات الرقابة على التجارة غير المشروعة، ما أسهم في تعزيز مصداقية نافذة الصرف الرسمية.
تحسن تنافسي ملحوظ للأسعار الخارجية
تحسنت القدرة التنافسية الخارجية من زاوية الأسعار، حيث انخفض مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي بنسبة 26.4% على أساس سنوي. ويجعل هذا الانخفاض السلع الإثيوبية أكثر تنافسية في الأسواق الدولية، بما يدعم آفاق الصادرات ويعزز الصناعات البديلة للواردات على المدى المتوسط.
مكاسب تصديرية وضغوط استيرادية
على الصعيد العالمي، واجه الاقتصاد الإثيوبي صدمة مزدوجة في أسعار السلع. فقد أسهم الارتفاع القوي في أسعار الصادرات الرئيسية الذهب (+39.5%) والبن (+37.3%) على أساس سنوي في تعزيز إمكانات عائدات التصدير.
غير أن هذه المكاسب توازت مع زيادة حادة في تكلفة الواردات الأساسية، ولا سيما الأسمدة، حيث ارتفعت أسعار اليوريا بنسبة 43.3%، بما يفرض ضغوطا على الإنتاجية الزراعية ويغذي مخاطر التضخم المحلي.
آفاق الطلب الخارجي
وتبدو آفاق الطلب الخارجي مواتية نسبيا، مدفوعة بنمو قوي لدى شركاء تجاريين رئيسيين مثل الولايات المتحدة ،الهند، الصين، منطقة اليورو، كينيا، ما يدعم عودة الطلب التجاري الإقليمي.
ويخلص التقرير إلى أن المشهد الاقتصادي الكلي في إثيوبيا يظل رهين تفاعل معقد بين إصلاحات سوق الصرف الأجنبي المحلية وتقلبات البيئة العالمية. ويؤكد ضرورة تعميق إصلاحات السوق، وتعزيز السيولة وعمق سوق ما بين البنوك، والإدارة الاستراتيجية للصدمات الخارجية، إلى جانب تنسيق أقوى للسياسات النقدية والمالية، لضمان عبور مستقر لهذه المرحلة المفصلية.