المهاجرون العراقيون يُفضلون جحيم بلادهم عن "جنة أوروبا"
أعداد كبيرة من المهاجرين العراقيين في أمريكا وأوروبا يعربون عن خيبة أملهم ورغبتهم بالعودة إلى أرض الوطن.
يبدو أن العراقيين الباحثين عن الأمان في الهجرة إلى دول أمريكا وأوروبا لم يجدوا ما كانوا يبحثون عنه حين وصلوا إلى تلك البلدان؛ ليواجهوا معاملة سيئة من حكوماتها.
- 80% من المهاجرين لأوروبا يفرون من الحروب وليس بحثا عن المال
- توسك يستنكر "نفاق" دول العشرين تجاه أزمة الهجرة
وحسب تقارير نشرتها وسائل إعلام عراقية، فإن الأعداد الكبيرة للمهاجرين التي تدفقت بشكل واسع إلى دول أوروبا وأمريكا، الأعوام الماضية، رافقها خوف هذه الدول من انتقال "إرهابيين" إليها عن طريق هؤلاء المهاجرين.
في حين تلقت هذه الدول تهديدات صريحة أعلن عنها تنظيم "داعش" الإرهابي، ثم تنفيذ تفجيرات وهجمات إرهابية في بعض منها، كشف التنظيم مسؤوليته عنها، تسببت في اتخاذ هذه الدول إجراءات تضييقية ضد المهاجرين.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أوقف قاضٍ اتحادي، الخميس، ترحيل كل المواطنين العراقيين الذين اعتقلوا خلال حملات على المهاجرين في الفترة الأخيرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حتى 24 يوليو/تموز على الأقل، وكان من المقرر أن تنتهي المهلة المتاحة للعراقيين يوم الاثنين 10 يوليو/تموز المقبل.
وقال القاضي مارك جولد سميث، في ديترويت، إن هناك أسبابًا مقنعة لمد أجل إقامتهم مثلما طلب الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية.
ويقول الاتحاد إن من اعتقلوا في حملات للسلطات المعنية بالهجرة، في يونيو/حزيران الماضي، ومعظمهم في ميتشغان وتنيسي، سيواجهون الاضطهاد والتعذيب أو الموت إذا جرى ترحيلهم للعراق.
وكان قد ألقي القبض على 199 عراقيًا، معظمهم في منطقة ديترويت وناشفيل، من الكلدان الكاثوليك والأكراد العراقيين، ويقول المنتمون إلى المجموعتين إنه من الممكن استهدافهم بهجمات في العراق كونهم من الأقليات.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير سابق لها، إن الاتحاد الأوروبي ككل فشل في إظهار القيادة والتضامن في مواجهة أكبر أزمة نزوح في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.. وتؤكد المنظمة أن 85% من الذين وصلوا عن طريق البحر قدموا من أكبر 10 دول مصدّرة للاجئين في العالم، ومن بينها العراق.
لكن الخلاص الذي كان العراقيون يرجونه في وصولهم لبلدان أوروبا وأمريكا، لبناء مستقبل أفضل بعيدًا عن الإرهاب والجماعات المسلحة والتطرف والصراعات الدائرة، لم ينالوه بالسهولة التي تصوروها، إذ فُرضت عليهم قوانين صارمة.. بل ووضعوا في أماكن بعضها لا يقاوم الطقس في الشتاء، وكان عليهم البقاء على حالهم هذه لفترة طويلة؛ حتى تتخذ حكومات تلك البلدان قرار قبولهم كمهاجرين.
وذكرت تقارير إعلامية ألمانية، في وقت سابق من العام الماضي، أن عشرات العراقيين، الذين دخلوا ألمانيا طلبًا للجوء يشعرون بخيبة الأمل، بعد أن وصلوا عن طريق التهريب، موضحة أن الحياة في أوروبا ليست خالية من المنغصات، وليست الجنة الموعودة لطالبي اللجوء.. وتابعت أن أغلب المهاجرين يعيشون في غرف مشتركة تضم الواحدة منها أكثر من 5 أشخاص، ما يجعلهم لا يشعرون بالارتياح مع فقدان الخصوصية، في حين لا يجد معظمهم عملًا.
ومن جهتها، كشفت أجهزة الهجرة في فنلندا، عن رغبة 70 % على الأقل من طالبي اللجوء العراقيين في العودة إلى بلادهم، بسبب عوامل عدة، أبرزها المناخ.
وبحسب منظمة الهجرة الدولية، فإن معظم العراقيين الذين لجأوا إلى أوروبا كانوا قد وصلوا إلى نتيجة مفادها أنه لا مستقبل لهم في العراق، والعديد منهم كانوا قد غادروا بالفعل بلدانهم التي سقطت تحت سيطرة داعش، أو كانوا يعيشون في مناطق تشتعل فيها المعارك بين المسلحين والقوات الحكومية.
ويبدو أن الترحيب الذي أبدته المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، باللاجئين كان عامل جذب لكثير من هؤلاء، الذين اتخذوا قرارات متسرّعة، فلجأ كثير منهم إلى الهرب هم وعائلاتهم والتضحية بما يملكون في سبيل الوصول إلى ألمانيا ودول أوروبا.
وقال ناجح المرزوقي (55 عامًا)، أحد المهاجرين، وهو يهم بمغادرة ألمانيا عائدًا إلى العراق، "اعتقدت أن حياتي ستكون أفضل في ألمانيا، ولكنني فوجئت بالعكس، أنا محبط لأنني لم أجد راحتي النفسية في هذا البلد"، وفقًا لإذاعة صوت ألمانيا.. المرزوقي الذي قدم إلى ألمانيا عبر ما يسمى بـ "طريق البلقان"، وهي رحلة شاقة كلفته 24 ألف دولار -على حد قوله- لا يريد الانتظار أكثر، وكل ما يريده هو العودة إلى موطنه العراق.
وتابع "اضطررت لتغيير مخيمات اللجوء أكثر من مرة، كما أني تقاسمت غرفة صغيرة مع لاجئين آخرين غرباء، حيث أن الخدمات الاجتماعية سيئة جدًا، كالأكل والشرب والملبس، علاوة على ذلك لم نحصل على مساعدات مالية من الحكومة، لقد صرفت كثيرا من الأموال هنا وهذا يكفي".
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA== جزيرة ام اند امز