الخذلان الأوروبي.. كيف تحولت "أوكرانيا إلى "شأن أمريكي"؟
اعتبر محللون أن الحرب الجارية في أوكرانيا الآن تمثل أهم لحظة اختبار في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت "ناتالي توكي" في تحليل نشرته صحيفة "بوليتيكو" إن مصير المعارك الجارية ليس وجوديا "فقط" بالنسبة لأوكرانيا وروسيا، ولكن من المحتمل أن يشمل القارة بأكملها، وسيحدد مستقبل أوروبا لعقود قادمة.
وقالت توكي إن أوروبا تفهم ذلك، لكنها لا تزال تقدم القليل في هذه الحرب.
وفي حين شهدت الأشهر الماضية خطابات وزيارات حماسية لأوكرانيا من قبل قادة الكتلة، فضلا عن بعض مظاهر الدعم الذي أبداه الأوروبيون من حيث عرضهم الألوان الزرقاء والصفراء لأوكرانيا حول منازلهم والمباني العامة وعلى ملابسهم؛ وكذلك فتح العديد منهم حدودهم ومنازلهم لملايين لاجئي الحرب الأوكرانيين، لكن دعم أوروبا لكييف لا يزال لا يرقى إلى مستوى أهمية اللحظة التاريخية.
وألقى التحليل الضوء على 8 حزم من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، وقال إنها غير مسبوقة بحق موسكو. وأشار إلى إرسال الأوروبيين أسلحة ومساعدات عسكرية إلى كييف، كدول منفردة وككتلة. فإلى جانب المساعدة الثنائية التي قدمتها الدول الأعضاء، قام الاتحاد الأوروبي بتسهيل مليارات الدولارات من الدعم العسكري لأوكرانيا.
وأعلن الممثل الأعلى جوزيب بوريل عن زيادة تلك المساعدة من 2.5 مليار يورو إلى 3 مليارات يورو، بالإضافة إلى إطلاق مهمة للاتحاد الأوروبي لتدريب الجيش الأوكراني.
لكن مع ذلك، فإن هذا كله يبدو قليلاً إذا ما قورن بما تقدمه الولايات المتحدة التي وافق مجلسها التشريعي؛ الكونغرس، على تقديم أكثر من 50 مليار دولار خلال الربيع لأوكرانيا.
ورغم الخطوات التي اتخذتها أوروبا، إلا أنها لا تزال متخلفة عن واشنطن، بما جعل "الدفاع عن أوكرانيا" إلى حد كبير "شأنا أمريكيا". فبدون دعم الولايات المتحدة، من المحتمل أن تكون كييف قد سقطت قبل اليوم.
ولا يتخلف الأوروبيون فقط في الدعم العسكري، بل أيضا في دعمهم الاقتصادي. فقد خصصت الولايات المتحدة 52 مليار يورو كمساعدات عسكرية واقتصادية وإنسانية، بينما، وفقًا لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، التزمت أوروبا مجتمعة بمبلغ 29 مليار يورو منذ بداية الحرب.
والأوروبيون مقصّرون حتى في الوفاء بتعهداتهم. فقد وافق الاتحاد الأوروبي على صرف 5 مليارات يورو في شكل قروض طويلة الأجل بحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول، ومع ذلك، وصل أقل من نصف هذا المبلغ إلى أوكرانيا إلى الآن - وتحتاج كييف إلى حوالي 5 مليارات يورو شهريًا.
وفي غضون ذلك، أعلنت واشنطن مؤخرًا أنها ستزود أوكرانيا بـ 1.5 مليار دولار شهريًا.
وانتقد التحليل التخاذل الأوروبي وقال إن الاتحاد الأوروبي يدفع ثمنًا أكبر بكثير من خلال تحمل تكاليف ملايين اللاجئين الأوكرانيين، الذين يتمتعون بالحماية المؤقتة داخل الكتلة على الأقل حتى عام 2024.
وأشار إلى أن وطأة انتقام الطاقة الروسي ضد العقوبات الغربية، والتهديدات النووية التي تثار بين وقت وآخر، يجب أن تدفع أوروبا إلى التدخل والإسهام بشكل أكبر في سيرورة المعركة.
واعتبر التحليل أنه في حين أن الولايات المتحدة تعمل لضمان "خسارة روسيا"، فإن الاتحاد الأوروبي وحده هو من يمكنه ضمان فوز أوكرانيا.
فاستعادة السيادة ووحدة الأراضي شرط ضروري لانتصار أوكرانيا، أو قد تتحول إلى دولة شديدة العسكرة وثقب أسود اقتصادي، الأمر الذي سيكون مأساة لأوكرانيا وأوروبا على حد سواء.