العائدون من داعش.. ملف "مغلق" أوروبيا "مؤجل" عربيا
مئات الإرهابيين الدواعش لا يزالون محتجزين في سوريا وترفض دول أوروبية استقبالهم، بينما لا يزال الموقف مؤجلا عربيا.
مع اقتراب الإعلان النهائي للنصر على داعش مع ترقب سقوط آخر جيوب التنظيم الإرهابي شرق سوريا أصبح السؤال عن مصير المئات من عناصره سواء الموقوفة قضية شائكة في ظل مخاوف دول يحملون جنسياتها من استعادتهم.
لكن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بريطانيا وفرنسا وألمانيا لاستعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم داعش دفعت القضية لواجهة المشهد السياسي والأمني.
- مطالب بسحب جواز السفر الألماني من إرهابيي "داعش" مزدوجي الجنسية
- وثيقة استخباراتية ألمانية: فرع داعش بليبيا علم بهجوم برلين قبل تنفيذه
وطالما حذرت تقارير أمنية غربية من قدرة عناصر داعش على استخدام السجون كبؤر لاستقطاب كوادر إرهابية جديدة وتشكيل خلايا نائمة.
وبينما بدأ السؤال يتردد في أروقة الحكومات الغربية لا يزال السؤال نفسه غير مطروح في البلدان العربية التي تواجه الإشكالية نفسها، ليظل مؤجلا يوما بعض الآخر.
ووفقا لبعض الإحصائيات، يشير معهد كويليام البريطاني والمرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن عدد عناصر تنظيم داعش الإرهابي بلغ 50 ألف إرهابي، ومن بين هؤلاء هناك 3 آلاف تونسي، ومثلهم من الأردنيين، و2500 من السعودية، و900 لبناني، و360 مصريا، بالإضافة إلى 8 آلاف أفريقي، و900 شخص من جنوب آسيا، بجانب الأوروبيين.
بريطانيا نموذجا
الخبير العسكري اللواء جمال مظلوم أبدى تخوفه من فكرة فتح الدول العربية أبوابها أمام الدواعش العائدين من الحرب في سوريا والعراق، مستشهدًا بما شهدته دول أوروبية من عمليات إرهابية نفذها عائدون من بؤر الصراع المسلح بالشرق الأوسط.
اللواء مظلوم وضع حلا بديلا يتمثل في إمكانية استقبال هؤلاء الإرهابيين مع إخضاعهم للمحاكمة؛ لكن مع الوضع في الاعتبار أن من شارك منهم في أعمال قتل للأبرياء أو تفجير للمؤسسات، تصعب إعادة دمجهم في المجتمعات العربية، وما دون ذلك يمكن التفكير في أمرهم.
واستند في حديثه إلى رفض السلطات البريطانية استعادة الفتاة الشهيرة بـ"عروس داعش"، والتي رفضت لندن الاستجابة لعودتها بعد إسقاط الجنسية عنها.
جرائم لا تسقط
من جانبه، طالب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب المصري، باستمرار ملاحقة الإرهابيين الدواعش على المستوى الدولي، وإخضاعهم لمحاكمات على جرائمهم التي اقترفوها.
غير أن أبو حامد شدد على أن توقف عناصر داعش عن القتال لا يعني التغاضي عما فعلوه، منبهًا إلى أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بمرور الوقت، ولا يجوز السماح لهم بالعودة إلى أوطانهم دون مساءلة "وكأن شيئا لم يكن".
واستعان البرلماني المصري بتجربة بلاده، خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، مع السجناء الإرهابيين، حين تم إطلاق مبادرة "المراجعات الفكرية"، مؤكدا أن بعضهم استجاب وتم دمجه في المجتمع بشكل طبيعي والبعض الآخر عاد إلى سيرته الإرهابية الأولى مثل عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي.
التجربتان المصرية والسعودية
في الوقت نفسه، اعتبر عمرو فاروق، الباحث في الحركات الإسلامية بمصر، أنه قبل السماح بعودة الدواعش من مناطق الصراع إلى أوطانهم الأصلية، يجب على الحكومات العربية "توفير البيئة المناسبة" لاستقبالهم وإعادة تأهيلهم بعد محاكمتهم.
فاروق نبه إلى بعض التجارب العربية التي حققت نوعا من النجاح في هذا الملف، وعلى رأسهم التجربة المصرية، التي تمكنت من القضاء على 70% من العمليات الإرهابية عبر مبادرتين تبنتا وقف العنف وإعادة المتطرفين إلى رشدهم، وساعدتا بالفعل على تجفيف منابع الفكر المتطرف والإرهابي خلال حقبة زمنية صغيرة.
وأوضح أن عمليات التأهيل النفسي والفكري، خلال تأدية فترة العقوبة على مثل هذه العناصر، بالتزامن مع المتابعة الأمنية المستمرة، أمر يمكن تحقيقه، مثلما حدث في السعودية عبر التأهيل الفكري للجماعات المتطرفة والمتشددة، من خلال إنشاء مركز اعتدال.